مشاورات واتصالات مكثفة تجرى حاليًا بين عواصم عربية ودولية من أجل تقريب وجهات النظر لحل الأزمة السورية وحسم مصير بشار الأسد ويدور الحديث تحديدا حول مواقف جديدة لكل من روسياوإيران تنطلق من بقاء نظام الأسد ونقل صلاحيات الرئيس إلى حكومة انتقالية تتضمن عناصر من النظام والمعارضة مهمتها العمل على إجراء انتخابات ووقف الحرب والتعاون مع المجتمع الدولى لمكافحة الإرهاب واستعادة الأمن فى سوريا ويبدو أن موسكو ستكون المحطة المهمة لتحقيق التوافق وهناك توقعات بإحراز تقدم فى هذا الملف خلال زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى المرتقبة إلى روسيا، وكذلك زيارة أخرى لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز فى ظل حديث وزير الخارجية الروسى عن إيجابيات ونتائج مهمة لهذه الزيارات ومعروف أن الأسابيع الماضية شهدت تحركا مكثفا حول ضرورة إنهاء الأزمة السورية باعتبارها الخطوة الأهم فى مكافحة تنظيم داعش فقد تم لقاء ثلاثى بين وزراء خارجية السعودية وروسيا وأمريكا فى الدوحة ثم زيارة وزير الخارجية السعودى إلى موسكو واتصالات بين وزراء خارجية مصر وأمريكا وروسيا، وكذلك زيارة وزير الخارجية وليد المعلم إلى طهران وسلطنة عمان واتصالات بين تركياوإيران وسوف تنضج نتائج هذه المشاورات فى القريب المنظور لحل واحدة من أعقد الأزمات فى تاريخ الإنسانية. وفى هذا السياق، أكد عادل الجبير وزير الخارجية السعودى، على أهمية حل الأزمة السورية وأعلن خلال مؤتمر صحفى مع نظيره الروسى سرجى لافروف فى موسكو، إنهم يؤمنون بأن الرئيس بشار الأسد انتهى وإما أن يرحل بعملية سياسية أو عسكرية، مضيفًا: الأسد فقد الشرعية بعد أن قتل أكثر من 300 ألف سورى. وأوضح الجبير أن بشار الأسد جزء من المشكلة وليس الحل.. وهو أحد الأسباب الرئيسية لنمو داعش فى سوريا.. فخلال السنوات الأولى ركز على توجيه سلاحه إلى شعبه وليس إلى التنظيم ما ساعد على زيادة قوته فى سوريا»، وشدد على ضرورة الحفاظ على المؤسسات السورية خاصة العسكرية من أجل مرحلة ما بعد الأسد. وأشار وزير الخارجية السعودى، إلى أن نقطة الخلاف مع روسيا حول مشكلة بشار الأسد هو أنهم يعتبرون فى روسيا أن مصير الأسد يحدده السوريون، مؤكدًا أن هذه المسألة هى التى تشكل نقطة الخلاف، مؤكدًا أن موقف السعودية من سوريا لم يتغير ويدعم الحل السلمى وفق اتفاقية جنيف وضرورة توحيد صف المعارضة فى سوريا. وجدد وزير الخارجية السعودى، التأكيد على رفض أى دور للرئيس السورى بشار الأسد فى مستقبل سوريا وذلك من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة. وتأتى زيارة عادل الجبير وزير الخارجية السعودى إلى موسكو استكمالا للمباحثات التى أجراها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولى ولى العهد النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودى مع المسئولين الروس خلال زيارته العاصمة الروسية فى يونيو الماضى. وكذلك محاور اللقاء الثلاثى الذى جمع وزير الخارجية السعودى بنظيره الروسى سيرجى لافروف والأمريكى جون كيرى فى العاصمة القطرية الدوحة مؤخرًا، وتسعى الاتصالات الحالية بين البلدين نحو تقارب المواقف وبلورة الحلول الممكنة لتسوية الأزمة السورية ورأى مراقبون