أرسل لي صديقي مصطفى عبر "الواتس آب" يسألني عن لعبة لا يعرفها قرأ خبرًا يقول إن متحف الأقصر للفن المصري القديم أعلن عن اختيار لعبة "سينيت"، التي تعود لعصر الدولة الحديثة كقطعة لشهر إبريل، حيث ستُعرض بشكل مؤقت طوال الشهر، وذلك بناء على تصويت متابعي الصفحة الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". وذكرت له أن تلك اللعبة هي مزيج من ألعاب مختلفة نلعبها اليوم مثل "الشطرنج" و"السلم والثعبان" و"الطاولة" ثم شرحت له طريقة لعبها، فتعجب مصطفى من أني أعلم خطوات اللعب فأجبته أني حضرت منذ عامين فعالية في المتحف القومي للحضارة المصرية بعنوان "ملعوبة" نظمتها مدرسة "خزانة" للتراث بالتعاون مع مؤسسة "جيبرا"، عن لعبة "السينيت" حيث سُمح للمشاركين في الفعالية اللعب بها. محمود درغام ولعبة «سينيت» هى لعبة مصرية قديمة يلعبها لاعبان، وهى عبارة عن صندوق مُقسم إلى 30 مربعًا و10 قطع لعب حيث يحصل كل لاعب على 5 قطع، كما أوضحت د. رضا عطا الله، عضو هيئة التدريس بكلية الآثار جامعة الأقصر، قبل أن تتابع أن اللعبة التى عُثر عليها فى مقبرة الملك "توت عنخ آمون" من أجمل ما تم العثور عليه عن آثار تلك اللعبة لأنها مصنوعة من خشب «الأبانوس» المُطعم بالصدف والعاج والأحجار الكريمة. وأشارت إلى أن لعبة «سينيت» هى لعبة ملكية فى الأساس بمعنى أنه لم يكن للأفراد العاديين فى مصر القديمة أن يلعبوها، لكن هذا لم يمنعهم من لعب الألعاب المشابهة مثل «سيجا الصعايدة» التى تشبه إلى حد كبير لعبة «كونيكت فور» و«إكس أو». الاجتهاد فى اللعب ولم يقم المصريون القدماء بتسجيل طريقة لعب «سينيت»، كما بينت د. رضا، قبل أن تؤكد أن طريقة اللعب الحالية كانت اجتهادات من الأثريين وعلماء المصريات من خلال مشاهداتهم لمناظر اللعبة على جدران المقابر. ويتم وضع قطع اللعب العشرة على الصف الأول من المربعات، كما ذكرت د. رضا، ثم يقوم اللاعب بإمساك العصا الخشبية الملونة وعددها 5 وإلقائها، ثم يتم تحريك القطع بعدد العصى التى سقطت على الجوانب الملونة، والشخص الفائز هو من ينجح فى إخراج قطعه الخمسة من لوحة اللعب قبل الآخر، مُشيرة إلى أنه لا يجوز وقوف قطعتين على نفس المربع فإذا كانت قطعتك تقف على مربع وجاءت قطعة الشخص المُنافس فإن قطعتك تعود لنفس المربع الذى تحركت منه قطعة المُنافس. مربعات الأمان وأشارت إلى وجود ما يُسمى مربعات الأمان فى لوحة «السينيت» مثل مربع «العنخ» أو مربع الحياة ويقع فى وسط اللعبة، وقد سُمى بذلك الاسم لأنه يحمى القطعة الواقفة عليه من العودة للمربعات المُتأخرة، وأيضًا مربعات «السعادة» و«الطيور الثلاثة» و«الرجلين» و«بيت رع»، فى المقابل نجد مربع «بيت المياه» ويقع قُرب مربع النهاية وهو يعيد القطعة التى تقف عليها إلى مربع «العنخ». ونجحت مؤسسة كرامة للتنمية الثقافية والاجتماعية خلال عام 2021، كما أوضحت رئيس مجلس أمنائها، وصاحبة مؤسسة «جيبرا» رانيا صديق، فى إحياء لعبة «سينيت»، وقاموا بتنظيم عدد كبير من الورش بلغ قرابة ال 35 ورشة لتعليم لعبها سواء فى المتحف القومى للحضارة المصرية أو متحف الطفل أو بيت المعمار المصرى أو الجامعة الأمريكية، مشيرة إلى أنها تعلمت خطوات وقواعد لعبة "السينيت" من أحد الباحثين فى إنجلترا. جانب ديني وأضافت، أن اللعبة فى بداية ظهورها فى عصر الدولتين القديمة والوسطى كان هدفها التسلية لكن فى عصر الدولة الحديثة أصبح ل «السينيت» جانب ديني، وذلك خلال الحساب فى الحياة الأخرى حسب المعتقد المصرى القديم، بمعنى أنه من أجل الوصول للخلود يجب الفوز فى لعبة «السينيت»، لذلك فإن الهدف من اللعبة هو تنمية الصلاح فى الإنسان وتدريبه على أن يكون أفضل، فإذا كنت تلعب بغرض الفوز وتعمل على تعطيل مُنافسك فستخسر لكن لو كمن تلعب باجتهاد وشرف فستفوز. إعادة إحياء وأعربت رانيا صديق، عن فخرها وسعادتها، بإدراج اللعبة فى مقرر الدراسات الاجتماعية للصف الرابع الابتدائي، هذا إلى جانب قيام شركة "كنوز" لصناعة المستنسخات الأثرية بالبدء فى إنتاج اللعبة، كما قامت مؤسسة "جيبرا" بطرح "السينيت" للبيع فى البازارات داخل المتحف المصرى الكبير وذلك بخامات مختلفة حتى تتناسب مع كل الإمكانات المادية، بالإضافة إلى قيام شركات السياحة الكبرى بطلب نسخ من اللعبة لإهدائها لعملائهم الكبار. ولفتت إلى أنهم يعملون حاليًا على إعادة إحياء المكحلة المصرية القديمة و«شخشيخة حتحور» أول شخشيخة فى التاريخ، إلى جانب «مرآة حتحور» المصنوعة من النحاس والتى لها رمزية كبيرة جدًا فى مصر القديمة.