علي الرغم من أن شهر رمضان يعد شهر الابتهال الديني إلا أن الراصدين لحركة الابتهال الديني في مصر يجدون أن هناك تراجعاً واضحاً للابتهال الديني ليس في شهر رمضان فحسب وإنما في كل أوقات العام. ولقد تعددت أسباب ضعف الابتهالات الدينية في رمضان الآن والتي أثرت علي مستوي المشايخ وجعلتهم يبحثون عن حجج مختلفة لكي يعيدوا إحياءها كما كانت من قبل. ومع ذلك فقد اتفق المبتهلون فيما بينهم علي أن التلوث السمعي هو أهم أسباب تراجع الابتهال الديني وطالبوا بضرورة إنشاء نقابة للمبتهلين لأنها الحل الأمثل من وجهة نظرهم للمحافظة علي التراث القديم وإعادة مجد الابتهال لاسيما في المناسبات الدينية التي تكثر في شهر رمضان المبارك. في البداية يؤكد محمد الهلباوي شيخ المبتهلين أن ضعف الابتهالات الدينية يرجع الي عدم اختيار النص الجيد الذي يدخل في قلوب المستمعين والاهمال في اختيار الحروف الجيدة التي يجب ان تتناسب مع طبقات الصوت وبالتالي تكون اجتهاداتهم متطابقة مع من سبقوهم. ويضيف أن فن الانشاد الديني في مصر والعالم كله ينقسم إلي ستة أقسام وهي: “الابتهالات الدينية والانشاد الديني والتواشيح الدينية والغناء الديني والمدح الشعبي الديني والاناشيد الدينية” مؤكدا أنه لابد وأن يكون المبتهلون علي دراية بهذه الانواع كي يترقوا بأدائهم للابتهال الديني ويجذبوا المستمعين بعيدا عن التلوث السمعي الذي تثيره بعض شرائط الكاسيت. ويتفق معه المبتهل الشيخ “حسن قاسم” ويري أن المبتهلين غير مثقفين كما أنهم يفتقدون القدرة علي الانتقائية ولا يمتلكون ملكة الاحساس بالكلام الذي يقولونه أي يعتمدون علي الحفظ فقط. ويشير الي أنه قد استثمر شهرته في إذاعة القرآن الكريم، والتي جعلته يغني في الأمسيات الثقافية والافراح الاسلامية حتي تراوح أجره من 5 الي 10.000 جنيه في الساعة الواحدة، كما يؤكد المبتهل “رفيق النكلاوي” أن التلوث السمعي الذي نعاني منه بفعل الشرائط الهابطة وليس بسبب التواشيح والاغاني الدينية. ويؤكد الشيخ “علي الحسني” المبتهل بالاذاعة والتليفزيون والذي تم اعتماده عام 1996 أن تراجع الابتهال سببه عدم اتباع المدارس القديمة لفن الابتهال والتي كان من روادها الشيخ “النقشبندي” الذي كان يبحث عن النص في جميع المناسبات مثل: رجب وشعبان ورمضان ويوم عاشوراء ومن هنا يعتقد أن الحل الامثل هو إنشاء نقابة للمبتهلين لكي تجمعهم ويستفيدوا من خبرات زملائهم. فيما يوضح الشيخ “فوزي عبدالغفار” المبتهل المعتمد بالاذاعة المصرية عام 1988 أن الابتهال مدرسة تقوم علي أساس وجود فرقة تبدأ من ثلاثة إلي عشرة أفراد والذين يرددون نفس المقطوعة التي يتم تأليفها بواسطة كبار الملحنين، مشيرا الي أن الابتهالات الآن عبارة عن فن ارتجالي أي يقوم به مبتهل منفرد بدون ألحان، ويشير الي أن 50٪ من المبتهلين الآن لا يجيدون المقامات الموسيقية. ويري الشيخ “علي الزاوي” المعتمد في الاذاعة عام 1972 أن عودة الابتهال الي ما كان عليه يتطلب إجادة المبتهلين للمقامات الموسيقية علي حدة وفي نفس الوقت حفظ القرآن الكريم، مشيرا الي أنه حفظ القرآن علي يد الشيخ “أحمد عامر” ودرس الموسيقي علي يد الشيخ “علي محمود”.