ما فعله الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية هو الوطنية بعينها والشجاعة بذاتها، فالرجل بدأ حربا ضروسا فى محافظة الشرقية ضد مافيا الدروس الخصوصية وأذنابها الذين استباحوا أموال الفقراء، وتاجروا بالعلم واستغلوا حاجة الناس إلى التعليم وضعفهم أمام مصلحة أبنائهم فتاجروا بعلمهم وجعلوا منه سلعة تباع وتشترى، وفى سبيل ذلك لم يترددوا فى أن يفقدوا ذاتهم ومكانتهم الراقية التى وصفت شعرا بأن المعلم كاد أن يكون رسولا! فهل رأيتم رسولًا يتاجر بما يعلم؟ أو يمد يده ليحصل على مقابل ممن يطلب الحاجة ؟ وقد كانوا هم السبب الرئيسى لضياع قيمة العلم والتعليم، فانهارت كل المنظومة لأن القائمين عليها قد أصيبوا بالطمع والجشع، وتاجروا بنعمة الله عليهم! سنوات وعقود يتوالى على رأس وزارة التعليم فى مصر أسماء وأسماء بعضهم يدرك وبعضهم يؤثر السلامة، بعضهم يملك أدوات الحرب والبعض ليست القضية من أولوياته، سنوات تمر والوضع يزداد سوءا حتى ضاع الأمل فى مستقبل واعد لجيل يلحق بالتطور الهائل الذى يحيط بنا من كل اتجاه! ثم يأتى رجل قلما نجد من يمتلك شجاعته وجرأته وتجرده، بل ونظرته الشاملة للأمور وهو الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية، الذى أعترف أنى قد أسأت به الظن يوما من الأيام حين نقل عنه إنه افتتح محل كوافير، وحين رد حينها قال إن هذا الافتتاح كان فى إطار افتتاح مشروعات صغيرة، وأنه فوجئ بأنه مركز تجميل! لم أقتنع حينها بالمبرر الذى ساقه المحافظ، حتى حين نقلت القنوات الفضائية فيديوهات له وهو يغلق بعض مراكز الدروس الخصوصية فى مدينة الزقازيق اعتبرته نوعًا من الاستعراض! لكننى حين شاهدته مؤخرا فى مداخلات مع بعض الطلاب الذين يسعون لبقاء مراكز الدروس الخصوصية وبعض الأساتذة التجار الذين يحاربون من أجل الثراء على حساب أولياء الأمور، اكتشفت أن هذا الرجل هو من يجب أن يكون على رأس وزارة التربية والتعليم، فما يملكه من شجاعة ومنطق ورؤية فى مواجهة هذه الكارثة - هو ما نحتاجه تماما، بل إنه لو كان لدينا عدد من المسئولين يملكون مثل شجاعته ما كانت لدينا مشكلة! لكن المشكلة الحقيقية هى أن الدكتور رضا عبد السلام والندرة من أمثاله لا يجدون من يمدون له يد العون ويؤازرونه فى معركته الشريفة! بل هو قد يواجه حربا ربما تزعج المسئولين فيؤثرون السلامة ويعرقلون مساعيه، ودليلى على هذا أن السيد وزير التعليم الذى لم نسمع منه أو عنه أى موقف حتى الآن قد ساند الرجل أو شجع بقية المحافظين أو أصدر قرارات تدعم هذه الحرب! صحيح نحن لا نملك له من الأمر شيئا لكننا على الأقل نوجه لمحافظ الشرقية كل التحية والاحترام على موقفه الوطنى الشريف الذى نتمنى أن يكون بداية لحرب ينتصر فيها الضمير الوطنى.