«شباب كان الميدان عارفهم وعارفينه.. لا فى الميدان نسكافيه ولا كابتشينو» 1- الشباب عبد الرحمن الأبنودى لأن مصر مجتمع شاب فلابد أن يكون الشباب فى قلب وطليعة كل حدث، ولكن فى ثورة 30 يونيو تحديدًا كان على الشباب الإجابة عن مجموعة من الأسئلة المهمة قبل التحرك، من بين هذه الأسئلة هل كنا نتحرك فى 25 يناير ليحكم مصر عصابة تكره الوطن وتراه حفنة من تراب عفن؟ هل كنا نتحرك من أجل أن نهدم الوطن بأسره وأن نسمح بأخونة أجهزة الدولة من جيش وشرطة وقضاء ووزارات؟ هل كنا نتحرك من أجل أن نصارع مؤسسات الدولة ونحقق حلم حسن البنا فى استاذية العالم؟!، ولما كانت الإجابة على كل هذه الأسئلة بلا قاطعة وحاسمة, كان لابد أن ترفع تمرد شعارًا يوحد ولا يفرق يجمع شتات المصريين دون تصنيفات بغيضة وضعتها العصابة لتتمكن من إحكام سيطرتها على المصريين، رفعنا شعار أننا نريد أن نبنى مصر بالجميع وللجميع وربما كانت هذه هى الخلطة السحرية التى جعلت المصريين يلتفون حول هؤلاء الشباب وحول هذه الاستمارة التى رفعت شعار منذ اليوم الأول أنها لا تقطع طريقًا ولا تحاصر مؤسسة ولكنها تسعى لإسقاط حكم العصابة عبر انتخابات رئاسية مبكرة تنقذ الوطن من الضياع والانقسام، وبوحدة شبابها وهمتهم نجحت تمرد فى أن تتقدم القوى الوطنية وتحمل شعلة التغيير لتنير ظلام الوطن الحالك 2- الشعب العظيم «واتجمعت كل الأيادي.. من كل بيت طلعت تنادي.. على الطريق وتقول بلادى» عبد الرحمن الأبنودى ارتبط المصريون بأرض هذا الوطن ارتباطًا وثيقًا وربما لا تكون مبالغة او شيفونية اذا قلنا إنهم أكثر شعوب الأرض ارتباطًا بوطنهم وأرضهم وقد يكون لهذا أسباب عديدة أبرزها النيل وارتباطهم بالزراعة من حوله وتحملهم كل الضغوط من أجل الأرض التى يزرعونها ويحصدون خيرها، ولهذا كان دائمًا الرهان على الشعب المصرى فى الحفاظ على بلده رهانًا ناجحًا, فحينما أراد محمد على باشا بناء قوة عسكرية ضاربة بنى جيشه من الفلاحين المصريين ونجح بهم أن يفرض قوة مصرالعسكرية فى المنطقة بأسرها, وحينما أراد بناء نهضة اقتصادية وتعليمية أرسل البعثات من النابغين من أبناء الشعب المصرى وقد كانوا خير رسل لأوطانهم ونجحوا فى بناء دولة عصرية حديثة ولولا تآمر العثمانيين والاستعمار لما كان لهذه القوة حدود، وهذا المفهوم الذى عرفه المصريون لحب وطنهم يتنافى تماما مع جماعة لا تؤمن أصلا بفكرة الوطن، ورغم أن هذه العصابة نجحت فى خداع المصريين حينما خاطبت فقرهم كجمعية خيرية تمنحهم الطعام فى أزماتهم وكجمعية دينية تذهب بهم الى الجنة فى أوقات يأسهم إلا أن هذا الزيف سرعان ما انكشف للمصريين وأصبح الصراع بين فكرة الدولة التى حفظها المصريون عبر آلاف السنين بدماء أبنائهم وبين منطق العصابة الذى رفضه الشعب المصرى وقاومه على مر العصور، وكان يوم 30 يونيو هو أحد الأيام المجيدة فى تاريخ مصر وسيبقى شاهدًا على مدى تمسك المصريين بأوطانهم وحفاظهم عليها ولفظهم لعصابة كارهى الأوطان. 