فى ظل حالة عدم الاستقرار التى تضرب المنطقة بعنف، ومواصلة إسرائيل عمليات العربدة واستخدام سياسة فرض الأمر الواقع على المنطقة، والدعم اللامتناهى من قِبل الإدارة الأمريكية للأخيرة، فى الوقت الذى تواصل فيه عمليات القتل للفلسطينيين. تبقى مصر دائمًا رسالتها ورؤيتها واضحة وقرارها ثابت، مبنى على ثوابتها الراسخة وقيمها التى لا تتبدل. فمصر منذ اللحظة الأولى وهى تقف فى مواجهة أى محاولة للانقضاض على القضية الفلسطينية وتصفيتها، مُحذرة من خطورة مثل تلك التحركات مؤكدة أن البحث عن الأمن والاستقرار فى المنطقة لدى أى من دولها لا يمكن أن يكون مبنيًا على حقوق الغير، أو تدمير الأوطان واحتلالها، أو استخدام القوة العسكرية لترويع وتخريب وتدمير المدن وقتل الأبرياء من المدنيين العُزَّل. رسالة القاهرة هى السلام المرتكز على قوة تحميه.. سلام يستهدف التنمية والاستقرار واحترام استقلال الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية. رسالة القاهرة قالتها وتقولها للعالم أجمع ولم تتغير أو تتبدل يومًا، إنه لا يمكن للشرق الأوسط أن يشهد استقرارًا حقيقيًا إلا بالوصول إلى حل عادل وشامل بشأن حل الدولتين وإعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية على حدود الرابع من يونيو 67. أما أى محاولات للالتفاف على ذلك فهى ليست سوى عمليات لسكب مزيد من الزيت على النار، وإذكاء روح الكراهية وخلق مناخ مهيأ لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار. (1) جاء رد القاهرة حاسمًا، واضحًا، جليًا منذ كشفت المخطط المسموم لتصفية القضية، فأعلنت القاهرة قرارها «لا للتهجير.. نعم لإعادة الإعمار ووقف تام لإطلاق النار وتسوية سياسية عادلة تعيد الحقوق وتخلق الأمن والاستقرار». ولا تزال القاهرة تؤكد رسالتها الثابتة بشأن استقرار الشرق الأوسط، وتوضح للقوى الدولية تفاصيل ما يجرى على أرض الواقع وتكشف الحقائق أمام العالم لكى يتحمل مسئولياته أمام أكبر جريمة تُرتكب فى حق الإنسانية، داخل الأراضى الفلسطينيةالمحتلة من جانب الجيش الإسرائيلي. إن التحركات المصرية المستمرة على المستوى العربى والدولى تحمل دائمًا رسالة القاهرة التى أكد عليها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أنها دولة تتعامل بشرف، فلا تشارك فى ظلم، ولا تقبل ظلمًا، ولا تتدخل فى الشئون الداخلية لأى دولة، وتدعم استقرار الدول وتتعاون من أجل تنميتها، وتعمل بالتعاون مع شعوبها للحفاظ على الدولة الوطنية. فمصر تؤمن بالتعاون والتكامل بين الدول من أجل مستقبل أفضل للشعوب. وتحرص مصر دائمًا على التشاور والتعاون مع الأشقاء، الذين يؤكدون دائمًا قيادة وشعوبًا، إن مصر هى بمثابة عمود الخيمة العربية، التى بها يُضمن استقرار الوطن العربي. إن ما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلى الأسبوع الماضى من الاستمرار فى السيطرة على المناطق التى تم احتلالها خلال الشهور الماضية، سواء فى سوريا أو لبنان أو فلسطين، لن يحقق أمن إسرائيل كما يتحدث، لأنها قائمة على احتلال أراضى الغير، وهو اغتصاب للحقوق لا يمكن لأبناء تلك الأرض أن يتنازلوا عنها مهما فعل الاحتلال، بل سيواصلون النضال من أجل تحريرها. إن أمن إسرائيل المزعوم لدى الحكومة الإسرائيلية التوسعية الحالية لن يتحقق وفق ذلك المسار، فأبناء غزة لن يتركوا أرضهم حتى وإن قطَّعتها تلك المحاور الإسرائيلى التى تستهدف فصلها إلى أجزاء صغيرة، مثل "محور كيسوفيم" الذى يفصل بين رفح وخان يونس، ومحور نتساريم الذى يفصل شمال القطاع، محور مفلاسيم يهدف إلى تقسيم شمال غزة إلى قسمين ومحور فيلادلفيا، إنها محاولة لاقتطاع 30% من القطاع، لكن أبناء غزة رغم هذا الحصر وعمليات القتل والتدمير لن يغادروا أرضهم وسيواصلون صمودهم، ولن يتحقق أمن إسرائيل ما لم يكن هناك وقف كامل لإطلاق النار وإعلان حل الدولتين. (2) الجولة الخليجية التى قام بها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضى إلى دولتى قطروالكويت، والتى سبقتها قمة مصرية إندونيسية بالقاهرة، تباحث خلالها الزعيمان تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط وعقب هذه القمة تم التأكيد فى هذا الصدد على ضرورة بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير أهالى القطاع، وصولًا إلى حل شامل ودائم، يستند إلى مبادئ الشرعية الدولية، ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقل. وأكد الرئيس الإندونيسى «برابوو سوبيانتو» رفضه لتهجير الفلسطينيين، وتطابق الرؤى بين مصر وإندونيسيا فى هذا الصدد. ثم جاءت الجولة الخليجية، حيث زار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كلاً من قطروالكويت. جاءت تلك الزيارة فى إطار التعاون والتشاور مع الأشقاء