فى مقال سابق ناشدت الجيولوجى سامى الراجحى مكتشف منجم السكرى العودة لاستكمال ما بدأه تحت عنوان "بلدك محتاجاك"، ولم أكن أعلم أنه أصدر كتابا ضخما سجل فيه كافة الوقائع والأحداث التى مر بها المنجم من بداية الاستكشاف، ثم التنمية وانتهاءًا بالإنتاج حتى قيام شركة عالمية من جنوب إفريقيا بالاستحواذ على الشركة المالكة للمنجم بشراء أسهمها من البورصة. فقد فوجئت بأستاذنا د. إبراهيم فوزى وزير الصناعة الأسبق يرسل لى الكتاب مع إهداء رقيق، ويقول فى المقدمة: "هذا كتاب مبهج النفس ويرسم الطريق، ولكنه يوجع القلب ويثير الألم"، حيث حكى فيه الراجحى وقائع تدمى القلب بتدخلات بيروقراطية متعمدة بغرض الإفشال، ولكنه كمصرى مخلص لبلده، تحمل وواصل عمله وتمكن من إنتاج 175 طن ذهب، فى صورة 6 ملايين أوقية، حققت لمصر دخل خارجى يزيد عن 9.5 مليار دولار، والأهم أن المنجم مستمر فى الإنتاج بمعدل من 15 إلى 16 طن سنويًا – من خلال احتياطات مؤكدة تفوق ال 15 مليون أوقية، ويختم مقدمته بالآية الكريمة: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ). وما أعجبنى وطمأننى فى الكتاب، ما قاله الراجحى "أنه تخارج من مشروع وليس خروجا من وطن"، فقد أبدى استعداده للعودة السريعة إذا توافرت الشروط المساعدة والتشريع الشفاف الحاسم، من أجل المخلصين من أبناء مصر من الفلاحين والصعايدة، وأهل القنال والرشايدة، فهم السكر فى طعامها والسكرى فى اقتصادها! ولم يكتف بالتعبير عن الوفاء والحب بكلام جميل – منقدرش تقول حاجة عنه!، وإنما قدم مقترحات يمكن من خلالها اجتذاب أكثر من 200 شركة عالمية، تضخ حوالى 600 مليون دولار – على مدى خمس سنوات – فى مرحلة الاستكشاف سنويا. ويرى أن صحارى مصر من الشمال إلى الجنوب تزخر بالمعادن النفيسة والنادرة، وتحتاج لمن يخرجها من باطن الأرض، ويعتقد أن مصر تتميز بموقع فريد وتركيبة جيولوجية واعدة وشباب قابل للتعلم السريع، ولكن يجب أن يعلم الجميع أن التعدين يعتمد على الدراسات والأبحاث والتكنولوجيا المتطورة، وأن هناك منافسة شديدة بين الدول لجذب المستثمر التعدينى الجاد. وقدم روشتة مختصرة لتحقيق ما يتوقعه، بأن تصبح مصر من مراكز التعدين العالمية، وتتلخص الروشتة فى قانون جديد للتعدين (أورد بنوده الهامة)، وإعادة هيكلة هيئة المساحة الجيولوجية ومصلحة المناجم والمحاجر، وتخارج الشركات الحكومية من النشاط التعدينى، لأنه مكلف ويحتاج لعمل متواصل ويعتمد على تكنولوجيا حديثة باهظة الثمن. وإذا كان لى أن أقترح، فأنا أدعو الحكومة أن تستدعيه وتعينه مستشارًا لهيئة التعدين وتكلفه بتحقيق ما وعد به!