انطلاقاً من العلاقات التاريخية الراسخة والأواصر الأخوية الوثيقة والمصير المشترك بين المملكة العربية السعودية ومصر وقيادتيهما وشعبيهما الشقيقين، واستجابةً لدعوة من رئيس جمهورية مصر العربية، قام الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء بزيارة رسمية لمصر، وكان على رأس مستقبليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقد اصطحبه إلى قصر الاتحادية، حيث جرت مراسم الاستقبال الرسمية. وفى جو ساده روح المودة والإخاء، بما يجسد عمق العلاقات الوثيقة والتاريخية بين البلدين الشقيقين، عقدت جلسة مباحثات رسمية بين الرئيس السيسى وأخيه الأمير محمد بن سلمان، ورحّب الرئيس المصرى بأخيه الأمير محمد بن سلمان، وعبّر عن سعادته بزيارته التى تؤطر لعلاقات ثنائية متميزة وتدفع بها إلى آفاق أرحب فى جميع المجالات. وجرى خلال الجلسة استعراض العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين الشقيقين، والإشادة بمستوى التعاون والتنسيق فيما بينهما على جميع الأصعدة، وتم بحث سبل تطوير وتنمية العلاقات فى جميع المجالات، بما يعزز ويحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وتناولا مستجدات الأوضاع التى تشهدها المنطقة والعالم، مؤكدين وحدة الموقف والمصير المشترك تجاه مجمل القضايا والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وفى الشأن الاقتصادى والتجارى، اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة الاقتصادية استثماريًا وتجاريًا بين البلدين الشقيقين، ونقلها إلى آفاق أوسع لترقى لمتانة العلاقة التاريخية والاستراتيجية بينهما عبر تحقيق التكامل بين الفرص المتاحة من خلال رؤية المملكة 2030 ورؤية مهورية مصر 2030، وأكّد الجانبان عزمهما على زيادة وتيرة التعاون الاستثمارى والتبادل التجارى وتحفيز الشراكات بين القطاع الخاص فى البلدين، وتضافر الجهود لخلق بيئة استثمارية خصبة ومحفزة تدعم عددًا من القطاعات المستهدفة، بما فى ذلك السياحة، والطاقة، والرعاية الصحية، والنقل، والخدمات اللوجستية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والتطوير العقارى، والزراعة. ورحب الجانبان بما أُعلن عنه من صفقات واتفاقيات استثمارية وتجارية ضخمة بين القطاعين الخاصين فى البلدين بلغت (8) مليارات دولار أمريكى وتساوى حوالى (30 مليار ريال سعودى وبما يقارب 145 مليار جنيه مصرى) ، كما تم الإعلان عن عزم المملكة على قيادة استثمارات فى مصر تبلغ قيمتها (30) مليار دولار أمريكى. كما أكد الجانبان حرصهما على تعزيز زيادة الاستثمارات بين البلدين وتكثيف التواصل بين القطاع الخاص فى البلدين لبحث الفرص الاستثمارية والتجارية وتسهيل أى صعوبات قد تواجهها. كما أعلن الجانبان فى شأن التعاون بينهما فى مجال توليد الطاقة المتجددة تنفيذ مشروع للطاقة الكهربائية بقدرة 10 جيجاوات من خلال شركة أكواباور. وأشاد الجانبان بحجم التجارة البينية بين البلدين الشقيقين، الذى يعكس عمق واستدامة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، واتفق الجانبان على مواصلة التنسيق والتعاون فى مجال حماية البيئة البحرية، وتعزيز التبادل التجارى بين البلدين خاصة فى مجال المنتجات الزراعية، وفق الاشتراطات التى تتفق عليها الدولتان. وأشادت المملكة بالإصلاحات الاقتصادية التى تنتهجها حكومة مصر، وأكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون الاقتصادى المشترك الذى يهدف لتحقيق الاستقرار والرخاء الاقتصادى للشعبين الشقيقين ويعزز من قدرتهما على تجاوز