وتأكيدًا على قوة ومتانة العلاقات بين مصر وقطروالكويت. حفاوة الاستقبال فى كلا الدولتين بالرئيس السيسي عبَّرت عن مكانته ومكانة الدولة المصرية، فقد كان الأمير تميم بن حمد آل ثان، أمير دولة قطر، فى مقدمة مُستقبلى سيادته بمطار حمد الدولي. وقد تباحث الرئيس خلال الزيارة مع شقيقه أمير قطر تطورات الأوضاع فى المنطقة، وأكدا تطابق الرؤى بشأن ضرورة وقف إطلاق النار بشكل نهائى فى الأراضى الفلسطينيةالمحتلة وضرورة التوصل إلى حل سياسي. وجاء البيان المشترك فى ختام زيارة الرئيس السيسي لدولة قطر التى استمرت يومين، ليؤكد قوة العلاقات وما تتميز به من رسوخ وثقة متبادلة بين الأشقاء وتطابق الرؤى بين الدولتين فى العديد من القضايا. وأكد الجانبان دعمهما لجهود تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وضرورة توحيد الصف الفلسطيني، بما يضمن تفعيل مؤسسات الدولة الفلسطينية وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى الشقيق. وكذا دعمهما الكامل لخطة إعادة إعمار قطاع غزة، وأعربا عن تطلعهما إلى انعقاد مؤتمر دولى بهذا الشأن تستضيفه جمهورية مصر العربية فى القاهرة، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتنسيق الجهود الإنسانية والتنموية بما يضمن تحسين الظروف المعيشية للشعب الفلسطينى فى القطاع. كما أكد الجانبان التزامهما بدعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث جرى التوافق على العمل نحو حزمة من الاستثمارات القطرية المباشرة بقيمة إجمالية تصل إلى 7.5 مليار دولار أمريكي، تُنفذ خلال المرحلة المقبلة، بما يعكس متانة العلاقة بين البلدين ويُسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التى تخدم مصالح الشعبين الشقيقين. (3) جاءت المحطة الثانية فى جولة الرئيس الخليجية بزيارة لدولة الكويت الشقيقة، حيث كان فى استقباله بالمطار الأميرى سمو الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، وسمو الشيخ صباح خالد محمد الصباح، ولى عهد الكويت، والشيخ فهد يوسف الصباح، رئيس مجلس الوزراء بالإنابة. وترحيبًا بوصول السيد الرئيس إلى دولة الكويت؛ رافق عدد من الطائرات الحربية الكويتية الطائرة المقلة للسيد الرئيس عند دخولها الأجواء الكويتية، وقدم قائد السرب رسالة ترحيب بالرئيس السيسى فى تقليد يدل على حفاوة الاستقبال والترحيب الكبير بزيارة الرئيس للكويت، كما اصطف أطفال الكشافة الكويتية عند خروج السيد الرئيس من المطار الأميرى حاملين أعلام الدولتين الشقيقتين، فى مشهد يعكس عمق الروابط الأخوية بين البلدين. وجاء البيان المشترك عقب انتهاء الزيارة ليؤكد قوة ومتانة ورسوخ العلاقات بين مصر والكويت. وأكد الجانبان عزمهما تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية خلال الفترة القادمة على نحو يحقق المصالح المشتركة للبلدين مع تكليف المسئولين فى الدولتين باتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك. كما أحيطا علمًا بمخرجات اللجنة المشتركة الكويتية – المصرية التى عُقدت فى سبتمبر 2024 فى القاهرة واللجان الفرعية الأخرى المنعقدة على هامشها، والتحضيرات الجارية لعقد الدورة الرابعة عشرة للجنة المشتركة خلال الفترة المقبلة، بما يسهم فى الارتقاء بمسار التعاون المشترك فى مختلف المجالات. اتفق الجانبان على دفع العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية بين البلدين، حيث أعرب الجانب الكويتى عن عزمه تنفيذ استثمارات فى الاقتصاد المصرى والاستفادة من الفرص الاستثمارية المُتعددة فى مصر فى مجالات الطاقة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والتطوير العقارى والقطاع المصرفى والصناعات الدوائية. واتفق سمو أمير الكويت والرئيس السيسى على ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بمراحله الثلاثة، الذى تم بجهود مشتركة لجمهورية مصر العربية ودولة قطر والولايات المتحدةالأمريكية. وأعربا عن إدانتهما واستنكارهما لخرق الاحتلال الإسرائيلى لهذا الاتفاق، وشددا على ضرورة وقف استهداف المدنيين وتيسير النفاذ الآمن والكافى والمستدام للمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى فى الأرض المحتلة تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وآخرها القرار رقم 2720، كما أكدا رفضهما استمرار الاحتلال الإسرائيلى فى عملياته العسكرية، وحذرا من العواقب الإنسانية الوخيمة التى ستترتب على خطورة الممارسات الإسرائيلية التى من شأنها توسيع رقعة الصراع وتهديد أمن واستقرار المنطقة والأمن والسِّلم الدوليين. وأكدت كل من الكويتوقطر دعمهما ترشيح الدكتور خالد العناني، لمنصب مدير عام منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) للفترة من عام 2025 حتى 2029.