مر عام وغزة تتساوى بالأرض، ودمر العدو المسعور أكثر من 215 ألف منشأة ومبنى سكنى، وبلغ حجم خسارة القطاع الذبيح 18.5 مليار دولار، وسقط نحو 41 ألف شهيد ما بين امرأة وطفل وشيخ وشاب. وحسب إحصائية منظمة الأممالمتحدة لليونيسيف قتل جنود الاحتلال ما يفوق ال 13 ألف طفل، أضف إليهم زهق أرواح الأطفال اليومى من جراء المجاعة ونقص الدواء والأمصال، وتتوقع الأممالمتحدة تكلفة إعادة إعمار غزة 40 مليار دولار. ولا ينقطع سقوط قذائف أسلحة الدمار الحديثة على رأس أهل غزة حتى كتابة تلك السطور، التى منحتها جميع دول الغرب لحليفتها الاستراتيجية فى المنطقة، تستهدف ترسانتها قطاعا من شعب محاصر جريمته أنه يبحث عن حريته، وقارنت دراسة عسكرية أمريكية نشرتها صحيفة فايننشال تايمز بين حجم دمار مدينة درسدن الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية وبين خراب غزة. وأوضحت أن مجموع قصف دول الحلفاء على درسدن الألمانية ألحق دمارًا بنسبة 59%، بينما كم الدمار بغزة وصل إلى 90%، وفى الحرب الأوكرانية تجاوز حجم ركام غزة إلى ضعف نسبة ركام أوكرانيا الناتج عن الغزو الروسى، وهذا ما صرح به مدير إزالة الألغام فى فلسطين. وبرغم هول دمار غزة استطاعت محو أمية العالم عن حقيقة القانون الدولى، وعرفت الجميع أنه مجرد حبر على ورق، علمت غزة العالم معنى الصمود والثبات أمام التضحيات الجمة فى سبيل تحرير الأرض والمقدسات، اغتصبها طرداء أوروبا، ونزعوا يافطة ملكية أصحابها، وزرعوا بدلا منها يافطة أخرى ملطخة بدماء الأحرار، وزعمت أنها أرض بلا شعب لمجموعة مطاريد بلا أرض غير أن أرض العالم كانت تحت سيطرة أوروبا وأبت حكومة العالم الخفية إلا هذه الأرض؛ لتنفيذ مشروعها الخبيث. وتحتوى أجندة الكيان الصهيونى الغاصب على عدة أهداف من حربها على غزة، بداية من إبادة القطاع عن بكرة أبيه إلى محو تاريخ غزة، فقد نسف جيش الاحتلال 206 موقعًا أثريًا من أصل 325 موقعًا يمتلكها القطاع، طبقا لإحصائيات المكتب الإعلامى الحكومى، وتدمير المعالم الحضارية يأتى ضمن نهج المحتل منذ استيلائه على فلسطين، سعيًا منه إلى القضاء التام على الآثار التاريخية الشاهدة على شعب جذوره ممتدة إلى أعماق التاريخ، وهو ما أشار إليه المؤرخ البلجيكى "لوكاس كاترين" فى مقاله. وذكر أن الإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى تشمل الإنسان والحجر وتدمر تراثًا كبيرًا لشعب مغتصب من مساجد وكنائس وآثار فرعونية وبيزنطية وإغريقية وإسلامية. وبرغم شدة أحزان وآلام غزة إلا أنها زعزعت صورة الاحتلال الإسرائيلى أمام عيون العالم، وانحازت شعوب الأرض إلى قضية الشعب الفلسطينى، وسقطت الصورة المزيفة عن اضطهاد العرب لبنى صهيون، التى ظلت تحظى بتأييد غربى واسع على مدار عدة عقود، وانتصرت غزة حين أيقظت الأجيال الشابة فى جميع أنحاء العالم تجاه نصرة القضية الفلسطينية.