في ظل التحديات الجسيمة التي تواجهها الدول المصرية تبرز أهمية الاصطفاف الوطني كركيزة أساسية لحماية الأمن القومي وتعزيز الاستقرار الداخلي، ويأتي الاصطفاف الشعبي خلف القيادة السياسية كواجب وطني في اللحظات المفصلية، حيث يتطلب الأمر تضافر الجهود وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو أمنية، فدعم القيادة السياسية يعبّر عن وعي شعبي بأهمية الحفاظ على الدولة ومؤسساتها في مواجهة محاولات التشكيك والتفكيك، وفي هذا السياق، يصبح الاصطفاف الوطني مسئولية مشتركة بين المواطن والدولة من أجل العبور الآمن نحو المستقبل، وقد تحدث عدد من الخبراء والمتخصصين عن أهمية الوحدة والاصطفاف خلف الدولة وقيادتها. د.نسرين مصطفى فى البداية يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والإستراتيجية إن الاصطفاف الوطنى مهم فى تلك الفترة لعدد من الاعتبارات المتعلقة بقضية غزة والترتيبات التى يمكن أن تجرى وتأثيرها على الأمن القومى المصري؛ لذا يجب أن نميز بين مستويين، الأول خاص بتعزيزات القوات المسلحة للدفاع عن أمن الوطن وحماية الأمن القومى المصري، والتأكيد على ثوابت التعامل المصرى فى هذا الإطار وهو أمر مهم، ولكى يحدث اصطفاف وطنى لابد من وجود مناعة وطنية فى مصر فلابد من الوعى وأن يقف الرأى العام خلف القيادة السياسية، وبالتالى لا يستمع للشائعات أو الأخبار الملونة والمضللة. وأضاف: مواجهة الشائعات أمر مهم الآن، ويلعب فيه الإعلام الوطنى والنخبة السياسية دورا مسئولا، حيث إن الإعلام يؤدى دورا كبير فى هذا، فالاصطفاف الوطنى لابد أن يشمل 4 مراحل، الأولى هى عدم الاستماع أو الإنصات لما يمكن أن يطرح فى هذا التوقيت خاصة فى ظل حجم الشائعات وحجم المخاطر والتحديات التى تواجه الدولة المصرية. ويواصل فهمي: أما النقطة الثانية فهى بث أكبر قدر من الحقائق التى يمكن البناء عليها والتى يمكن مواجهتها. والمستوى الثالث هو الشفافية فى نقل الحقائق للمواطن وإعلامه بكل ما يجرى مع التأكيد على ضرورة أن تكون هناك قضايا متعلقة بحماية الأمن القومى المصرى مع التصدى لكل هذه الشائعات والأخبار الملونة وأخيرًا بناء المناعة الوطنية. وأكد أنه لكى نلتف حول القيادة السياسية يجب أن يكون ظهير الدولة مؤمنًا، وأن يكون هناك قدر كبير من الرشادة والوعى السياسى والمجتمعى لدى المواطن البسيط لمجابهة مثل هذه الأمور ويجب أن يكون الرأى العام مستنيرا وأن يتصدى المتخصصون لمواجهة أى شائعات وتفنيدها وتكذيبها فى نفس التوقيت مع إيجاد أدوات مجابهة استباقية خاصة على مواقع السوشيال ميديا من خلال الشفافية المطلوبة للتعامل مع مثل هذه الأمور. وقال اللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية إن المنطقة تمر بظروف صعبة خاصة فى ظل نشوب صراعات مسلحة بين الدول خاصة فى ظل الأطماع الإسرائيلية المستترة والعلنية منها، تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على كل أذرعها والأدوات الداعمة لها بتأييد من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأكد أنه فى ظل هذه الظروف الصعبة نستطيع أن نقول إن الشعب المصرى واع ومدرك أهمية الالتفاف حول قيادته السياسية، وإظهار ذلك للرأى العام العالمى، وبدا ذلك يظهر فى الأفق بعد تصريحات ترامب العنترية؛ فهب