اسمه محمد المنصف المرزوقى، يشبه فى مهمته المنذور لها شخص عرفناه فى مصر كنا نعده قبل الربيع العربى رمزا للمعارضة لذلك انخدع فيه كثير من الشباب كما انخدع الشباب التونسى الثائر من قبل فى المرزوقى، الذى وصل إلى قصر الحكم فى قرطاج بينما لم يصل الزعيم المصرى الكاذب إلى سدة الحكم، لا من خلال مجلس رئاسى، ولا تم تكليفه برئاسة الحكومة، ولم يستعن به الإخوان عندما وصلوا للحكم هذا على الرغم من تحالفهما قبل الثورة أيام كان يمثلهم فى «مجموعة الأزمات الدولية» ويجمعون له التوقيعات للترشح للرئاسة وأيام التقيا فى فندق «فيرمونت» فى اجتماع شهير، ودعمهم لينال من خلالهم حظه من «تورتة» الحكم والسلطة لكن سعيه خاب، كما خاب أمل المخدوعين فيه فانسحب إلى الظل وانكفأ على ذاته وكأسه رفيق أمسياته فى ليالى فيينا.. انسحب العميل المصرى وبقى العميل التونسى يواصل عمله من خلال المنصة القطرية (!!) (1) كل الاستراتيجيات التى تم اعتمادها من الغرب للتدخل فى البلدان العربية وتنفيذ مخطط الفوضى تحدث عنها التونسى منصف المرزوقى قبل انطلاق الثورة التونسية فى شهر ديسمبر 2010، كان الأخير ضيف دائم على شاشة الجزيرة وبرنامجها الاتجاه المعاكس ومدير الحوار «الملبوس» فيصل القاسم يلاعبه هو والضيف المعاكس الذى كان يأتى به فريق إعداد البرنامج من صفوف الموالاة لأنظمة الحكم الديكتاتورية القائمة فى هذا الوقت.. ويتم نصب السيرك لينطلق المرزوقى موظفا كل عضلات وجهه فضلا عن فمه فى الهجوم على الديكتاتورية العربية من المحيط وحتى أعتاب الخليج التى لا يملك أن يتجاوزها، وكيف يتجاوز المانحون فى الدوحة؟!أو يخرج على النص الموضوع له فى المعهدين الديمقراطى والجمهورى الأمريكيين وغيرهما من مراكز «الثنك تانكس» التى تولت مقاولة الربيع العربى ونفذتها رغم أنف الحكام المنبطحين لواشنطن؟! (2) وحين يتحدث تتساقط الكلمات من فم المرزوقى مبتورة أو مبلولة أو مبهمة، ويتولى فيصل القاسم تصحيح ما اشتكل منها على المشاهد واستكمال المبتور، وفى أحاديثه كان المرزوقى يكشف الاستراتيجيات التى سوف يتم تنفيذها والتى يتم تدريب بعض الشباب عليها فى مصر وتونس وغيرهما من البلدان العربية مثل أساليب الكفاح السلمى والكر والفر وتنظيم المظاهرات مركّزا على الشباب القوة الكامنة والحالمة فى المجتمعات والمؤهلة للتغيير، محرضا ومهيجا وقليلون جدا مدركون لخطورة ما يقوله بينما الأكثرية متصورة أن هذا المرزوقى مجرد كائن خرافى درامى أتى من الفضاء الخارجى فى كبسولة حيث يشبه فى ملامحه «آى تى» هذا المسخ الذى اخترعه ستيفن سبيلبيرج فى رائعته السينمائية الهوليودية» ونتصور أنه سوف يعود أدراجه يوما ما خارج كوكب الأرض لكنه للأسف لم يذهب للفضاء الخارجى ولكن دخل قصر قرطاج وأصبح رئيسًا لتونس الحبيبة لمدة ليست قليلة لم ينجز فيها إلا الفشل ولم يجن الأخوة التوانسة من ورائه إلا الكلام والتنظير، - فقط اليهود هم الذين عادوا إلى تونس بأشكال مختلفة - وكان منطقيًا جدًا أن يلفظه الشعب التونسى بالديمقراطية التى نادى بها، فلما خرج من القصر فاشلا احتضنته الدوحة لتبدأ به لعب «الدور» من جديد دور الخداع والهطل الثورى.. ويعود المرزوقى الفاشل فى شهر مارس الماضى يؤسس حراك «شعب المواطنين» لمنع الاستبداد، ويطلق مبادرة لتأسيس مجلس الدفاع عن الثورات يتولى رئاستها، ويطل علينا مجددًا من شاشة الجزيرة يبشرنا فى مصر أن الانفجار آت عبر البراكين والزلازل وأن هذا «حاجة كويسة خالص» لأن البراكين تنتج بعد الهمود أخصب تربة قابلة للزراعة، وأن الفوضى وهدم الدولة شىء ضرورى لإعادة البناء، ويدعو المصريين إلى أن يختاروا أحد السيناريوهين الليبى أو السورى لأن هذا أمر ضرورى وقدرى للانتقال إلى الديمقراطية ودولة المواطنة، ومازال المرزوقى يكرر مصطلح دولة المواطنة فى أحاديثه حتى تمنيت لو أن السامعين فهموا ما وراء هذه الدعوة التى يتم توظيفها بخبث شديد لخدمة