لم يكد خبر الاتفاق بين أوكرانيا والانفصاليين على وقف إطلاق النار ينتشر حتى تم خرق الهدنة التى جاءت بعد خمسة أشهر من معارك طاحنة بين حكومة كييف والانفصاليين فى شرق أوكرانيا، وذلك بعد أن تبادل الطرفان الاتهامات بإطلاق النار كل على مواقع الآخر، الأمر الذى أضعف الآمال فى إمكانية صمود الهدنة الهشة لمدة طويلة. وتوصل الطرفان لاتفاق وقف إطلاق النار بناء على خطة السلام التى طرحها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين والتى شملت وقف الجيش الأوكرانى والانفصاليين الموالين لروسيا العمليات الهجومية، وفرض رقابة دولية للتأكد من التزام الطرفين بوقف إطلاق النار، وتبادل السجناء بدون أى شروط، وفتح ممرات إنسانية آمنة لنقل المساعدات إلى من يحتاجها، وتم توقيع الاتفاق خلال محادثات بين ممثلى أوكرانيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبى والانفصاليين المؤيدين لروسيا. وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض للهدنة، فقد أثنى الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربيون ياجلاند على خطة التسوية السلمية مشيرا إلى أن تنفيذها يتوقف على طرفى النزاع، كما رحب الاتحاد الأوروبى بالخطة. ولكن على الجانب الآخر، رفض بعض السياسيين الأوكرانيين هذه الهدنة التى اعتبروها دليلا على ضعف بلادهم فى مواجهة روسيا عسكريا ونجاح الانفصاليين خاصة أنها تكرس خسارة كييف بعض المدن فى الشرق. ومثلما انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض للهدنة، انقسمت الآراء أيضا حول إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار بين أوكرانيا والانفصاليين. فبينما يرى البعض عوامل ترجح صمود الاتفاق، لا يستبعد آخرون حدوث خرق قريب له وربما انهياره، فيرى المحلل السياسى المتخصص فى شئون رابطة الدول المستقلة يورى زينين أن هناك عوامل عدة ساهمت فى قبول الطرفين التوقيع على الاتفاق من أبرزها رغبة روسيا فى تجنب العقوبات الأوروبية المشددة علاوة على رغبتها فى عودة الهدوء إلى حدودها الجنوبية. وعلى الجانب الأوكرانى، لعب الوضع الاقتصادى المتردى دورا فى القبول بشروط الاتفاقية حيث إن أوكرانيا تمر بأوضاع اقتصادية صعبة للغاية وتستنجد بأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية وصندوق النقد الدولى الذى لا يرغب فى مساعدتها دون مقابل خاصة أن أوكرانيا استنفدت كل الفرص لنيل الثقة فى وقت السلم فماذا عن الوضع فى وقت الحرب، إضافة لحاجة أوكرانيا للغاز الذى تستورده بكميات كبيرة من روسيا. أما المحلل السياسى سيرجى فيلاتوف، فقد شكك فى إمكانية نجاح الاتفاق نظرا لبقاء الخلافات الأساسية بين روسياوأوكرانيا حيث إن شرق أوكرانيا مازال يطالب بالانفصال فى حين أن السلطات فى كييف مازالت ترفض هذا المطلب. ويرى فيلاتوف أن الاتفاق سيسرى العمل به لبعض الوقت مشيرا إلى أن بنوده تفتقر إلى مقومات الصمود وأن هناك قسما من المعارضين له فى مقدمتهم رئيس الوزراء الأوكرانى الذى أبدى معارضة علنية واصفا إياه بالخديعة من قبل روسيا لتجنب عقوبات الاتحاد الأوروبى، لذا لا يستبعد فيلاتوف انهيار الهدنة فى وقت قريب.