فى السنوات الأخيرة وخاصة بعد أحداث وثورات ما أسموه «الربيع العربى» ظهرت موضة البرامج السياسية الساخرة «التى تسخر من السياسة وأحوالها». أغلب هذه البرامج السياسية الساخرة يثير الشفقة والرثاء فى نفس الوقت فلا هى ساخرة ولا هى خفيفة الدم، والشىء الوحيد الذى يميزها هو الاستظراف الممجوج الذى يحاول مقدم البرنامج من خلاله أن يصبح زعيمًا سياسيًا تسير خلفه ملايين المشاهدين. ومن وسط عشرات البرامج الساخرة التى لا لزوم لها توقفت منذ شهور أمام برنامج سياسى ساخر ناضج بوعى شديد اسمه «الليلة مع نديم» الذى يذاع على فضائية سكاى نيوز عربية.. أربعة أيام فى الأسبوع. أما نديم فهو المذيع اللبنانى الشهير «نديم قطيس» وهو أيضا كاتب مقالات مهمة وعميقة تتناول الشأن العربى. مصر وأهلها وقيادتها حاضرون بقوة فى كل حلقة من حلقات البرنامج، فهو يعرى ويفضح بالصوت والصورة وتعليقاته الساخرة على كل ما يبثه الإعلام الإخوانجى ضد مصر، ويكشف حقارة وانتهازية هؤلاء من معتز مطر ومحمد ناصر وزوبع إلى الأهطل صابر مشهور.. يعرض «نديم» ما يقدمه هؤلاء ثم يعرض ما يقدمونه هم أيضا أو يناقضون به أنفسهم، وخاصة فى حرب غزة الأخيرة، فيكشف رعبهم وفزعهم من ترحيب أهل غزة بالمساعدات المصرية والإشادة بالرئيس السيسى وكيف حاول الإعلام الإخوانجى التقليل والتهوين من الدور المصرى،.. فيرد «نديم» على مزاعمهم بفيديوهات حمساوية تشيد بمصر وزعيمها والدور التاريخى لها. لم يترك «نديم قطيس» إخوانجيًا واحدًا إلا وكشف كذبه وزيفه وتدليسه ونفاقه للسلطان العثمانى، وعندما بدأت بوادر التقارب التركى مع مصر، استعاد الإخوانجية كلمات أردوغان الجديدة فى الإشادة بمصر وقياداتها ودورها التاريخى، ولم ينس «نديم» أن يعيد فيديوهات هؤلاء التى أشادوا فيها بهجوم أردوغان على مصر.. ميزة برنامج «نديم» أنه لا يخترع شيئا من عنده فهو يعرض فيديوهات الإخوانجية الكاذبة المفضوحة ويعلق عليها بخفة دم ولا يكتفى بذلك بل يقلد أصوات هؤلاء وحركاتهم البهلوانية من معتز إلى ناصر إلى زوبع. برنامج سياسى محترم بامتياز يقدمه محب وعاشق حقيقى لمصر. منذ فترة قرأت له حديثا صحفيا مع اليوم السابع للزميل «آسر محمد» جاء فيه: مصر غالية وعزيزة على القلب، وعزيزة عربيا عموما، وعلى المستوى اللبنانى العلاقة مع مصر علاقة تاريخية. وقال أيضا: مصر حكاية تانية فى الإعلام، فلا يمكن أن تعطى أربعة أو خمس ساعات لمناقشة فيديو أو تصريحات، فهناك مذعين يخاطبون جمهورهم بالسبع ساعات يوميا عن موضوع واحد، فذلك لا يحدث إلا فى السوق المصرية، الإعلام المصرى يتمتع بالاكتفاء الذاتى من ناحية القضايا المصرية، وحجم الإنتاج الجبار الذى تنتجه البرامج اليومية والأسبوعية، لذلك فهو أصعب سوق إعلامى تخترقه لتقديم مادة. أنا لما بغطى مواضيع مصر بلاقى فيه «فيد باك» ده بيبقى يوم السعد كما حصل فى حلقة أردوغان ومصر، أصدقائى المصريين أرسلوا أن الحلقة بتتوزع على الواتس أب، فكان هذا الأمر بالنسبة لى أشبه بنوبل، المصريين معندهمش وقت لإعلام غير مصرى. كل المحبة والتقدير لك أستاذ «نديم».. صوت عاقل ومحترم وموضوعى أيضا.