أخبار مصر.. الصحة: تسليم كروت المتابعة الطبية ل39 ألفا و713 حاجا عقب عودتهم    مطاي تنفذ مبادرة خفض الأسعار للسلع الغذائية في منافذ متحركة وثابتة    بعد ارتفاعه.. سعر الذهب اليوم الجمعة بحلول تعاملات المساء    محافظ الغربية يتابع الحملات المستمرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية    نتنياهو: المساعدات العسكرية الأمريكية تصلنا بالقطّارة    الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة على روسيا    القسام فتحت النار عليهم.. إعلام إسرائيلي يكشف تفاصيل كمين نتساريم في غزة    يورو 2024.. صحيفة فرنسية تكشف موقف مبابي من مباراة هولندا    "الأولمبية" تمهل النصر أسبوعاً للرد على الشكاوى المقدمة من عضو المجلس    "مش في مصر".. شوبير يكشف موعد إعلان ملعب السوبر الأفريقي    قبل ساعات من الامتحان.. تعرف على مواصفات أسئلة مادة اللغة العربية لطلاب الثانوية    وزيرة التضامن تتابع الحالة الصحية لحجاج الجمعيات الأهلية في السعودية    سماع أقوال فرد الأمن ب واقعة مشاجرة إمام عاشور.. كيف علق على اتهامه ب التحرش؟    التضامن تطلق النسخة الثانية لمبادرة "الأب القدوة"    بعد تعرضها للتنمر.. جميلة عوض تدعم أسماء جلال    السمسمية تختتم احتفالات قصور الثقافة ببورسعيد بعيد الأضحى    الجمعة المقبلة.. محمد حماقي يحيي حفل ليالي مصر    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    يورو 2024.. سلوفاكيا تتفوق على أوكرانيا بهدف فى الشوط الأول "فيديو"    إعلام فلسطينى: 30 شهيدا وصلوا مستشفى المعمدانى منذ صباح اليوم    تباين أسعار العملات الأجنبية في ختام تعاملات اليوم الجمعة 21 يونيو    أول تعليق من الأب دوماديوس الراهب بعد قرار الكنيسة بإيقافه عن العمل    «قوة الأوطان» موضوع خطبة الجمعة المقبلة    نادي جامعة حلوان يطلق مبادرة «المخترع الصغير» لصقل مواهب الأطفال    «الصحة»: تسليم كروت المتابعة الطبية ل39 ألفًا و713 حاجًا عقب عودتهم للأراضي المصرية    قوة إسرائيلية خاصة تحاصر قلقيلية شمال الضفة الغربية    مصادر: حلف اليمين للحكومة الجديدة الأحد المقبل    المالية: نعمل على ميكنة مقاصة مستحقات المستثمرين ومديونياتهم لدى الحكومة    وزيرة الهجرة: صندوق "حماية وتأمين المصريين بالخارج" يوفر مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية    هل حصل أحمد شوبير على هدايا من تركي آل الشيخ؟.. حارس الأهلي السابق يوضح    بعد إتهامه بالسرقة.. شقيق شيرين عبد الوهاب يقاضي حسام حبيب    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    محافظ بني سويف يؤدي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن عبد العزيز    الكلب «طاهر أم نجس»؟.. مفتي الجمهورية يحسم الجدل (فيديو)    لتعويض كروس.. موندو ديبورتيفو: ريال مدريد يدرس التعاقد مع أدريان رابيو    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    بالصور- افتتاح مسجد الرحمة الكبير في بني سويف بعد تطويره بتكلفة 470 ألف جنيه    هكذا يؤثر مرض السكري على أعضاء الجسم    قطر: اجتماعات مع حماس لسد الفجوات مع مقترح بايدن بشأن غزة    بدائل الثانوية العامة 2024.. شروط القبول بمدارس «القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي»    بعد الإطاحة به من المنافسة.. خيبة أمل تصيب صناع الفن بعد تذيل أهل الكهف الإيرادات    مدير آثار الكرنك: عقيدة المصري القديم تشير إلى وجود 3 أشكال رئيسية للشمس    أحمد مات دفاعا عن ماله.. لص يقتل شابا رميًا بالرصاص في قنا    أزهري يوضح أضلاع السعادة في الإسلام    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    طريقة عمل ميني بيتزا، سهلة ومناسبة لإفطار خفيف    وزير الإسكان: جار إنشاء الطريق الإقليمى الشرقى حول مدينة أسوان وتوسعة وتطوير كورنيش النيل الجديد    إسقاط التهم عن طلاب بجامعة كولومبيا اعتقلوا في احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين    نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية لطلاب الثانوية العامة 2024    سول تستدعى سفير روسيا للاحتجاج على معاهدة بيونج يانج وموسكو    عاجل - "قطار بسرعة الصاروخ".. مواعيد وأسعار قطارات تالجو اليوم    توجيه سعودي عاجل بشأن رصد 40 حالة تسمم في جازان (تفاصيل)    حلمي طولان يناشد الخطيب بطلب شخصي بخصوص مصطفى يونس.. تعرف على السبب    طقس اليوم شديد الحرارة على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 38    ووكر: يجب أن نرفع القبعة للهدف الذي استقبله شباك منتخبنا إنجلترا    القس دوماديوس يرد على الكنيسة القبطية: "ذهابى للدير وسام على صدرى"    القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة الأرجنتين وكندا في كوبا أمريكا 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النكبة والمصيدة بقلم| عبد الله السناوي

لا ضياع فلسطين آخر النكبات ولا التخلى عن «تيران» و«صنافير» نهاية المصائد.
