قال الدكتور سيد فليفل، الخبير في الشئون الافريقية والعميد الأسبق لمعهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة، إن مصر لم تكن لديها خطة ورؤية استراتيجية واضحة خلال الأربعين عاما الماضية، وإنما كانت الحكومات تباشر إدرارة الشئون اليومية للدولة، وأشار خلال ندوة «استقلال جنوب السودان ومستقبل العمل المصري في افريقيا» التي نظمها منتدي الحوار بمكتبة الإسكندرية وأدارها الباحث ممدوح مبروك إلي أن مصر أصبحت في المرتبة 19 بين الدول الافريقية في مجال التنمية. وأكد أن جنوب السودان يمثل أهمية استراتيجية لكل من مصر والسودان، دولتي المصب في موضوع مياه النيل، مطالبا بضرورة الاهتمام بدعم حل المشكلات التي تواجه الدولة الوليدة، وذلك في إطار تقاسم الأعباء والمنافع كي لا يتحول الجنوب إلي دولة معادية، ولفت إلي أن جنوب السودان لديه تحديات صعبة عقب الانفصال، منها: تعدد الأعراق واللغات لديه ووجود مشكلات تاريخية بين عدد من القبائل، وظهور حالة مستجدة من العصيان وحمل السلاح، وصعوبة الانتقال داخل الدولة الوليدة، إضافة إلي النزاعات الحدودية مع كينيا وشمال السودان، ووجود قضايا اقتصادية وسياسية عالقة بين الشمال والجنوب، وشدد علي أن اتفاقيات مياه النيل لا يمكن إلغاؤها طبقا للقانون الدولي، مقللا في هذا السياق من الدعوات التي تطلقها بعض دول حوض النيل بشأن إلغاء تلك الاتفاقيات بدعوي إنها كانت مستعمرة إبان توقيع تلك الاتفاقيات، وأنها مجحفة بحقهم. ونوه إلي أن سياسة فصل جنوب السودان عن شماله قديمة منذ الاستعمار البريطاني الذي وضع قوانين واتبع سياسات للتفرقة بين الشماليين والجنوبيين، مضيفا أن الأحزاب السودانية والنظم الحاكمة هناك لم تسهم في تشجيع الوحدة، كما أن مصر لم تقم بدورها أيضا في هذا الإطار وقال إن شمال السودان قبل انفصال الجنوب كانت تسوده ثلاثة اتجاهات: وحدوي، وانفصالي علي أساس أن شمال السودان دون جنوبه سيكون حاله أفضل، وأخير ينفذ الانفصال إرضاء للولايات المتحدة والغرب، وكشف أن مصر تواجه مأزقا استراتيجيا يكمن في تشجيع الولاياتالمتحدة وإسرائيل وقوي غربية للحركات الانفصالية في الدول العربية من أجل أضعافها والسيطرة علي مواردها.