حالة من الشغف والترقب على المستويين المحلي والعالمي مع قرب موعد افتتاح المتحف المصري الكبير خاصة مع الدعاية والتشويق، التي تقوم بها وزارة السياحة والآثار معلنة عن مفاجآت في سيناريو العرض، خاصة في مجموعة الملك «توت عنخ أمون» إلى جانب القاعات التفاعلية مثل قاعة الواقع الافتراضي ومتحف الطفل. سيناريو وضعه فكر وأيادي خبراء وأساتذة مصريين يحكي تاريخ مصر عبر العصور منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني الروماني في ترتيب رائع وجذاب تحكي كل حلقة من حلقاته جزءا من تاريخ مصر، الذي أنار العالم فهنا الملك «رمسيس الثاني» وهناك الملك «توت عنخ آمون» وتلك مراكب «الملك خوفو» والمسلة المعلقة وغيرها الكثير من القصص. محمود درغام – تصوير: عصام محمود وأمام الدرج العظيم قال د. عيسى زيدان، مدير عام الترميم الأولى ونقل الآثار بالمتحف المصرى الكبير: إن سيناريو العرض المتحفى قد تم وضعه من قبل لجنة تم تشكيلها من أساتذة الآثار وعلماء المصريات والمسئولين عن الآثار داخل المتحف الكبير، وهذا السيناريو يشمل جميع القاعات سواء البهو العظيم أو قاعتى الملك «توت عنخ آمون» أو قاعات العرض الرئيسية، فالدرج العظيم الذى يضم 86 قطعة آثرية ثقيلة من عصور مصر المختلفة بداية من عصر ما قبل الأسرات وحتى الدولة الحديثة تم اختيار القطع المعروضة عليه حسب الموضوعات الأربعة للعرض المتحفى وهى أولاً: الملكية فى مصر القديمة، حيث تم اختيار القطع الأثرية الخاصة بالملوك سواء فى الوضع الواقف أو الجالس مثل الملك «سيتى» والملك «رمسيس» والملك «أمنحتب الثالث» والملكة «حتشبسوت»، أما الموضوع الثانى فهو أماكن العبادة فى مصر القديمة، حيث تم اختيار قطع أثرية تعبر عن العناصر المعمارية للمعابد مثل الأعمدة والبوابات، الموضوع الثالث عن الملك وعلاقته بالالهة ويُعرض فيه التماثيل الزوجية مثل الملك «رمسيس» والمعبودة «عنات» وثالث «سخمت» و«حابي» و«رمسيس» وغيرها من مجموعات تماثيل المعبودات المصرية القديمة، أما الموضوع الرابع وهو الحياة الأخرى وذلك من خلال عرض مجموعة من التوابيت الملكية بداية من عصر ما قبل الأسرات لعصر الدولة القديمة.
أما سيناريو العرض فى القاعات الرئيسية فيتميز بأن الآثار فيها غير موضوعة بتسلسل تاريخى فقط بل يوجد سيناريو يحكى قصة أو يتحدث عن موضوع ما بداية من عصر ما قبل الأسرات مروراً بعصر الدولة القديمة ثم الوسطى فالحديثة وأخيراً العصر اليونانى الروماني، كما يتضمن السيناريو القاعات التفاعلية مثل قاعة الواقع الافتراضى التى يعيش فيها الزائر باستخدام نظارات الواقع الافتراضى حياة المصرى القديم فيرى المنزل الذى كان يحيا فيه والسوق الذى يشترى منه احتياجاته والحياة الدينية وأخيراً الدفن وتطور فكرة المقبرة المصرية القديمة بداية من الآبار حتى الهرم، إلى جانب متحف الطفل، الذى يعلم الطفل قصة الحضارة المصرية التى من خلالها يتعلم الانتماء وحب الوطن وكيفية التعامل مع الآثر فى المستقبل، هذا إلى جانب وجود أماكن ترفيهية مثل المنطقة التجارية بما تضمه من مطاعم وكافيهات وبازارات فالمتحف لم يعد مكانا لحفظ الآثار وعرضها بل أصبح منظومة ثقافية وترفيهية وحضارية متكاملة. أجمل قاعات العرض وعن قاعتى الملك «توت عنخ آمون»، يقول: إنها ستكون من أجمل قاعات العرض على مستوى العالم نظراً إلى أنه سيعرض بها عدد من القطع الآثرية لأول مرة من مجموعة الفرعون الذهبى، قطع لم يرها من قبل المختصون بمجال الآثار أو غير المختصين؛ لأنها كانت