أن موسكو أبدت مرونة لدول المنطقة فى الاتجاه نحو مسارات موضوعية للحل فى سوريا بعد تصدير الأزمة هناك خلايا متطرفة يمكن أن تهدد الأمن الروسى، بعد ارتكابها حوادث تسعى لتقويض الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، ولم يعد السياسيون الروس يشترطون بقاء بشار الأسد رئيسا للبلاد، واتفقوا مع المعارضة السورية على الذهاب نحو تشكيل هيئة انتقالية للحكم تشترط أن تكون خالية من الأسد. بدورها دخلت إيران على خط الحوار ونشرت وكالة فارس الإيرانية تفاصيل المبادرة الإيرانية التى قالت إنها تتعلق بسوريا ويتضمن البند الأول الدعوة إلى وقف فورى لإطلاق النار فى سوريا، ويدعو البند الثانى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. أما البند الثالث فيتضمن إعادة تعديل الدستور السورى بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية والطائفية فى سوريا، كما يدعو البند الرابع إلى إجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين. وأشار المسئول الإيرانى إلى أن المبادرة جرى تقديمها والتشاور بشأنها مع تركيا وقطر ومصر ودول أعضاء فى مجلس الأمن. وفى تركيا، تتطابق وجهات النظر مع الرياض. ولا تبدو أنقرة مستعدة فى الوقت الحالى للدخول فى اى تفاهمات مع إيران حول مصير الأسد. وعلى العكس من ذلك، تعمل تركيا من جانبها على منح المعارضة المسلحة دورا أكبر فى محاصرة النظام السورى وتقليص إمكانياته العسكرية التى يحتاجها للتقدم على الأرض. وجاءت تصريحات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الأخيرة عن أن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين يتجه إلى «التخلى» عن الأسد لتؤكد أنه من غير المتوقع قبول أنقرة بإعادة تأهيل الرئيس السورى، فضلا عن التشكيك فى صلابة الرأى الذى يقول إن روسيا لن تتخلى عن حليفها فى دمشق. من جهة أخرى، تلقى سامح شكرى وزير الخارجية اتصالين هاتفيين من كل من سيرجى لافروف وزير خارجية روسيا، وجون كيرى وزير خارجية الولاياتالمتحدة دارت حول تطورات الاوضاع الاقليمية، لاسيما الأوضاع فى سوريا ونتائج الاجتماع الثلاثى الاخير بين الولاياتالمتحدةوروسيا والسعودية فى الدوحة، وقد حرص الوزير – لافروف - على إحاطة وزير الخارجية بالجهود والافكار المطروحة لحل الأزمة السورية ووضع حد للمأساة الانسانية التى تشهدها سوريا منذ سنوات. ويدور الحديث حاليا حول ترتيب روسى عربى دولى لبلورة رؤية محددة ينطلق منها الحل فى سوريا كما شكل مؤتمر المعارضة السورية بالقاهرة حول الحل السياسي، والتنسيق مع السعودية ومصر وتحسن العلاقات ايجابيًا وظهور بيانات روسية تؤيد التحركات المصرية وتدعمها، والتوصل الروسى المكثف مؤخرًا مع الائتلاف الوطنى المعارض مؤشرات جديدة فى معادلة الحل. والمبادرة تطرح وفق تسريبات خرجت من عواصم مختلفة تشكيل حكومة وحدة وطنية واسعة الصلاحيات، تضم جزءاً من معارضة النظام الحالى ومن لم تتلوث أياديهم بالدماء، وطرح قوائم متعددة لأسماء مسئولين فى النظام السورى، ونقل الصلاحيات من الرئيس خلال الفترة الانتقالية التى تنتهى بإجراء انتخابات رئاسية. ومن المنتظر أن تشهد الأسابيع المقبلة المزيد من المشاورات الدولية والعربية والإقليمية لحسم الأزمة السورية.