3 - الأزهر والكنيسة «دين ابويا دين آلهي... أينما كان اتجاهى» جمال بخيت فى رائعته « هوامش المقريزي» يروى الكاتب الكبير صلاح عيسى أنه أثناء زيارة السلطان العثمانى :عبد العزيز» لمصر جاء رجال حاشيته لتعليم المصريين كيفية المثول فى حضرته وكان من بين البروتوكول أن ينحنى الشخص ويقبل الأرض بين يدى السلطان وشق على الشيخ حسن العدوى أحد كبار أئمة الأزهر وعلى الأنبا ديميتريوس بطريرك الأقباط أن يفعلا هذا البروتوكول وبالفعل دخل الشيخ حسن العدوى رافعًا يديه وقائلا السلام عليك يا أمير المؤمنين وعندما جاء دور البطريرك فاقترب من السلطان وقبل صدره من الجانب الأيسر وقال له «إن الكتاب المقدس يقول أن يد الله فى قلب الملك فأردت أن أقبل يد الله» مشهد بسيط يروى اعتزاز قادة الدين فى مصر بكرامتهم وشموخهم، ولذلك حينما جاءت العصابة لحكم الوطن وضعوا الأزهر نصب أعينهم فلو أنهم تمكنوا من المؤسسة الدينية الأعرق والأكبر فى تاريخنا لتمكنوا من السيطرة على أفئدة المصريين قبل عقولهم ومن هنا بدأ استهداف الإمام احمد الطيب عبر افتعال أزمات مع مشايخ السلفية وبدأوا بطرح أسماء من مشايخهم مثل عبد الرحمن البر لتولى منصب شيخ الأزهر وكان على الأزهر المقاومة ليس حفاظًا على وسطيته فقط ولكن حفاظًا على الهوية الوسطية للمصريين التى حاولوا تبديلها بكل الطرق، أما الكنيسة المصرية فقد عانت الأمرين فى حكم هذه العصابة وقد أراد الله أن يبدأ قداسة البابا تواضروس عهده فى وسط استهداف مباشر من عصابة الحكم للكنيسة المصرية فبينما رفض رئيسهم مرسى حضور حفل مراسم تنصيب البابا وهو الحفل الذى لا يحدث كثيرًا، وبينما حدث أول اعتداء فى التاريخ على الكاتدرائية والعديد من حوادث الفتنة التى كانت تستهدف تخويف المسيحيين ومنعهم من المشاركة بالرأى فى مستقبل وطنهم لم يثن هذا الكنيسة المصرية عن اتخاذ مواقف وطنية وليست سياسية، فانسحبت من تأسيسية دستور الإخوان ورفضت إضفاء الشرعية عليه، وحكى لى قداسة البابا شخصيًا انه حينما لاحظ هجرة المئات من الأقباط خوفا من المجهول ومن عصابة الإخوان فإنه كان دائمًا يطمئنهم ويقول لهم: إن هذا الوطن وطننا سنعيش فيه ونتحمل من اجله ولن نتركه لأحد أبدا، وفى لقاء بينى وبين قداسته حكى لى عن لقاء جمعه وفضيلة الأمام مع محمد مرسى يوم 18 يونيو وعندما سألوه عما سيحدث فى 30 يونيو قال لهم مرسى « ولا حاجة.. هييجى يوم 30 يونيو و1 يوليو و2 يوليو ومفيش حاجة هتحصل « وهنا أدرك البابا والشيخ أن هذا الرجل لا يشعر بما يحدث وربما أدركوا فى أعماقهم أن صوت عصابة الإخوان فى أذنه يغطى على صوت الشعب المصرى كله، وشاء المولى أن يأتى يوم 30 وما بعده ومسلمو مصر ومسيحيوهم يصرون أن يقولوا لمرسى وعصابته انه ليس يومًا عاديًا بل هو نهاية مشروعكم الأسود فى مصر! 4- الجيش والشرطة فى القلب «رسمنا على القلب وجه الوطن..