اختار الخروج الآمن وترك وطنه لأطماع الاحتلال الذى دمر كل أنواع أسلحة الجيش السورى وكأنها رسالة بأن تكون سوريا دولة منزوعة السلاح مع أوضاع اقتصادية تعانى منها لسنوات، وشعب ضائع بين اللجوء والشتات داخليًا وخارجيًا وجموع كبيرة فى سجون تحت الأرض، شاهد الجميع معاناة إخراجهم منها، وهنا تبادر إلى ذهنى عددًا من الأسئلة، منها: ما هذا الجحود وأين إعمال العقل والإنسانية وكان من الممكن تغيير مسار الآلاف من المساجين إلى إصلاحهم ودمجهم فى المجتمع باقل التكاليف؟، وهل يعقل أن نصدق ما شاهدناه صوتا وصورة لبشر عاشوا فى السجون لسنوات؟، ماذا سيفعل هؤلاء بوطنهم بعد خروجهم من الظلمات إلى النور؟ وهل من حق الحاكم العيش فى رغد وله كل الحقوق وأن يذهب الشعب إلى الجحيم؟! إن ما ارتكبه النظام السورى فى حق شعبه ووطنه ومؤسساته سوف يلاحقه وعائلته إلى يوم الدين، فبعد خروجه الآمن نقول له، الأمر فى سوريا لم يكن خناقة فى حارة وإنما دولة بحجم سوريا يتم تركها منهوبة أو عرضة للتقسيم بهذا المضمون والشكل، فهى مسئولية لن تنتهى بخروجك الآمن، وهل كنت رئيسا من أجل العيش فى قصر الرئاسة وفقط؟، وهل يعقل ما نراه من وضع مؤسسات الدولة وفى المقدمة مؤسسة الجيش التى حلت نفسها وحل مكانها قوات إسرائيلية دمرت أسلحة الجيش؟! حقيقة أنا فى حالة ذهول مما أرى وأسمع حتى ولو كان به نوع من المبالغة، ولكن ما أتحدث عنه ما تم كشفه فى السجون وأبرزها سجن "صيدنايا" الملقب بالمسلخة البشرية، وهل مفهوم رئيس الدولة أن يتم سجن كل هذه الأعداد من البشر وهم مفترض أن يكونوا رعاياك كرئيس دولة، والأخطر من كل ذلك ما تردد حول تسليم الكيان كل المعلومات العسكرية السرية مقابل السماح لطائرته بالإقلاع من مطار دمشق وعليه قامت إسرائيل بدورها بتدمير وتصفية كل مخازن الأسلحة السرية ومواقع الرادارات والطائرات والأسطول السورى بالكامل، وهذا يعنى أن تكون أرض سوريا مستباحة دون سلاح لفترات طويلة وفى الآخر يعلن أنه تنحى عن السلطة لحماية بلاده وهو فى الحقيقة حرق البلاد قبل مغادرتها بطرق جديدة واحتلالها من جانب إسرائيل وتسليم ما تبقى منها للطائفية، ومن غير المعروف ما هو مصير هذه الدولة الوليدة ومن أين تبدأ ومن يحكم فى ظل تصفير مواردها، وهل يساهم الشعب السورى فى البناء والإعمار؟، وهل سيعود إلى وطنه أم سيبقى يتابع من بعيد كى يتأكد من حكم رشيد يضمن له حقوقه؟ وبالتالى هناك تساؤلات كثيرة مشروعة حول سوريا بعد سقوط نظام عائلة الأسد وهل يدعم المجتمع الدولى سوريا أم المؤامرات مستمرة فى تجاه الأسوأ؟، وهل يمكن للجماعات المسلحة الجديدة الدفاع عن بلدهم ويتم إجراء انتخابات بعد انتهاء المرحلة الانتقالية والتى ربما تصل إلى 6 أو 8 أشهر مع كتابة دستور جديد، وبالتالى تشير التوقعات نحو الانتقال السلس للحكم مع تحديد أولويات المرحلة مع الابتعاد عن بيئة الاختلاف التى تحبط التجربة فى مهدها. قد لا يكون الوضع بهذا اليسر والسلاسة، فقد ترك الأسد بلدًا مفككًا تتنازعه فئات متعددة، فالذى أسقط حلب وقاد التغيير كانت «هيئة تحريرالشام»، حيث شاركت مجموعات مع هيئة تحرير الشام، والذى أعطى انطباعًا أوليًا بأن سوريا لن تكون عدوة لأى دولة، وإنما سوف تحافظ على علاقات الود والاحترام مع الجميع وسوف تستوعب كل أهل سوريا لبناء وطن جديد.