قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بوقف تنفيذ قرار الإدارة السلبي بامتناع الهيئة العامة للتأمين الصحي عن علاج أحد الشباب مجانا ، أصيب بتليف في العصب البصري ؛ نتيجة مشاركته في ثورة 25 يناير من القنابل المسيلة للدموع، وذلك لارتفاع ثمن العلاج. وأمرت المحكمة بتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان ، وبإحالة الدعوى إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأى القانوني. وأكدت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين عوض الملهطانى وأحمد درويش و عبد الوهاب السيد نواب رئيس المجلس ، في حكم تاريخي يؤرخ للقوة الحقيقية التي قامت بثورة يناير وهم شباب مصر، أنه يتعين على الدولة أن تبادر إلى تحقيق متطلبات الشباب والمرأة من غير القادرين في العلاج المجاني باعتبارهم القوة الحقيقية لثورة 25 يناير. كما أضافت المحكمة أن الشباب لهم الجزء الأكبر من الفضل بل كانوا من الأسباب الرئيسة التي أدت إلى نجاح تلك الثورة التي لم تدر بخلد أكثر الناس تشاؤما ؛ مما يدعو المحكمة إلى استنهاض همة أجهزة الدولة للاعتناء بهم وعلاج غير القادرين منهم مجانا طبقا لما جاء به الدستور الجديد حتى لا تدور الدوائر يوما إن تم الاستمرار في تجاهلهم في غياهب الإهمال ؛ مما يتوجب الامتثال لمطلبهم الدستوري العادل. وأكدت أنه لا يجوز للدولة التخلي عنهم أيا كانت حجتها مثل قولها القصور في الموازنة المالية ؛ لأنها كانت تعلم بها وقت وضع الدستور ، ومتى ثبت المرض بتقرير طبي من طبيب التأمين الصحي وكان ذلك العلاج هواللازم للحفاظ على حياته ، وأنه إذا حدث ثمة ضرر للمريض عن تأخير تقديم ذلك العلاج فإنه تنشأ مسئولية الدولة عن خطأ مخالفتها للدستور. وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها التاريخي أن الدولة لم تهتم حتى الآن بوضع نص الدستور الجديد عن العلاج المجاني لغير القادرين موضع التطبيق العملي في حياة المواطنين ، ودون أن توفر لهم علاجهم حفاظا على حياتهم من التدهور أو الهلاك. وأنها بحسبانها جزء من نسيج هذا الوطن ، هي العليمة بأن تطبيق نصوص الدستور عقب استفتاء الشعب عليه لن يتم بين ليلة وضحاها وإنما يستلزم الأمر وقتا معقولا يشعر به الشعب مما يستلزم تضافر جهود سلطات الدولة خاصة من في قبضتها إصدار التشريع لتجعل من نصوص القوانين ما يتوافق مع أحكام الدستور الجديد وحتى لا تحكم الدولة بدستور لا تطبقه القوانين. ويتعين أن يكون على القمة من أولويات سلطة التشريع في البلاد القوانين المتصلة بخدمات الشعب وأخصها الرعاية الصحية وتقديم العلاج المجاني لغير القادرين ، ذلك أن الدستور الجديد صدر تأسيسا على أنه سيحمل تطلعات الشعب وأحلامه نحو ثلاثة عناصر رئيسة هي :العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. كما يجب على الدولة أن تجعل من تلك التطلعات واقعا ملموسا يشعر به أفراد الشعب ، حتى لا تكون نصوص الدستور مجرد نصوص جامدة صماء بغير حياة سطرت على ورق أبيض ، ولا يمنحها الحياة إلا القضاء الذي يغوص في أعماق نصوصها ليتعرف على مراميها ليصل إلى العدالة التي يرجوها المجتمع فتزداد ثقة الشعب في الدولة. هذا وقد سبق للمحكمة أن أصدرت أحكاما أخرى ، بجلسات سابقة بحيثيات مغايرة لعلاج غير القادرين مجانا بعد أن ثبت لديها أن الدولة مازالت مصرة على عدم وضع نص الدستور الجديد موضع التطبيق الفعلي بمناسبة إصابة موظف شاب كان ممن شاركوا في أحداث الثورة مع زملائه وأصيب بتليف في العصب البصري نتيجة مشاركته في ثورة 25 يناير من القنابل المسيلة للدموع.