أهداف أكثر خبثًا وسوف أحيلكم فى التاريخ قليلاً إلى ما قبل منتصف القرن العشرين حين انتشرت دعوات إنسانية عن حق الشعوب فى إنشاء أوطانها القومية وحق اليهود تحديدًا فى العودة إلى الأرض المقدسة ومقاسمة العرب فى فلسطين و... بلعت النخب العربية الطعم وسوقوه للشعوب العربية التى لم تستفق إلا على قيام دولة إسرائيل، ويعيد التاريخ نفسه الآن من خلال العملاء الذين جاءوا يبشرون بالمواطنة وعودة اليهود العرب إلى بلادهم فى تونس ومصر والعمل الدءوب الذى يمارس على عقول الشباب العربى لقبول هذا تحت دعاوى الإنسانية والديمقراطية والحقوق، وفى هذا كله خلط مفضوح لأوراق اللعبة. (3) الماء والزيت لا يمتزجان والإسلاميون والعلمانيون لا يجتمعان، هذه قواعد لم ينجح فى كسرها إلا واشنطنوالدوحة الأولى استحضرت فكرة إحياء الخلافة التى كان المستعمر البريطانى يستخدمها من قبل (بعد سقوط الخلافة العثمانية) لضرب حركات التحرر القومى فى الوطن العربى، وجاءت شياطين واشنطن لتعيد توظيف الطُعم بعد أن تأكدت أولا أن الحركات الإسلامية فى الوطن العربى هى الصاعدة لا محالة فى الجولة الأولى من الربيع العربى بعد سقوط الديكتاتوريات فى مصر وتونس وليبيا، وتمت هندسة المخطط على هذه الشاكلة، إحياء فكرة الخلافة وصنع محورين للصراع (شيعى وسُنّى) وتشجيع دولة الخلافة الشيعية ورأس حربتها إيران، وانتهاج ذات الأمر مع الخلافة السُنّية ورأس حربتها الإخوان، وفى مرحلة ما سوف يتعاون الطرفان لكنها حتمًا سوف يصطدمان ومن لم يسقط بالفوضى من الدول العربية سوف يسقط بحرب السُنّة والشيعة فى المنطقة. والدوحة أيضًا كانت موعودة ويتم تجهيز الأمير الصغير تميم خليفة للمسلمين بعد أن يتقاعد الأمير الوالد لأسباب صحية أو سياسية أو غيرها.. على هذا الأساس اندمجت وتداخلت قطر فى المخطط واستحضرت مراكز «الثنك تانكس» الأمريكية مثل «راند» و«بروكينجز» وغيرهما لتعمل كقواعد متقدمة من أراضيها، وعلى الرغم أن هذه المراكز النى كانت تحتضنها الدوحة هى قواعد علمانية بحتة إلا أنها فى ذات الوقت كانت تمول وتدرب وتدعم كوادر حماس وشباب الإخوان حصان الرهان الفائز من خلال حساباتها، أو هكذا تصورت الدوحة التى أسقطت من حسابها أهم أطراف المعادلة: الإرادة الإلهية، لذلك لم تصدق الدوحة ولا تريد واشنطن أن تصدق إلى الآن أن الله هو المتصرف فى هذا الكون وأنه لا أموالهما ولا قنواتهما الفضائية ولا أحزابهما وعملاءهما يملكون شيئا أمام إرادة الله.. الدوحة هى التى جمعت المنصف المرزوقى على حزب النهضة فى تونس والإخوان فى مصر ليس لأنها هى التى أرادت هذا ولكن واشنطن هى التى تريد من أجل أن تستمر الفوضى والحرب بين الفصائل والأيديولوجيات والهويات حتى تسقط مصر.. ويسقط جيشها.. مصر الجائزة الكبرى. (4) كلمة أخيرة لن أقولها أنا للمنصف المرزوقى الذى يريد لمصر أن تسقط هذه الكلمة كتبها أحد أبناء تونس لذلك فهو يعرفه أحسن منى ويعرف تاريخه الأسود وقد علّق على أحد كليبات المرزوقى من برنامج «الاتجاه المعاكس» على موقع اليوتيوب يقول: « لأن فاقد الشىء لا يعطيه»، المرزوقى هاجم ولفق الكذب حتى عن أقرب الناس إليه والذين حضنوه حين كان متشردًا بين حانات باريس مثل العفيف الأخضر وسى سليم بقة وغيرهما، هذا المريض الذى يعانى انفصامًا كبيرًا فى الشخصية أليس هو من شرّع لسلمان رشدى وصفّق لكتاب آيات شيطانية واعتبره من باب حرية التفكير والإبداع؟ أليس هو من ناشد أوباما وبوش للتدخل ونشر الديمقراطية فى المغرب العربى كما الحال فى العراق؟ أليس هو من كتب ل «بن على» وتقابل مع بن على فى شهر (4) 2010 قبل الثورة؟ ألم يكن المرزوقى يشمئز من الإسلام ويدعو للعلمانية وهذا كله موثق؟! أما اليوم وحين تبدلت التحالفات صار هذا العميل الصغير حليفا للإسلاميين بأمر من أسياده القطريين.» وهذا جزء من تعليق طويل أنهاه المواطن التونسى بالجملة التالية: «العار كل العار لهؤلاء» (!!).