موضوعة بالمخازن منذ اكتشاف المقبرة سواء فى المتحف المصرى بالتحرير أو مخازن على حسن بالأقصر أو مخازن متحف الأقصر، منوهاً إلى أنه كان المعروض من مجموعة الملك «توت عنخ آمون» فى المتحف المصرى بالتحرير حوالى 2006 قطع فقط لا غير و ذلك على مساحة 700 م وفى متحف الأقصر كان يعرض حوالى 200 قطعة أثرية أما المتحف الحربى فكان يعرض فيه قطعة واحدة هى العجلة الحربية وهى قطع لا يتعدى عددها 2500 قطعة، لكن فى المتحف المصرى الكبير ستعرض المجموعة بالكامل وعددها حوالى 5000 قطعة على مساحة 7000 م منهم قطع تعرض لأول مرة، وقد تم ترتيب القطع بأسلوب يُجيب عن الكثير من الأسئلة عن هذا الملك وأسرته مثل من هو توت؟ من أبواه؟ كيف كان يحيا عندما كان طفلا أو صبيا أو شابا؟ كيف توفى؟ كل تلك الأسئلة يجيب عنها العرض المتحفى من خلال سيناريو رائع مرتب بعناية فمجموعة الملك «توت» تمتاز بالزخم والثراء فمن القطع التى ستعرض مجموعة كبيرة من الصنادل والعصى التى يبلغ عددها قرابة ال 100 عصا إلى جانب الأسرة وتماثيل الاوشابتي، مؤكداً أن من ضمن الآثار العضوية للملك الذهبى صندل كانت حالته سيئة جدا وقد نجح مرممو المتحف فى إحياء هذا الصندل من العدم والآن حالته ممتازة وهو حاليًا فى قاعة العرض. قصة يحكيها العرض المتحفي أما منة هيكل، مهندس معمارى بالفريق الاستشارى للمتحف فتقول: إن أشهر معروضات المتحف وأهمها هى مجموعة الملك «توت عنخ آمون»، التى تعرض فى قاعة واحدة مقسومة لقسمين على مساحة 7000 م أما القاعات الرئيسية فمقامة على مساحة 18 ألف متر، فالمتحف مقسم إلى 6 أقسام حصل الملك «توت» على القسمين الأول والثانى أما القسم الثالث فأخذه الدرج العظيم، وأخيراً فإن الأقسام الثلاث المتبقية أخذتها قاعات العرض الرئيسية، مضيفة أنه سيتم فى قاعتى الملك «توت عنخ آمون» عرض 5000 قطعة آثرية منها ما يعرض لأول مرة وفقاً لسيناريو عرض محكم لأن العرض المتحفى لم يعد يعتمد على التوزيع المكانى للآثار بل أصبح هناك قصة يحكيها هذا العرض لهذا وجب وضع القطع الآثرية بما يتناسب مع القصة المراد إيصالها أو حكيها، فمثلاً قاعتى الملك «توت» تحكى فى البداية بعرض أرشيفى قصة اكتشاف المقبرة وما الأبحاث التى قام بها «هوارد كارتر» كى يصل إليها؟، كيف بحث بمنطقة وادى الملوك؟ بالإضافة إلى عرض لمجسم المقبرة، ثم ينتقل العرض إلى حياة الملك منها ملبسه ومأكله وأدواته الخاصة فى الحرب، الصيد، أدواته الشخصية ومنزله وأسرته المذهبة ومقاعده وألعابه، ثم وفاته، كيف كانت جنازته وعرض توابيته الذهبية ولفائف المومياء والتمائم والتعاويذ والرسائل الملكية، التى يجب أن يستخدمها فى العالم الآخر، وأخيراً عرض للروابط الأسرية بينه وبين الملوك الآخرين مثلاً هل هو ابن «إخناتون»؟ هل والدته هى الملكة «نفرتيتى» أو سيدة أخرى؟ من هى زوجته؟ ففى هذا العرض نحاول التأصيل لهذا الملك الذهبي. وأضافت أن القاعات الأخرى ليست لملك معين فهى مقسمة بتسلسل تاريخى على 4 درجات الأولى لعصرى ما قبل الأسرات والدولة القديمة، والدرجة الثانية لعصر الدولة الوسطى أما الدرجة الثالثة فلعصر الدولة الحديثة وأخيرا الدرجة الرابعة للعصرين اليونانى الروماني، ويأخذ العرض فى تلك القاعات شكل المصاطب داخل كل منها مرحلة زمنية تحكى عن المجتمع وعاداته وتقاليده، ثم الملكية والمعتقدات والأديان، فهو يحاول أن يقدم المجتمع المصرى القديم فى كل فترة زمنية منهم من كل الجوانب سواء الحكم أو المجتمع أو الدين؛ لأنه كان مهما جدا فى حياة الناس.