التحديات التى فرضتها الأزمات الدولية الأخيرة. وأكدا الجانبان عزمهما على إنهاء مفاوضات اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار والتوقيع والمصادقة عليها من الجانبين فى أقرب وقت ممكن، وذلك فى إطار حرصهما المشترك على توفير بيئة استثمار آمنة وتوفير القوانين المحفزة والجاذبة للاستثمار فيهما. وفى مجال البيئة والتغير المناخى، وانطلاقًا من دور المملكة السعودية فى مواجهة تحديات التغير المناخى والمحافظة على البيئة ودعم مصر فى استضافة دورة مؤتمر الأطراف فى اتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27)؛ اتفق الجانبان على أن يتم إقامة قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومنتدى مبادرة السعودية الخضراء خلال فترة انعقاد مؤتمر الأطراف لتغير المناخ فى شرم الشيخ. وفى الجانبين الصحى والتعليمى، أبدى الجانبان تطلعهما لتعزيز التعاون فى المجال الصحى، وأكدا حرصهما على دعم المبادرات العالمية لمواجهة الجوائح والمخاطر والتحديات الصحية الحالية والمستقبلية، ورحبا برفع مستوى التعاون العلمى والتعليمى بين البلدين. ودعا الجانبان لرفع مستوى التعاون فى مجالات التعليم العالى والبحث والابتكار، وتشجيع الجامعات والمؤسسات العلمية والمراكز البحثية فى البلدين على تعزيز التعاون البحثى فى المجالات ذات الاهتمام المشترك. وفى الشأن السياحى والثقافى، أكد الجانبان أهمية التعاون فى المجال السياحى وتنمية الحركة السياحية فى البلدين، واستكشاف ما يزخر به كل بلد من مقومات سياحية، بالإضافة إلى تعزيز العمل المشترك فيما يخص السياحة المستدامة التى تعود بالنفع على القطاع السياحى وتنميته، وتعزيز التعاون الثقافى بين البلدين والمشاركة فى الفعاليات والمعارض الثقافية لكل منهما، وتوحيد الرؤى والتوجهات لدى المنظمات الدولية ذات الصلة بالشأن الثقافى خاصة فيما يتعلق بملفات التراث غير المادى. وفى الشأن السياسى، أكد الجانبان عزمهما على تعزيز التعاون تجاه جميع القضايا السياسية والسعى إلى بلورة مواقف مشتركة تحفظ للبلدين الشقيقين أمنهما واستقرارهما، وأهمية استمرار التنسيق والتشاور إزاء التطورات والمستجدات فى جميع المحافل الثنائية والمتعددة الأطراف، بما يسهم فى تحقيق الأمن والاستقرار والازدهار فى البلدين الشقيقين والمنطقة. واستعرض الجانبان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث شدد الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للنزاع الفلسطينى الإسرائيلى، وإيجاد أفق حقيقى للعودة إلى مفاوضات جادة وفاعلة لتحقيق السلام، وفقاً لمبدأ حل الدولتين، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، بما يكفل للشعب الفلسطينى حقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود 1967وعاصمتها القدسالشرقية. وفى الشأن اليمنى، جدد الجانبان دعمهما الكامل للجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى التوصل إلى حل سياسى شامل للأزمة فى اليمن، استنادًا إلى المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطنى اليمنى، وقرار مجلس الأمن رقم (2216). وأشاد الجانب المصرى بجهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية لتشجيع الحوار والوفاق بين الأطراف اليمنية وإنهاء الحرب فى اليمن، ودورها فى تقديم وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مناطق اليمن، وأكد الجانبان دعمهما لمجلس القيادة الرئاسى والكيانات المساندة له؛ لتمكينه من ممارسة مهامه فى تنفيذ سياسات ومبادرات فعالة من