ما بين جرح نكبة (1948) الذى لم يندمل أبدا وشبح مصيدة (2016) الذى ينذر بعواقب استراتيجية لا سبيل للتخفيف من وطأتها يطرح السؤال نفسه: هل ندرك حقا تاريخنا المعاصر، أحلامه المحبطة ودروسه القاسية؟
أسوأ ما تتعرض له أية أمة أن تخفت ذاكرتها إلى حد نسيان معاركها التى دفعت أثمانها دما وألما.
ما يوصف فى الخطاب الإسرائيلى ب«عيد الاستقلال» هو نفسه «ذكرى النكبة».
لم يكن هناك تنبه حقيقى فى العالم العربى إلى حجم الخطر ومواطنه حتى داهمته المذابح الصهيونية ضد فلسطينيين عزل من السلاح لاستدعاء التهجير الجماعى من أراض هى أرضهم حاملين معهم مفاتيح بيوت لم يقدر لهم أن يعودوا إليها.
تحت صدمة النكبة جرت مراجعات واسعة لأسبابها، تطرقت لأوجه الخلل فى بنية المجتمعات العربية بالفحص والتشريح، وانتقدت الفكر العربى على نحو غير مسبوق، نشأت حركات سياسية من فوق أنقاضها، وجرت تغييرات جوهرية بنظم الحكم.
لم يعد هناك شىء على حاله والتغير شمل كل ما كان يتحرك فى العالم العربى.
أية مراجعة على شىء من الجدية تكتشف بيسر أن القضية الفلسطينية كانت نقطة المركز التى تجرى حولها التفاعلات الصاخبة وتصطدم الإرادات المتنافسة، أو محور كل حركة وفكرة وحوار ينظر إلى المستقبل.
كانت ثورة (23) يوليو إحدى تجليات ما بعد النكبة.
بعد عودته من ميادين القتال فى فلسطين باشر الضابط الثلاثينى «جمال عبدالناصر» إعادة بناء تنظيم «الضباط الأحرار» وتشكيل هيئته التأسيسية والتوجه إلى إطاحة النظام كله بمقوماته وقصوره فى «عابدين» و«الدوبارة» و«لاظوغلى».
بخط يده كتب فى مذكراته الشخصية تحت وهج النيران فى فلسطين: «لم تكن حربا، فلا قوات تحتشد، ولا استعدادات فى الأسلحة والذخائر، لا خطط قتال، ولا استكشافات، ولا معلومات!».
تبدت المفارقة التراجيدية فى القصة كلها أن بعض ما انتقده عام (1948) تكرر معه عام (1967).
كان ذلك جرحا لم يفارقه حتى رحيله رغم حرب الاستنزاف وتضحياتها وإعادة بناء الجيش من تحت الصفر ليحرر سيناء بالقوة.
ما بين النكبة والنكسة بدا التناقض فادحا بين ضيق النظام واتساع المشروع.
فى ضيق النظام نشأت ظواهر بالغة السلبية نحرت بنيته ومهدت للإجهاز عليه مثل تغول بعض المؤسسات الأمنية كأنها «دولة داخل الدولة» بتعبير «عبدالناصر» نفسه.
بعد النكسة دعا إلى «المجتمع المفتوح» و«دولة المؤسسات» و«الحوار مع الأجيال الجديدة» التى ترفض أسبابها وتطلب توسيع المشاركة السياسية، لا قمعها والزج بها خلف قضبان السجون، غير أن العمر لم يطل به لوضع برنامجه الجديد تحت التنفيذ.
على النقيض تماما كان مشروع «يوليو» رحبا فى أفكاره وسياساته، اتسع لقضايا عصره التى تبناها وخاض معاركها فى محيطه العربى وقارته الأفريقية وعالمه الثالث.
بعد حرب «السويس» (1956) خرجت مصر، المستعمرة السابقة، كقوة توضع فى كل حساب وباتت عاصمتها القاهرة إحدى المراكز الدولية التى لا يمكن تجاهل رأيها.
للأدوار تكاليفها، فلا يوجد دور مجانى فى التاريخ.
