تسلمت مصر رسميًا أمس رئاسة الدورة ال27 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ «COP27»، حيث بدأت أول أيام عمل قمة المناخ، والتى تستضيفها مدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الجارى، بتسلم وزير الخارجية، سامح شكرى، رئاسة الدورة ال27 من مؤتمر المناخ، من الجانب البريطانى الدكتور ألوك شارما، بصفته رئيسًا لمؤتمر المناخ فى نسخته السابقة «COP26»، وذلك فى حضور ومشاركة واسعة النطاق من جانب زعماء دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بشئون البيئة والمناخ وممثلى وسائل الإعلام المحلية والدولية. فى بداية كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للدورة ال27، تقدم سامح شكرى، وزير الخارجية، بالشكر لجميع الدول على ثقتهم فى منح مصر شرف استضافة الحدث الدولى والأهم على الإطلاق وهو «COP27»، معربًا عن ثقته فى أن مصر ستجد كل الدعم والتأييد لنمضى معًا فى تحقيق ما نصبو إليه، مشددًا على أن مصر لن تدخر جهدًا فى هذا السبيل وأننا سنعمل على توفير أفضل الظروف التى تتيح لجميع المشاركين من كل الأطراف الحكومية وغير الحكومية المساهمة فى إنجاح هذا الحدث المهم وضمان خروجه بالنتائج التى نصبو إليها جميعًا. وقال شكرى: «اسمحوا لى أن انتهز هذه المناسبة لأتقدم بعميق الشكر لحكومة المملكة المتحدة الرئاسة السابقة لمؤتمر الأطراف على كل ما قدمته خلال فترة رئاستها، وما بذلته من جهود لدعم وتعزيز عمل المناخ العالمى من خلال الأداء المتميز لفريق الرئاسة البريطانى برئاسة ألوك شارما الذى سعدت بأن عملنا سويًا على مدار قرابة عام كامل لنضمن انتقال سلس لرئاسة المؤتمر، يبنى على ما تحقق من زخم سياسى فى جلاسجو العام الماضى، ويستكمل المسار نحو أهداف توافقنا عليها ونتائج لا بد وأن نصل إليها». وتابع رئيس مؤتمر الأطراف الجديد: «إن مؤتمرنا الذى بدأ أعماله هو ال27 فى مسيرة بدأناها معًا منذ نحو 30 عامًا هى عمر اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ، مسيرة متصلة أثبتت جدواها وأهميتها عامًا بعد عام ومؤتمرًا تلو الآخر، استطعنا خلالها أن نصبح أكثر إدراكًا للخطر الذى يتهددنا وأكثر وعيًا بما كشفه لنا العلم من حقيقة وتبعات هذا الخطر، وأكثر إقناعًا بما يتعين علينا القيام به من إجراءات لدرئه والتغلب عليه اليوم قبل الغد». وأكد شكرى، أن مصر عازمة على مواصلة هذه المسيرة هنا فى شرم الشيخ لنجعل من مؤتمرنا هذا نقطة فارقة وعلامة مميزة على طريق طويل لا يزال أمامنا الكثير من الجهد والعمل لنضمن وصوله إلى وجهته النهائية ولنجدد العهد ونرفع الطموح، وننتقل بجدية نحو التنفيذ وتعزيز العمل الجماعى متعدد الأطراف من خلال التعامل الفعال مع أكبر تحدٍ يواجه البشرية منذ الثورة الصناعية، وحتى وقت قريب لم يعد قابلًا للاستدامة وأن استمراره على هذا النحو دون تغيير جذرى سيؤدى إلى عواقب وخيمة تتحملها الأجيال بأكثر مما يتحملها جيلنا. واستطرد: «ورغم كل الأمنيات الطيبة ورغم كل الجهود المبذولة يؤكد العلم مرة أخرى من خلال أحدث التقارير الصادرة على مدار العام، وفى مقدمتها تقارير اللجنة الحكومية المعنية بتغير المناخ أننا لا نزال نواجه فجوات تتسع بشكل مقلق سواء فيما يخص الحفاظ على الهدف الحرارى لاتفاق باريس أو التكيف مع الآثار السابقة لتغير المناخ أو توفير التمويل اللازم لتمكين الدول النامية من القيام بدورها فى هذا الجهد، ولعل ما شهدناه على مدار العام من أحداث مؤلمة فى باكستان، وفى قارتنا الإفريقية وفى