هل سنقترب «عشر درجات» جديدة نحو مستنقع التجاوزات والفساد إن جاز التعبير فىالعملية التعليمية أم نستبعد «عشر درجات» فهل سيفتح قرار وزير التربية والتعليم بتخصيص 10 درجات للحضور والسلوك فى المدارس أبوابا من الفساد والتجاوزات ، لأن هناك من سيستغل هذه الدرجات فى ابتزاز أولياء الأمور ومن سيعطيها لمن لا يستحق ويمنعها عمن يستحقها وبين هذا وذاك ستدور معارك خبيثة لن تنتهى وجميعها سوف يصب فى غير صالح العملية التعليمية بالإضافة إلى تسابق أولياء الأمور ومن قبلهم الطلاب إلى التحايل على هذا القرار بالحصول على تقارير طبية تبرر لهم عدم الحضور وهى تقارير نعلم جميعا أن معظمها سيكون «مضروب» أم أن الأمر سيكون مختلفا وتنضبط العملية التعليمية «أكتوبر» تطرح هذه القضية للنقاش فى السطور التالية:فى البداية.. يؤكد د. سمير أبو على العميد الأسبق لكلية التربية بالإسكندرية أنه قرار محمود لأنه نابع من الدعوة لإعادة الانضباط داخل المدارس.. فضلًا عن أنه سيؤدى إلى انتظام الطلبة فى الحضور للمدرسة.. وأن تلعب المدرسة دورها الكامل فى التعليم النظامى ولكن المطلوب أن تكون هناك ضمانات تراقب إعطاء هذه الدرجات من قبل وزارة التربية والتعليم من خلال إرسال المفتشين للمدارس لمتابعة الحضور والانصراف والسلوك القويم الذى يسلكه التلميذ لأن هذه الدرجات بمثابة سلاح جديد لإعادة الانتظام والأخلاق داخل المدارس المصرية خاصة الحكومية. وأضاف أن الهدف من إرسال المفتشين حتى لا تكون هناك محسوبية أو وساطة فى الحصول على هذه الدرجات أو التلاعب فيها. تنشيط العملية التعليمية ومن جانبه يؤكد د. أحمد إبراهيم أستاذ الإدارة التعليمية بجامعة بنها أنه من الناحية التربوية ستؤدى إلى تفعيل وتنشيط العملية التعليمية ولكن الخوف من إساءة الاستخدام لهذه الدرجات وأن تتدخل فيها الضغوط المجتمعية وأولياء الأمور وتفتح الباب للرشاوى والمحسوبية.. قائلًأ إنه كان يفضل أن يتم تجريب الفكرة على مستوى إدارتين أو محافظتين.. وإذا نجحت يتم تعميمها وإذا لم تنجح يمكن التغاضى عنها.. وهذا هو الأسلوب العلمى لتطبيق أى شىء جديد.. ويطالب د. أحمد بضرورة وضع ضمانات حتى لا تتحول هذه الدرجات إلى وسيلة لسرقة أولياء الأمور وابتزازهم فضلًا عن أن يصاحب هذه الضمانات عقوبات رادعة للمعلمين المتلاعبين.. وأضاف أن التخوف الذى يعرض هذه التجربة للفشل هو أن يتحايل أولياء الأمور على هذا القرار بالشهادات المرضية المضروبة وما أكثرها.. مؤكدًا إذا لم يصحب هذا القرار ضمانات فإنه سيفتح الباب على مصراعيه للفساد والرشاوى.. ويتساءل د. أحمد هل هذا القرار قائم على دراسات وبحوث؟ وهل سيؤدى إلى امتلاء الفصول بالطلاب؟ وإلى أى مدى سيكون المعلم أمينًا فى منح هذه الدرجات العشر للطلاب؟ وهل ثقافة المجتمع المصرى ستأتى لنا بمعلم يخاف ويراعى الله فى هذه الدرجات؟.. وكلها أسئلة سيجيب عنها التطبيق لهذا القرار. اللائحة أما د. محبات أبو عميرة العميد الأسبق لكلية البنات جامعة عين شمس ترى أن عملية الحضور للمدرسة شىء مهم ليس لانتظام العملية التعليمية فى المدارس فقط ولكن لكى يسمع الطلاب الشرح.. وترى د. محبات أننا لسنا فى حاجة لتخصيص درجات للحضور لانتظام العملية التعليمية فى المدارس خاصة أن هناك لائحة تمنع الطالب الذى يتجاوز غيابه 80% من العام الدراسى من دخول الامتحان.. وبالتالى نكون فى غنى من تخصيص هذه الدرجات مادام لدينا مادة تمنع الطالب من دخول الامتحان إذا تجاوز نسبة الغياب. مصالح.. ومكاسب وتبدى د. محبات تخوفها من تخصيص درجات للحضور والسلوك لسببين.. الأول أن يستغله ضعاف النفوس من المعلمين ويتحكموا فى هذه الدرجات لما يحقق مصالحهم ومكاسبهم الشخصية وبالتالى