لم يسلم الموتي من المتعدين علي الأراضي حيث اقتطعوا من المساحات المخصصة لدفنهم ليبيعوها كأرض مباني ويتخذ موتها وسيلة لجني المزيد من الأرباح ... هذا ما حدث لقطعة من الأرض تبلغ مساحتها فدانين كانت تتبع مقابر العرب وتقع في زمام أبو زعبل بمحافظة القليوبية ليتحول الأمر إلي نزاع وتصبح جثث الموتي هي الضحايا. وداخل منطقة حوض الدبدبة يقع مسرح الأحداث فإلي جوار الطريق منازل تم بناؤها بطريقة عشوائية وكأن أصحابها أرادوا بذلك أن يحتجزوها لأنفسهم فقاموا بوضع بعض القوالب الطوبية التي تراصت بشكل غير منتظم مكونة منطقة عشوائية مقابلة للمنازل التي تقع داخل الحيز العمراني. وخلف تلك العشش التي أقامها أصحابها ولم يقطنوا بها توجد قطعة من الأرض عليها مقابر حديثة البناء يجاورها قطعة من الأرض الزراعية الممتدة لمسافات كبيرة واسعة. منطقة تاريخية صحبنا في جولتنا مصلح إبراهيم عودة - رئيس المجلس الشعبي المحلي بالعرب - الذي أشار إلي أن المقابر حديثة تم بناؤها منذ قرابة 3 سنوات فقط مؤكدًا أن تلك المقابر تم إقامتها بمعرفة الأهالي بعد أن قاموا بشرائها من أحد رجال الأعمال بالمنطقة فظن المواطنون بأنها تصلح لدفن قواتهم خاصة أن الأرض ملاصقة للمقابر القديمة بمنطقة عرب العليقات التي تجاوز عمرها ال 200 عام، كما قام آخرون بشراء جزء من الأرض وأقاموا عليها بعض المنازل. ويوضح مصلح عودة أن قطعة الأرض تتبع في ملكيتها للدولة وقد قام الشقيقان (ع. س، س. س) بزراعتها أولاً ثم جرفاها وقاما ببيعها دون تسوية أوضاعها أو شرائها من الدولة كما تم البناء عليها بدون ترخيص أو موافقة من الجهات المختصة وكان من ضمن تلك القطعة أراض مجاورة لمقابر عرب العليقات وتم البناء عليها هي الأخري خارج الحيز العمراني، وتقدر مساحة الأرض التي قاموا بتبويرها والتي تدخل المقابر في محيطها أكثر من خمسة أفدنة أراض زراعية. وترتب علي ذلك الفعل أن أصبح ملاك الأرض الجدد في مأزق ينتظرون الحملات التفتيشية المفاجئة خائفين من إزالة مقابرهم ومنازلهم إذ أن هناك ما يقرب من 100 عين (مقبرة) مخالفة بالإضافة إلي 13 منزلاً. تجريف الأرض أزمة وضعوا فيها دون علم مسبق بها هكذا وصف المواطنون ممن قاموا بشراء الأراضي حالهم مؤكدين عدم علمهم بتجاوز مالك الأرض وتجريفه لأراض زراعية. طارق مصلح أبو السعود - أحد المزارعين ممن قاموا بالبناء علي تلك الأرض بالمخالفة - يقول: انتقلت مؤخرًا للعمل بمركز الخانكة واضطررت للبحث عن منزل لأقوم بشرائه ولكن باءت محاولاتي بالفشل فقمت بشراء قطعة أرض وما يسيئها أنها تقع وسط المقابر ولكنها منخفضة القيمة إذ حصلت علي القيراط الذي أنشئت عليه المنزل ب10 آلاف جنيه فقط علي الرغم من أن الأراضي المجاورة تبدأ أسعارها من 35 ألف جنيهًا للقطعة الواحدة التي تكفي لبناء منزل وبالفعل قمت بالبناء وانتقلت وأسرتي للسكن به كما أدخلت المرافق ولم يعد ينقصه أي شيء ودون أي مقدمات فوجئت بحملات