يري البعض في خروج أعداد من المسيحيين للشوارع للاحتجاج علي هدم وحرق كنيسة في إحدي القري والاعتصام أمام مبني التليفزيون له وجه إيجابي غير الوجه السلبي الذي يراه آخرون والذي يتمثل في تعطيل انسياب المرور أو حدوث اختناق مروري.. ويتمثل هذا الوجه الإيجابي بتقدير هؤلاء في أن هؤلاء المسيحيين المحتجين لجأوا للشارع ولم يلجأوا إلي الكنيسة مثلما كان يحدث من قبل حينما كانوا يعتصمون داخل الكاتدرائية وأمامها.. أي أنهم باتوا يتصرفون ليس كمسيحيين وإنما كمواطنين مصريين يمارسون مثل غيرهم الاحتجاج علي ما يرفضونه ويعترضون عليه أو للتعبير عن مطالب لهم ويذهب هؤلاء إلي أن هذا التغيير حدث بعد 25 يناير. وربما يكون لديهم بعض الحق حتي وإن كان خروج أعداد من المسيحيين إلي الشارع متجاوزين القيادات الدينية والكنسية قد حدث قبل 25 يناير، وتحديدا بعد حادث التفجير الذي تم أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية. لكن يظل السؤال قائما هل الخروج إلي الشارع بات هو السبيل الوحيد للتعبير عن الرأي والاحتجاج وللمطالبة بمطالب؟ أعرف أن الخروج إلي الشوارع سواء في مسيرات أو مظاهرات أو حتي اعتصامات أمر يجب القبول به في ظل النظام الديمقراطي الذي ننشده ونسعي لصنعه.. لكن الخروج إلي الشوارع في كل بلاد العالم الديمقراطية له تقاليد تنظمه حيث تمنح الحرية للمحتجين في التعبير عما يريد المحتجون الاحتجاج عليه ولا تعطل حياة غيرهم أو تربكها انطلاقا من القاعدة الديمقراطية المعروفة.. حريتك تقف عند حدود حريتي وحرية الآخرين. أيضا الاحتجاجات في الشوارع بالخارج في الدول الديمقراطية منظمة وتتم في إطار مؤسسي أي من خلال أحزاب أو نقابات أو حتي جمعيات وهيئات ومنظمات المجتمع المدني.. وتتم لفترات محدودة، وليست بدون سقف زمني لها. ولعل العشوائية التي نشكو منها الآن في الاحتجاجات الفئوية سببها هذا الإطار المؤسسي وافتقاد التنظيم لهذه الاحتجاجات نظرا لأننا ليس لدينا أحزاب فاعلة ولا نقابات تعبر بحق عن العاملين سواء مهنية أو عمالية وحتي منظمات المجتمع المدني أغلبها ضعيف وغير مؤثر. ولكن حتي لو ظفرنا بأحزاب فاعلة ونقابات حقيقية وليست شكلية ومنظمات مجتمع مدني مؤثرة ونشطة.. فإننا لن يكون لدينا إطار مؤسسي ينظم الاحتجاجات الدينية أو الطائفية التي يتعين أن تتوقع استمرارها وتجددها نظرا لأن المشاكل الطائفية والدينية ما زالت موجودة ولم تجد حلا باترا لها.. ولذلك قد يكون من المفيد البحث عن إطار مؤسسي ينظم هذه الاحتجاجات.. واقتراح إنشاء مجلس للمواطنة يختص ببحث كل مشاكل واختراقات والتعديات علي حقوق المواطنة.. ويكون له فروع في المحافظات والمدن والقري أيضا لعلاج هذه المشاكل والشكاوي أولا بأول ودون إبطاء.