أنحاء متفرقة من أوروبا وأمريكا». وأضاف الوزير: «لعل تلك الأحداث وما خلفته من دمار تمثل عبرة وعظة وصوت نذير يتردد فى شتى أنحاء كوكبنا يدعونا إلى اليقظة والحرص وإلى التحرك العاجل لاتخاذ جميع التدابير اللازمة وفاء بالتزاماتنا وتنفيذًا لتعهداتنا، ولا يخفى على أحد منا أن مؤتمرنا هذا العام ينعقد فى خضم توترات سياسية تركت آثارها البالغة على دولنا جميعًا ترتب عليها أزمات فى إمدادات الطاقة والغذاء وإذ ظن البعض أن هذه التحديات من شأنها تعطيل العمل الجماعى الدولى لمكافحة تغير المناخ». وأوضح، أنه من المحتم علينا جميعًا هنا فى شرم الشيخ أن نثبت عكس ذلك لذا فإننى أدعوكم جميعًا لأن نؤكد للعالم أننا ندرك حجم التحدى وأننا نمتلك الإرادة السياسية للتصدى له، ومن أجل ذلك فلقد كانت دعوانا دائمًا أن الوقت قد حان للانتقال من المفاوضات والتعهدات إلى مرحلة يحظى فيها التنفيذ بالأولوية ومفاد ذلك حتمية التعجيل بتنفيذ ما تراضينا عليه فى الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، وعززناه فى اتفاق باريس وبرنامج العمل الخاص به مع ضرورة رفع مستوى الطموح لكل الدول وفقًا لقدراتها المتباينة بطبيعتها». وأشاد وزير الخارجية، بالدول التى قامت بالفعل بتحديث مساهماتها المحددة وطنيًا ومن بينها مصر وأثق أننى أتحدث بلسانكم جميعًا حينما أدعو سائر الدول لأن تحذو نفس الحذو لا سميا وأن التقرير التقييمى الصادر مؤخرًا حول مجمل وضع المساهمات المحددة وطنيًا كشف أن مستوى الطموح الحالى لا يرقى للوصول إلى أهداف باريس، مشيرًا إلى أنه من أجل التنفيذ الفعال للتعهدات والوعود فإن هذه المرحلة من مسيرة عملنا المشترك تقتضى مشاركة أوسع وأكثر فاعلية لكل الأطراف المعنية من غير الدول والتى أصبح دورها لا يقل أهمية عن دور الدول وفى مقدمتها القطاع الخاص والبنوك ومؤسسات التمويل الدولية والمجتمع المدنى وتجمعات الشباب والسكان الأصليين وغيرها. وأكد شكرى، حرص مصر خلال الإعداد لهذا المؤتمر على التشاور مع هذه الأطراف وإشراكهم فى كل الأنشطة والفعاليات سواء فيما يتعلق بمبادرات دولة الرئاسة أو بالأيام المواضيعية المختلفة على مدار المؤتمر، بل وأيضًا فى قمة شرم الشيخ لتنفيذ تعهدات المناخ التى تبدأ أعمالها اليوم على مستوى رؤساء الدول والحكومات. وقال الوزير: «إننى وإذ أبدأ مسئولياتى كرئيس للمؤتمر لا بد لى وأن أدعوكم جميعًا إلى وقفة للمصارحة حول حقيقتين لا مناص إلى إنكارهما وهما «أولًا: جهود تغير المناخ على مدى العقود الماضية اتسمت بقدر ملحوظ من الاستقطاب ما أفضى إلى إبطاء وتيرة التقدم فى عملية التفاوض، وثانيًا: أن الحالة الراهنة لجهود حشد وتوفير تمويل المناخ تثير الكثير من الشواغل، إذ أن تعهد توفير 100 مليار دولار سنويًا لم يجد بعد سبيله إلى التنفيذ، كما أن أغلب ما يتوافر من تمويل يميل بطبيعته إلى خفض الانبعاثات على حساب جهود التكيف، فضلًا على اعتماد أغلب التمويل المتاح على القروض». وتابع شكرى: «أظن أنكم تتفقون معى أننا لا نملك ترف الاستمرار على هذا النهج، بل يتحتم علينا تغيير مقترباتنا من التعامل مع هذا التحدى الوجودى ويتعين علينا السعى بجد وإخلاص للاستماع إلى والتعرف على شواغل الأطراف الأخرى وتفهمها، والعمل على الوصول إلى حلول توافقية مقبولة تكفل تحقيق التقدم وتؤكد بالدليل العملى ما دأبنا على المناداة به من ضرورة ألا نترك طرفًا يتخلف عن الركب، ورغم جملة التحديات التى نواجهها إلا أن البشرية لا تزال أمامها