شأنها تحقيق الأمن والاستقرار فى اليمن. وشدد الجانبان على إدانة هجمات ميليشيا الحوثى الإرهابية على الأعيان المدنية والمرافق الحيوية فى المملكة، وتهديدها لأمن وسلامة الممرات البحرية الدولية، وتعنتها أمام جهود الحل السياسى لإنهاء الأزمة فى اليمن. وفى الشأن العراقى، أعرب الجانبان عن تطلعهما إلى توصل الأطراف العراقية إلى صيغة لتشكيل حكومة جامعة تعمل على تحقيق تطلعات الشعب العراقى الشقيق فى الأمن والاستقرار والتنمية ومواجهة التنظيمات الإرهابية، وتدفع علاقات العراق مع أشقائه العرب إلى آفاق أرحب وأوسع فى ضوء ما يربط شعوب العالم العربى من أخوة ووحدة مصير وأهداف مشتركة. وفى الشأن السودانى، أكد الجانبان استمرار دعمهما لإنجاح المرحلة الانتقالية، كما أكدا أهمية الحوار بين الأطراف السودانية كافة، بما يسهم فى الحفاظ على المكتسبات السياسية والاقتصادية، ويحقق وحدة الصف بين جميع مكونات الشعب السودانى الشقيق. وفى الشأن اللبنانى، أكد الجانبان حرصهما على أمن واستقرار ووحدة الأراضى اللبنانية، وعلى أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى الحفاظ على عروبة لبنان وأمنه واستقراره، ودعم دور مؤسسات الدولة اللبنانية. وفى الشأن السورى، أكدا أهمية الوصول لحل سياسى للأزمة بما يحقق تطلعات الشعب السورى الشقيق ويحفظ وحدة سوريا وسلامة أراضيها، كما أكدا ضرورة وقف التدخلات الإقليمية فى الشأن السورى التى تهدد أمن واستقرار ووحدة سوريا وتماسك نسيجها المجتمعى، وأعربا عن الدعم لجهود المبعوث الأممى الخاص بسوريا. وفى الشأن الليبى، شدد الجانبان على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، وأهمية توصل الأشقاء الليبيين إلى حل ليبى/ ليبى انطلاقًا من الملكية الليبية للتسوية دون أى إملاءات أو تدخلات خارجية وصولاً إلى عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن. وثمّن الجانب السعودى جهود مصر الرامية إلى استعادة ليبيا لأمنها ووحدتها وسيادتها واستضافتها الكريمة لأعمال المسار الدستورى الليبى بالتنسيق مع الأممالمتحدة بما أتاح المجال الحر للأشقاء الليبيين لرسم مستقبل بلادهم. وفيما يتعلق بأزمة سد النهضة، أكد الجانب السعودى دعمه الكامل للأمن المائى المصرى باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن المائى العربي، وحث إثيوبيا على عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى وأهمية التفاوض بحسن نية مع مصر والسودان للتوصل إلى اتفاق قانونى ملزم فى هذا الشأن، تنفيذاً للبيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن فى سبتمبر 2021، بما يدرأ الأضرار الناجمة عن هذا المشروع على دولتى المصب، ويعزز التعاون بين شعوب مصر والسودان وإثيوبيا. وعبّر الجانب السعودى عن تضامنه الكامل مع مصر فى كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها القومى. ومن جانبه عبر الجانب المصرى عن تضامنه الكامل مع المملكة العربية السعودية فى كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها الوطنى، وشددّ على رفضه لأى اعتداءات على أراضى المملكة العربية السعودية، مؤكدًا أن أمن البلدين كلٌه لا يتجزأ. وفى الشأن الأمنى، أشاد الجانبان بمستوى التعاون والتنسيق الأمنى القائم بين البلدين، وعبرا عن رغبتهما فى تعزيز ذلك بما يحقق الأمن والاستقرار للبلدين الشقيقين. وأثنى الجانبان على جهودهما فى مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وعلى جهودهما المشتركة فى إطار عمل المركز الدولى لاستهداف تمويل الإرهاب.