نخيلا ونيلا وشعب أصيلا.. وصناكى يا مصر طول الزمن» فاروق جويدة فى مساء يوم 23 يونيو أى قبل يوم 30 يونيو بأسبوع وردنى اتصال هاتفى من اللواء محمد ابراهيم وزير الداخلية وكان ملخص الحوار, أن التقارير الموجودة لديهم تؤكد توقعات بنزول الملايين من المصريين الى الشوارع فى هذا اليوم وسألنى الوزير بشكل مباشر « ناويين تكسروا أو تحرقوا او تعتدوا عالمنشئات يا محمود « وكانت إجابتى قاطعة « احنا نازلين نحافظ على بلدنا يا معالى الوزير ونحميها من العصابة اللى هتحرقها، والمنشآت العامة والخاصة ملك المصريين واحنا هنحافظ عليها بأرواحنا زيكم، وكل ما اطلبه ألا تتصدى الشرطة للمتظاهرين مثلما حدث فى 25 يناير، وأن تقوم بدورها فى حماية المتظاهرين اذا حاولت ميليشيات الجماعة الاعتداء عليهم «وكان رد الوزير وقتها» الشرطة ستحمى المنشآت العامة والخاصة ولن تتعرض للمظاهرات السلمية إطلاقا « فطالبته بأن يصدر بيانا يحوى هذا الكلام وبالفعل صدر بيانا تاريخيا من الشرطة المصرية وتأكد هذا البيان صباح يوم 30 يونيو حينما قابل ضباط الشرطة المتظاهرين بالورود وزجاجات المياه ورد المتظاهرين بحمل ضباط الشرطة على أعناقهم فى ميدان التحرير. سألنى الاستاذ محمد حسنين هيكل فى لقاء « ماذا لو نجحتم فى جمع ال 15 مليون استمارة ونزل الملايين فى 30 يونيو حسب دعوتكم ما هى آلية التغيير وعلى ماذا تراهنون «وكان الرد بكل تلقائية» نراهن على أن الجيش المصرى سيستجيب لإرادة المصريين كعادته ولن يسمح بأن تغرق مصر فى آتون الفوضى أو الحرب الأهلية, فجيش عرابى وعبد الناصر ملك المصريين وسيدافع عنهم «، كانت هذه ثقتنا وإيماننا رغم كل ما فعلته جماعة الإخوان للوقيعة بين الجيش والشباب فى الفترة بين 2011 و 2012، إلا أننا كنا دائمًا مؤمنين بقواتنا المسلحة وانحيازها لإرادة المصريين وهو ما دفعنى لأن أقول لإحدى قيادات جماعة الإخوان المسلمين عندما هددنى بعد لقاء تليفزيونى « بأنك مضحوك عليك يا محمود والجيش والشرطة هيبقوا معانا عشان احنا الشرعية وفى الآخر انت اللى هتشيل الليل وتتعلق على المشنقة «لأرد عليه بكل ثقة وحزم» الجيش المصرى هينحاز للمصريين مش لعصابة واحنا معانا الناس ولما ننزل كلنا فى 30 يونيو بالملايين الجيش هيفعصكم زى الصراصير!» فتحية من القلب الى جيش مصر وقائده الذى استمع إلينا فى لقاء 3 يوليو بكل حرية وتركنا نعبر عن وجهة نظرنا واعتمد خارطة الطريق التى طرحناها وأكد لنا فى نهاية اللقاء أننا سنتحمل تبعات اختيارات الشعب المصرى وسندفع الثمن من دماء جنودنا ولكن إرادة المصريين فوق كل اعتبار !