الفرصة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة إذا ما توافرت الإرادة السياسية لذلك وإذا ما استطعنا العمل سويًا بشكل متسق ومتناغم». وأوضح: «نحن نرى اليوم الكثير من الشواهد على ذلك فعلى سبيل المثال يشهد قطاع الطاقة المتجددة طفرات غير مسبوقة ساهمت فى انخفاض أسعارها بشكل كبير، كما تطورت تكنولوجيات التكيف فى مجالات إدارة الموارد المالية والقطاع الزراعى بشكل ملحوظ، وشهدت السنوات القليلة الماضية تزايدًا ملموسًا فى وعى المجتمعات لا سيما فى أوساط الشباب، بخطورة تغير المناخ، مع عزم أكيد على التعامل مع القضية بشكل مبتكر وفعال، ونما بشكل ملموس اهتمام وإسهام المجتمع المدنى ونشطائه والعاملين فى مراكز الأبحاث وتزايد دور المرأة وتصاعد دور المدن والحكومات المحلية وغيرها، ما يؤكد أن الفرصة سانحة لوقف هذا الخطر الداهم الذى يهدد معاش وحياة الملايين فى مختلف بقاع الأرض». واختتم شكرى كلمته، قائلًا: «غدًا تبدأ قمة شرم الشيخ لتنفيذ تعهدات المناخ أعمالها حيث يتوافد قادة العالم هنا للإعراب عن التزامهم الراسخ بجهود مواجهة تغير المناخ وأولوية العمل من أجل مستقبل نتمكن فيه من العيش دون خطر وجودى يتهددنا»، مضيفًا: «على بعد خطوات من تجمع قادتنا نبدأ نحن أسبوعين من المفاوضات والمشاورات المهمة والحيوية والتى نملك ألا نجعلها شاقة، كما أدعوكم جميعًا إلى الاستماع جيدًا لما سيعبر عنه قادتنا وأطلب منكم الالتزام بتنفيذ توجيهاتهم وترجمة الالتزام السياسى الذى سيتردد صداه غدًا وبعد غدٍ فى جميع أروقة هذا المكان إلى توافقات وتفاهمات على النصوص والقرارات التى نعلم جميعًا كم نحتاج إلى الخروج بها من هذا المؤتمر، وأناشدكم جميعًا أن تضعوا نصب أعينكم أن ما نحن بصدده ليس عملًا تفاوضيًا منفصلًا عن الواقع، وأننا نحسر جميعًا إن ظننا إمكانية تحقيق فريق لمكاسب على حساب فريق آخر، فمهمتنا جميعًا أكثر نبلًا من ذلك كله، إذ يتوقف عليها حياة ومعاش ومصالح الملايين حول العالم ممن يعانون من واقع حى تتفاقم وطأته مع كل يوم نقصر فيه فى عملنا أو نتباطأ، متابعًا: «إننى لعلى ثقة كاملة أنكم تدركون حجم التحدى وأن لديكم العزم على التعامل معه بالكفاءة وبروح التفاهم اللازمة، لقد حان الوقت للعمل والتنفيذ، فلننفذ معًا من أجل البشر ومن أجل كوكبنا، أشكركم وأتطلع للعمل معكم من أجل مؤتمر ناجح». من جانبه، أعرب ألوك شارما، رئيس مؤتمر المناخ «COP26»، عن شكره العميق لمصر على حفاوة الترحيب، والجهود المترتبة على استضافة مؤتمر من هذا النوع، مشددًا: «يجب أن يكون مؤتمر شرم الشيخ مؤتمر الأعمال الملموسة على أرض الواقع»، لافتًا إلى إنه بعد انتهاء رئاسة بريطانيا لمؤتمر «COP26»، العام الماضى اجتمع قادة العالم فى ظروف صعبة وجائحة كوفيد 19 التى ما زالت مستمرة، وذلك بهدف التعاون فى مجال المناخ من أجل تحقيق المصلحة للجميع، موضحًا أنه بفضل هذا التعاون توصلنا لإنجاز أمر تاريخى، وهو إنجاز لائحة لاتفاقية باريس والتعهد بزيادة ومضاعفة التمويل بحلول 2025، وضرورة الدعم فى مجال الخسائر وتوفير التمويل، معربًا عن أمله فى إحراز تقدم ملموس فى «COP27». وأشار شارما، إلى أن رياح عالمية أطاحت بدول العالم، لافتًا إلى الحرب «الروسية الأوكرانية» التى أدت إلى تسارع الأزمات العالمية مثل الغذاء والطاقة وارتفاع التضخم والدين، مشددًا على أن هذه الأزمات تفاقمت أيضًا بسبب المناخ والجائحة، مؤكدًا خلال حديثه أن النساء والأطفال الفئات الأولى بالاهتمام فى المرحلة المقبلة لأنهم أكثر من يدفع ثمن تغير المناخ.