شخصية ضابط المخابرات المصري، قام بها العديد من النجوم بدءاً من صلاح قابيل في مسلسل "دموع في عيون وقحة" حتي محمود الحديني في مسلسل "السقوط في بئر سبع" ومروراً بيوسف شعبان في "رأفت الهجان". هشام سليم يقدم شخصية ضابط المخابرات لأول مرة في تاريخه، فعلي الرغم من تقديمه لدور رجل الأمن في أكثر من عمل لم يقدم هذه الشخصية المركبة التي يجسدها في "حرب الجواسيس" فهي تختلف عن كل ما قدمه من قبل، لأن الشخصية تكتسب قيمتها من الصراع العقلي والنفسي الذي تشارك فيه بين ضابط حريص علي مصلحة وطنه وجاسوس خائن يضع رقبته تحت رحمة الموساد، لكن "السيد عادل" الذي يلعب دوره هشام سليم يحاول أن يحرك خيوط اللعبة لصالحه ويجند سامية فهمي لكي ترجح كفة المخابرات المصرية. هشام سليم باطلالته المميزة وابتسامته المشبعة بالذكاء وعينيه الثاقبتين، أدي دور ضابط المخابرات بعمق شديد وتلقائية كبيرة وساعده علي ذلك مظهره الأنيق وملامحه الجادة بالإضافة إلي حالة الهدوء والتركيز التي كان يتابع بها الأحداث، وأعتقد أن هشام سليم قد نجح في رسم ملامح الشخصية بأبعادها الجسمانية والنفسية بطريقة جعلته يختلف عن كل الذين قدموا هذا الدور من قبله، فقد خرج من إطار النمط الثابت الذي يعرف به ضابط المخابرات إلي أداء تمثيلي رائع بعيد عن التكلف أو التصنع أو ادعاء الحركات والتشدق ببعض العبارات، إنما مكنه بشير الديك من خلال السيناريو أن يدير حواراً مع منة شلبي علي أعلي مستوي فهو يستدرجها في الكلام أحياناً ويداعبها أحياناً أخري، ولكن في بعض الأوقات يكشر عن أنيابه ويستبد به الغضب عندما يشعر بأنها تراوغه خوفاً علي حبيبها، ومن خلال هذا الأداء المتزن أضاف هشام سليم للدور ولم يحرقه بالانفعال الزائد أو الاستعراض، ومن الواضح أنه قرأ رواية صالح مرسي جيداً ودرس الشخصية التي يؤديها في علاقتها بباقي الشخصيات ووفر لها الطاقة الفنية التي جعلتها من أنجح أدواره علي الشاشة الصغيرة. ويحسب لهشام سليم أنه لا يتعرض في سياق المسلسل لجريمة جاسوسية عادية وإنما يصطدم كضابط مخابرات بمشكلة شائكة يختلط فيها الجانب العام بالجانب الشخصي لأن حب نبيل لسامية فهمي هو الدافع الأساسي لبحثه عن المال، وحبها له الذي جعلها تسعي للسفر إليه إلا أن قيمة المسلسل الحقيقية تتمثل في أن حب سامية فهمي لبلدها كان أكبر من أي شيء آخر، وهو الأمر الذي فتش عنه هشام سليم كضابط مخابرات واستغله كخيط سحري لتجنيدها لصالح وطنها وكان ذلك علي حساب حبها للشخص الذي تعلقت به، لقد نجح هشام سليم في فرض نفسه بسلاسة وهدوء داخل هذه الشبكة من التوترات والأمور الشخصية، وهو أمر لا يمكن أن يكون سهلاً علي الإطلاق إذا لم يقم به هشام سليم بأداء ناعم وتمثيل مفعم بالسلاسة والانسيابية. لقد عكس هشام سليم مهابة المخابرات المصرية وحرصها علي أن تكون في موقع الند لكل من تسول له نفسه أن يبيع انتماءه لوطنه أو يفرط في أسراره، وبذل الجهد الكبير من أجل إيقاف أية محاولة من جانب الموساد الإسرائيلي لتنفيذ ذلك، وقد فرض الدور علي هشام سليم أن يدخل في مطاردة طويلة مع نظيره الإسرائيلي الذي يجسد دوره باسم ياخور، ولكن المقارنة السريعة بينهما توضح أن هشام سليم لم يلجأ إلي الزعيق أو التلويح بيده أو البحلقة بعينيه ولم يتحدث بالطريقة الخطابية التي كان يتكلم بها باسم ياخور وإنما سلك طريقاً آخر في الأداء ليصل إلي القلوب من أقصر طريق. استطاع هشام سليم أن يصل إلي قمة تألقه ونجوميته من خلال دور مميز يعتبر علامة مهمة في تاريخه الفني، تضاف إلي أعماله السابقة مثل "الراية البيضا"، و"أماكن في القلب" وشخصية العمدة في الجزء الأول من "المصراوية" فعندما تنظر إلي قائمة أعماله تندهش لأنك تجد تاريخاً فنياً ذا ثقل كبير يضم دلائل أكيدة علي روعة هذا الفنان بدءاً من "عودة الابن الضال" و"إمبراطورية ميم"، مروراً ب"الأراجوز".. حتي "يا دنيا.. ياغرامي" ولم يكن هذا التألق في السينما فقط وإنما في الدراما أيضا من خلال "ليالي الحلمية" "ومحمود المصري" و"الحرافيش" ولا تجد دوراً واحداً قد شارك به هشام سليم، ولم يطور فيه أداءه أو يحقق به نوعاً من التميز، حيث اقترن التمثيل بالموهبة واختيار الأدوار بعمق الأداء. هشام سليم رمانة الميزان في مسلسل "حرب الجواسيس" ولولاه لتعطل الإيقاع السريع الذي حرص عليه نادر جلال فهو ممثل يضيف إلي العمل وبدونه يفتقد المسلسل إلي العديد من الأشياء. فقد جسد شخصيته الضابط النبيل الذي ينبض قلبه بالوطنية حتي تحول إلي رمز لكل أبناء الوطن.