من السويس حيث تأميم قناتها وخوض حرب غير متكافئة مع الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية بالإضافة لإسرائيل إلى دمشق حيث أول وآخر مشروع وحدوى عربى لم تغب القضية الفلسطينية عن حركة الأحداث الكبرى.
كل شىء ارتبط بها على نحو وثيق، كأنه استطراد لصراعاتها فى ميادين أخرى.
فيما بعد قال زعيم «يوليو»:«إن أول دبابة انفصال كانت هى أول دبابة دخلت سيناء».
نكسة يونيو كانت النكبة الثانية بالنظر إلى توظيفها لتكريس مشاعر الهزيمة رغم النصر العسكرى فى حرب أكتوبر (1973).
كان أسوأ ما جرى بعد «أكتوبر» أن نتائجها السياسية تناقضت مع بطولاتها العسكرية، وأن الذين عبروا على الجسور لم يكونوا هم الذين جنوا جوائزها بتعبير الأستاذ «محمد حسنين هيكل».
وفق المعاهدة المصرية الإسرائيلية عادت سيناء بلا سيادة كاملة، وشملت ملاحقها العسكرية قيودا صارمة على السلاح فى المنطقة (ج) التى تدخل فيها جزيرتى «تيران» و«صنافير».
لم تبد السعودية أية مسئولية عن استعادة الجزيرتين لا حربا ولا تفاوضا، كأن هناك من يحارب ويضحى ويفاوض بالنيابة.
كان أخطر ما تمخضت عنه «كامب ديفيد» عزلة مصر عن عالمها العربى، وتآكل أوزانها فى إقليمها وقارتها وعالمها، وسيادة لغة تستهجن الانتماء العربى أو أى دفاع عن القضية الفلسطينية.
هكذا بدأ الانهيار فى المكانة المصرية واستباحة أمنها ومصالحها مازلنا ندفع فواتيره حتى الآن.
تلك كانت النكبة الثالثة التى شتت العالم العربى.
خسارة المعانى الكبرى تفضى مباشرة إلى السقوط فى المصائد واحدة إثر أخرى.
كانت الحرب الأهلية اللبنانية عام (1974) مصيدة واحتلال بيروت من القوات الإسرائيلية عام (1982) إحدى نتائج الوقوع فيها.
بإرادة المقاومة إجبرت القوات الإسرائيلية على الانسحاب غير أن الصراعات المذهبية لا تسمح رغم كل التضحيات بتجاوز أية مصائد جديدة قد تدفع البلد إلى مجهول مرعب.
وكان الاجتياح العراقى للكويت مطلع التسعينيات مصيدة أخرى أذنت بانهيار النظام الإقليمى العربى وعجزه شبه الكلى عن مواجهة تحدياته وأفسحت المجال تاليا لاحتلال بغداد عام (2003).
بانهيار مشرقه دخل الأمن العربى كله فى انكشاف تاريخى توارت خلفه القضية الفلسطينية وبات مطلوبا التخلص من صداعها.
تتحمل القيادة الفلسطينية المسئولية الأولى فى الوقوع ب«مصيدة أوسلو» منتصف التسعينيات التى شهدت سلاما بلا أرض، بتعبير المفكر الفلسطينى الراحل «إدوارد سعيد» أو احتلالا منخفض التكاليف لا يعيد أرضا ولا يحقق سلاما.
بصورة أو أخرى بدت المصيدة الفلسطينية فى «أوسلو» نكبة رابعة بآثارها السلبية على وحدة الشعب والقضية والانخراط فى احترابات أهلية بين رام الله وغزة أو فتح وحماس.
فى كل أزمة مصيدة وعند كل منحنى نكبة.
قد تقسم الدول العربية من جديد بعد مائة عام من توقيع اتفاقية «سايكس بيكو» ببلطات القوة لا الخرائط الجاهزة.
هذا سيناريو وارد فى كل حساب.
وقد تدخل مكوناتها فى احترابات أهلية بلا نهاية.
وهذا سيناريو آخر على ذات القدر من الخطورة.
بأى استشراف للنتائج الاستراتيجية، التى سوف تترتب على التخلى عن «تيران» و«صنافير»، فإننا أمام مصيدة توسيع «كامب ديفيد» ودمج إسرائيل فى معادلات المنطقة دون أدنى التزام بأية تسوية للقضية الفلسطينية.
المعنى كل شىء مقابل لا شىء.
بأثر الاتفاقية تصبح السعودية دولة جوار مع إسرائيل، وقد بدأت الاتصالات الدبلوماسية والاستخبارتية والعسكرية تخرج للعلن.
ذلك سوف ينال من أية رهانات لديها فى قيادة العالم العربى، فالقضية الفلسطينية رمانة الميزان فى وزن الأدوار والأحجام.
وبآثر الاتفاقية سوف تتراجع أية رهانات ممكنة على الدور المصرى فى إقليمه.
وتلك خسارة استراتيجية فادحة تنال فى وقت واحد من أمنها القومى وهيبتها وأى آمال معلقة عليها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.