إزالة كادت تطيح بأحلامي وتشرد أسرتي دون علمي المسبق بكون تلك الأرض صالحة للزراعة من عدمه، وها نحن ننتظر مصيرنا بعد أن ضاعت أموالي التي أنفقتها لبناء المنزل وتجهيزه، وبعد أن قمت ببيع المنزل الآخر الذي كان يأوي أسرتي. مأساة أخري تعيشها جمالات الصاوي - زوجة أحد المزارعين - التي تقول جمعنا كل أموالنا التي ادخرناها طوال سنوات عمرنا لشراء قطعة أرض تصلح لبناء منزل ليتزوج به أبنائي الأربعة، وحينما وجدنا غايتنا كانت تلك الأرض المجاورة للمقابر.. نصحنا البعض بعدم الشراء لوجود بعض المشاكل المحتدمة علي تلك الأرض لم تلق بالا لتلك المشكلات فقد كان ما يعنينا أن الفرصة متاحة لشراء قطعة أرض بأبخس الأسعار وبالفعل قمنا بشرائها وقمنا برص بعض القوالب الطوبية جنبًا إلي جنب كتجديد للأرض حتي لا يتعدي عليها آخرون.. وبالرغم من قربها من المقابر إلا أن المقابل المادي لشرائها أغرانا كثيرا وجعلنا نغض النظر عن ذلك العيب لذا فل نترك تلك الأرض فهي كل ما نملك. الحيز العمراني ويختلف الحال مع محمد حسين حيث قام بشراء قطعة الأرض لتأسيس مقبرة عليها ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كما أشار فقد علم مؤخرًا بتلك المشاكل المتعلقة بالأرض فقد تردد أن المساحة التي تقع بها المقبرة خارج الحيز العمراني بعد أن قام مالك الأرض الذي ادعي ملكيته لها علي أنها أرض مباني بتغيير العلامات المساحية لتدخل أرضه داخل الحيز العمراني الجديد. كذلك حال محمود السيد الذي اقتسم قطعة الأرض مع أخيه لبناء مقبرة للعائلة وبالفعل قام بدفن بعض من موتاهم داخلها وهكذا لن يستطيع إخلاءها لإعادتها لما كانت عليه في السابق كأراضي أملاك دولة.. ويضيف إن المقبرة بذلك يستحيل نقلها ولو علي جثته. ويعود مصلح عودة، رئيس المجلس الشعبي المحلي للعرب، ليؤكد أن حملات الإزالة كادت أن تؤتي علي جميع المقابر والمنازل المقامة علي الأراضي المخالفة، إلا أنه قد تم تأجيلها لأسباب أمنية. أما عرفة عبدالجواد، رئيس مجلس مدينة الخانكة، فيعترف بوجود مخالفات وقعت علي تلك المساحة من الأرض، حيث تعتبر أرضًا زراعية وقد تم تجريفها والبناء عليها بالمخالفة، ويوجد ما يقرب من 18 مقبرة مخالفة بالإضافة لعدد من المنازل ولكن حملات إزالة المخالفات توقفت لأسباب لدراسات أمنية حيث تستلزم الإزالة التأكد من خلو المقابر من الموتي إلي جانب التأكد من خلو المنازل من سكانها، وقد يلجأ بعض المواطنين لتوصيل المرافق لمنازلهم حتي يتحايلوا علي الإزالات فلا تتم إزالة منازلهم ولكن يجب أن تعود الأمور إلي نصابها الصحيح.. كما يؤكد عدم وجود قرار تخصيص لتلك الأرض لاستخدامها بشكل أو بآخر موضحًا أنها بالفعل تقترب من مقابر العرب التي أنشئت منذ زمن بعيد. ويختتم حديثه قائلاً: إن الحادثة التي يتم التحقيق فيها ستندرج تحت بند التعدي علي الأراضي الزراعي نافيًا حديث رئيس المجلس الشعبي المحلي، مشيرًا إلي كونها ملكيات خاصة.