هذه «مذكرات» مختلفة عما قرأته للكثيرين من قبل، فهى عبارة عن محطات مختلفة فى حياة أحد المغامرين من رجال الأعمال المصريين. وهى أيضًا «رواية وتقييم» لأحداث سياسية واقتصادية واجتماعية شهدتها البلاد خلال الثمانين عامًا الماضية، كان صاحب المذكرات شاهدًا وشريكًا فيها. وهى «حكاية» طفل شرقاوى «وُلد فى فمه معلقة ذهب»، كما يقولون، لكنه «تمرد» على وضعه العائلى، وشق لنفسه طريقًا خاصًا معتمدًا على ذاته.. حتى أصبح صاحب «سبع صنايع» مع أنه غير متخصص فى أى منها، لكنه كان محظوظًا ب»الصدف» وصيادًا «للفرص». هى مذكرات المهندس، والمزارع، والحلوانى، والمقاول، والتاجر، والناشر، والكاتب صلاح دياب، والتى يضمها كتاب من 400 صفحة من الحجم الكبير. لقد وُلد فى أسرة كبيرة من أصول عربية، استقرت فى الشرقية، كان جده الأكبر من كبار عُمدها، وما تلاه كان أميرلاى بالجيش المصرى، قريبا من الخديو توفيق، لكن عندما ثار الزعيم أحمد عرابى ضد الاحتلال الإنجليزى انضم إليه وحُكم عليه مع آخرين، بالإعدام، وتصادف أن التقاهم الخديو توفيق مصادفة بالمسجد البدوى فأعفى عنهم، ثم جده المباشر الكاتب الشهير توفيق دياب، مالِك وناشر جريدة، «الجهاد» فى أوائل القرن الماضى. ويبدو أن «الجينات» ممتدة فى تلك الأسرة العريقة، حيث أسس صلاح مع خاله توفيق دياب وآخرين جريدة «المصرى اليوم»! وقد تحمست للكتابة عن مذكرات «الزميل» صلاح دياب لسببين؛ فهو كاتب عمود صحفى تحت عنوان وباسم «نيوتن»، ثم أنه شرقاوى مثلى، ولا يزال يتردد على قريته «سنهوت» والتى تبعد عن قريتى بعدة كيلو مترات فقط! والسبب الثانى، أنه زوج ابنة أستاذى وحبيبى المرحوم سعيد الطويل، ورئيس جمعية رجال الأعمال الأسبق، فقد كان الرجل يتعامل معى بمحبة ومودة خالصة، واستضفته مع عدد من الشخصيات العامة وقتها فى ندوة بمجلة أكتوبر، وكنت سببًا فى علاقته بأستاذنا المرحوم صلاح منتصر.. الذى تزوج إبنته الثانية وأصبح «عديلاً» لكاتب المذكرات، كما أن صلاح دياب شقيق الصديقة العزيزة والوزيرة السابقة د. سميحة فوزى من الأم. لكن المذكرات، كما تضم قصة نجاح، لشاب مغامر بدأ حياته العملية منذ كان فى إعدادى كلية الهندسة، ففيها أيضا بعض الأحداث المؤلمة التى لم يكن لها ضرورة، لكنها حدثت لأسباب غريبة ووشايات مختلقة، ولم ينقذه فى المرتين التى قبض عليه فيهم، سوى الرئيس السيسي، والذى دعاه فى القصر الرئاسى إلى لقاء ضم عددًا قليلاً من رجال الأعمال. تحية لبلدياتى الذى لم ألتقيه من قبل، ولكنى أعجبت بمشوار حياته وعصاميته، على الرغم من الارستقراطية العائلية القديمة.