• امتلأت قنوات التليفزيون بمسلسلات من نوع «السيت كوم» وغيرها تحت مسمي كوميديا رمضان والتي يكاد ممثلوها يتكررون فيها جميعاً كأنهم طبق سلطة عديم الملح! وهي جميعا رخيصة التكاليف مليئة بالثرثرة ولا ضحك ولا حتي ابتسام وإنما نوع من التقزز تثيره لدي المشاهدين لما تحتويه من ثقل الدم والاستخفاف ثلاثة أرباع تلك المسلسلات تشترك فيها ممثلة تمثل قبح النساء تدعي إيمان السيد نجحت في الأعوام الماضية كمقدمة برنامج يستضيف النجوم وتقدمه بشكل ساخر وحين تكالب عليها المنتجون «مسخ طعمها» وفقدت بريقها وتحولت إلي نموذج تافه كذلك «نونة المأذونة» حنان ترك التي بذل الكثير من الدعاية لها في الصحف والتليفزيون كانت حنان ترك أيضا ممثلة جميلة وموهوبة وقد قررت أن تخوض الكوميديا أيضا فقدمت نونة المأذونة استثمارا لنجاحها في تمثيلة سهرة قدمتها منذ عدة سنوات تحت اسم نونة الشعنونة لكن المأذونة جاءت تافهة مليئة بالإسفاف والبصق في الوجوه! وحتي سمير غانم ضاع بريقه هذا العام ولعل رجاء الجداوي المشتركة في أكثر من مسلسل هي أخفهم دما ذلك لأنها لا تستظرف. ••• • ورجوعا إلي الماضي القريب واستعراض كوميديا القرن الماضي نجد أن نجوم الزمن الجميل كان لكل منهم تفرده وجديته في نفس الوقت سواء في الموضوعات أو التمثيل حيث كانت الكوميديا تنبع من الموقف كما رأينا في أفلام نجيب الريحاني الساخر الجاد وإسماعيل يس الظريف بطبعه وعبدالفتاح القصري الكاركتر وعبدالسلام النابلسي وحسن فايق وعبدالمنعم إبراهيم وماري منيب وغيرهم ثم جاء جيل الوسط مع مدرسة المشاغبين بعد النكسة فسخروا من كل الرموز الأبوية نظرا لهزيمة الأب الأكبر! فرأينا المتمرد عادل إمام والموهوب سعيد صالح والساذج يونس شلبي ثم تفرد بعد ذلك فؤاد المهندس كأستاذ إلقاء ومحمد رضا المعلم طيب القلب وسيد زيان السوقي الهمجي ومحمد نجم العصبي بزيء اللسان وسمير غانم الفارسير أي أن كل واحد منهم كان له مجاله وكان متخصصا فيه لم يشذ منهم سوي عادل إمام الذي قدم الكوميديا الخالصة أحيانا والدراما الجادة أحيانا ولولا أفلام وحيد حامد الواعية اجتماعيا وسياسيا ربما ظل عادل إمام محلك سر. ويجيء نجوم كوميديا الألفية الثالثة وعلي رأسهم أحمد حلمي وأشرف عبدالباقي وهاني رمزي وأحمد مكي ولكل مجاله فأحمد حلمي خفيف الظل بطبعه وثقافته وأشرف عبدالباقي يمتلك سمات النجم الكوميدي وكان يمكن أن يكون سوبر ستار لولا تلهفه علي الانتشار وموافقته علي أي عمل أما هاني رمزي فهو نجم سينما أولاً خفيف الظل يذكرنا في أدواره الكوميدية بالراحل أبوبكر عزت وأما أحمد مكي فهو يضحكنا دون أن يبتذل نفسه! ••• • هل استفاد ممثلو الكوميديا الحاليين من أسلافهم السابقين؟ لم يحدث فقد كان الراحلون العظام يرسمون شخصياتهم باقتدار.. بأبعادها الثلاثة الجسمية والنفسية والاجتماعية أما الحاليون فإنهم فلات مسطحون وسطحيون أيضا إنهم يتلهفون علي قبول أي دور يعرض عليهم بدافع الفلوس وربما لا يكون الدور مكتوبا أصلا فيذهبون إلي الاستوديو يقولون ما يتوارد علي أذهانهم ظنا أن أي كلام يقولونه سيضحك المشاهد ولكن الفرق كبير بين الظرف والاستظراف. ••• • الكوميديا في محنة ليس في التليفزيون فقط ولكن في المسرح أيضا هل نقول إن التليفزيون والجري وراء القنوات الفضائية وفلوسها قد أفسد الممثلين وأن ما يقدمونه هو طعام نيء وأن المشاهد لن يجد أمامه غيره فيضطر إلي ابتلاعه ربما ولكن تقديم تلك الوجبات السريعة لا يشبع جوع المشاهد ولا تساعده علي الصيام ولا تسليه بالعكس إنها وجبات مزيفة وجبات بلاستيكية خادعة تزيد رغبته إلي طعام حقيقي فما يتناوله طوال شهر رمضان تحت مسمي الكوميديا إنما هو طعام فاسد عسير الهضم.