لا تكون هناك موضوعية من هذا القرار.. والسبب الثانى أن السلوك المفروض أنه لا يعطى عليه درجات ولكن تعديل بالتوجيه والإشادة من خلال الأخصائى الاجتماعى والأخصائى النفسى بالمدرسة أو من خلال العقاب المعنوى وليس البدنى، بمعنى حرمان الطالب من المشاركة فى الأنشطة - على سبيل المثال - لأن تقويم السلوك لا يكون بالدرجات. «أفلح إن صدق» والأيام بيننا، هكذا بدأت د. نادية جمال الدين أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس كلامها.. قائلة إن هذا لا يعنى أنها ضد سياسة الوزير.. وأنها مع أى قرار من شأنه انتظام العملية التعليمية ويحقق استقرارها ويحقق الصالح العام. وأضافت أنها تتمنى للوزير الجديد النجاح فى تجربته.. مطالبة الأسر المصرية بالتكاتف مع الوزير ومساندته فى تحقيق هذا الهدف.. لافتة إلى أن لو كل أسرة اهتمت بإيقاظ أبنائها فى الصباح الباكر للذهاب للمدرسة سيكون أفضل لها ولأبنائها بدلا من أن تفتح الباب على مصراعيه للدروس الخصوصية بهذه الصورة المذلة للعقل الإنسانى.. فانتظام الطالب للذهاب للمدرسة يعلمه الارتباط بالمواعيد وهذا شىء مهم نسعى لتحقيقه. وأكدت د. نادية أن رجوع المدرسة لسابق عهدها يتأتى بتفعيل الأنشطة التربوية بالمدارس لجذب الطلبة.. مشيرة إلى أنها كانت تفضل تفعيل المادة التى تشترط نسبة حضور معينة للطالب للمدرسة لدخول الامتحان بدلا من استخدام الدرجات. وتتساءل د. نادية جمال الدين - كيف نطالب الطلاب بالعودة للمدارس والفصول مكتظة بالطلاب حيث وصلت الكثافة الطلابية داخل بعض الفصول إلى 120 طالبا.. فكيف نسطيع أن نطلب من المعلم أن يُدرِّس لكل هذا العدد من الطلاب داخل الفصل الواحد.. مؤكدة أننا فى احتياج إلى 15 ألف مدرسة لإنهاء هذا التكدس الطلابى بالفصول. وأضافت أن التخطيط العمرانى فى مصر مخيف ولا يوجد به «خُرم إبرة» لبناء مدرسة جديدة.. فالمطلوب فى الفترة القادمة أن يشارك القطاع الأهلى بالتبرع لبناء المدارس مثل أيام المبرة والأميرة فاطمة وبناء جامعة القاهرة.. فلابد أن يدخل القطاع الخاص شريكًا فى بناء المدارس ولا يمكن الاعتماد على الدولة وحدها لتحقيق هذا الهدف. وفى نفس السياق يؤكد د. حسن شحاتة أستاذ المناهج وطرق التدريس بجامعة عين شمس أن تحقيق الانضباط بالمدارس لا يتأتى بقرارات وقوانين ولكن من خلال قيام المدرسة بواجباتها التعليمية.. لافتًا إلى أن عندما يشعر الطالب بأن المدرسة تقدم وجبة تعليمية متميزة وتوفر أنشطة تربوية محببة له وخاصة الأنشطة الرياضية والاجتماعية فإنه يقبل على الحضور إليها. حضور.. بلا فائدة! وأوضح د. شحاتة أن غياب الطالب عن المدرسة دليل قاطع ودامغ على عدم قدرة المدرسة فى أداء واجباتها التعليمية.. حيث وجد الطالب أن حضوره للمدرسة بدون فائدة لأنه لا يوجد بها تعليم وأنها مضيعة للوقت.. مؤكدًا أن القرار الجديد لن يحل المشكلة بل على العكس قد يتغلب الطلبة عليه ومخالفته من خلال تقديم الشهادات المرضية المضروبة للانقطاع عن الدراسة.. مشيرًا إلى أن مجلس الشعب الأسبق قد رفض تنفيذ لائحة الحضور والغياب بالقوة وتحويل الطلاب لنظام «المنازل».. مؤكدًا أن حضور الطلبة للمدارس لا يكون بالقوة ولكن طوعيًا وهذا يتحقق إذا وفرت المدرسة التعليم المتميز وقدمت الأنشطة التربوية المحببة للتلاميذ وخاصة الرياضية والفنية وقام المعلم بواجبه التربوى والتعليمى على الوجه الأكمل فإن هذا كفيل بذهاب الطلبة للمدرسة طوعيًا ولكن ما يحدث فى المدارس الآن أن التلاميذ يجدون أنفسهم محشورين داخل فصل يتعدى عدد الطلاب فيه من 60 و80 طالبا ولا يوجد تكنولوجيا تعليمية. مؤكدًا أن التعليم الجديد والمتميز هو التعليم الافتراضى وعبر «النت» والكمبيوتر.