الشعب المصرى عن بكرة أبيه فى تظاهرات وصلت للحدود المصرية الفلسطينية، وعند رفح تحديدا لرفض التهجير وحل تصفية القضية الفلسطينية . ويواصل: فى نفس الوقت تحرص القيادة السياسية على إظهار موقفها للشعب بوضوح وشفافية وهو ما حدث خلال الفترة الماضية، وترجمت هذه العناصر أثناء زيارة الرئيس الفرنسى مانويل ماكرون للقاهرة مؤخرا وكان للدولة المصرية برنامج استقبال الرئيس الفرنسى، حيث اصطحبه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الأماكن الأثرية التى بها العبق والتاريخ المصرى . وتابع: كانت المفاجأة هى تواجد الرئيس مترجلا فى أكثر المناطق ازدحاما على مستوى الجمهورية فى ظل محيط ملتهب ملئ بالصراعات المسلحة، ولكنها رسالة أن مصر بلد الأمن والأمان وأن الشعب ملتف حول قيادته السياسية، وظهر فى عدة مشاهد منها تناول السيد الرئيس وضيفه وجبتهم فى أحد المطاعم التاريخية، وهو مطعم نجيب محفوظ فى خان الخليلي، بالإضافة إلى تواجده فى جامعة القاهرة ثم فى العريش . وعن رؤية الآخر للاصطفاف الوطنى أكد الخبير الاستراتيجى أن ذلك الاصطفاف يسبب التوتر والغضب لأعداء السلام. ومن جهة أخرى يحجم من طموحه غير السوى تجاه الموقف فى المنطقة وتجاه استمرار احتلاله للأراضى الفلسطينية ومحاولاته الغاشمة لتفريغ القضية من محتواها واستمرار عبثه بالمقدرات الإنسانية بالشعب الفلسطينى والوقوف أمام الكيل بمعيارين فى المجتمع الدولى. أما اللواء حمدى بخيت، المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا فيرى أن الجميع أدرك منذ 2011 أنه لحماية أى أمة ضد العدائيات لابد من توافر 3 عناصر، الأول هو الوفاق الوطنى فيجب أن تكون الدولة على قلب رجل واحد ويعلى الجميع مصلحة الوطن وننكر ذاتنا، والثانى ضرورة وجود وعى وطنى قادر على التصدى للإشاعات والأكاذيب وأساليب الحرب النفسية، والثالث هو الإرادة الوطنية والمقصود بها هدف واضح والتخطيط المنطقى والعقلانى لتحقيق هذه الغاية؛ فالوفاق يقع على عاتق القيادة السياسية مع الشعب مما يجعل النتائج أفضل فمن مهام القيادة السياسية تنمية الإرادة لدى المواطن، وكذلك بناء الكوادر واستخدام الأدوات المتاحة حتى أعلى عائد والتصدى للتعقيدات والأزمات وكل ما يواجه الدولة فى هذا الوقت كل ما سبق يحمى الدولة على مستوى المواطن وعلى مستوى الإدارة عدا ذلك لا يمكن تحقيق الاصطفاف الوطنى فلا يمكن تهديد دولة مصطفة وتؤيد قيادتها السياسية. وأكد بخيت أنه لا يمكن تنفيذ مخطط فى بلد واع، وهى مسئولية كل أجهزة الدولة خاصة الإعلام والبيت والمدرسة والجامعة ومؤسسات المجتمع المدنى لبناء الوعى، لكى يتصدى المواطن للشائعات والأكاذيب لابد من الوعى خاصة فى ظل الحرب الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعى. وفى نفس السياق قال اللواء السيد الجابري، الخبير الاستراتيجي: المصريون وقت الأزمات يظهر معدنهم الحقيقى ويلتفون حول قياداتهم بشكل فطرى، وهناك أمثلة عديدة فى التاريخ تؤكد ذلك. وأضاف: كل ما نراه من موجات قوية من الشائعات يأتى فى إطار المؤامرة على مصر كما أن أصلها من الخارج وهى محاولات لشق الصف داخل الدولة المصرية من جهة وشق الصف العربى من جهة أخرى لتفتيت الترابط وإنجاح المؤامرات التى تهدف إلى القضاء على القضية الفلسطينية وتصفيتها .