يواجه العرب تحديًا خطيرًا، تمثله عدة خرائط متصارعة طرحتها قوى عديدة، كل منها يسعى لإعادة تفكيك المنطقة ثم إعادة تركيبها من جديد وبما يخدم أغراض بعيدة المدى، فنجد أمامنا خريطة الدول القومية المستقرة منذ مائة عام، وأمامها خريطتان، إحداهما تقوم على تفتيت المنطقة عرقيًا وطائفيًا، وأخرى تستهدف تذويب المنطقة فى كيان غير متجانس تحت مسمى الخلافة مثل هذه الخرائط المتصارعة ليست وليدة اللحظة بل بدأت مع اللحظة التى سقطت فيها بغداد أمام الغزو الأنجلو - أمريكى، وهو الأمر الذى خطط له السيناريو الأمريكى الصهيونى والذى استهدف تفكيك العراق وتدمير جيشه ثم إعادة تقسيمه إلى 3 دويلات بحيث تخرج القوة العسكرية العراقية إحدى أبرز القوى فى المنطقة من المعادلة العربية - مما يحدث خللا واضحا فى الميزان الاستراتيجى للقوى العسكرية فى المنطقة العربية كلها وبما يصب فى الصالح الاستراتيجى الأمريكى - الإسرائيلى. ومع استمرار مسلسل التدهور فى الشأن العراقى وظهور الانقسامات الواضحة يظهر فى الأفق الإرهاب الجديد ويتزعمه أبوبكر البغدادى متصدرًا المشهد ومستترا خلف مزاعم الدولة الإسلامية فى الشام والعراق ليشكل نموذجًا جديدًا لدعاوى التقسيم تحت مسمى تنظيم «داعش» ومتشدقا بمفهوم الخلافة الإسلامية فى العراق - وهذا النموذج وما يحمله من دعاوى وأفكار هو الإطار الذى توصلت إليه أمريكا وإسرائيل لتنفيذ مخطط تقسيم «الشرق الأوسط» وإعادة تشكيله من جديد من خلال دول يزعمون أنها ستكون متجانسة عرقيًا وطائفيًا - وليبقى تنظيم «داعش» ما هو إلا الأداة الأمريكية الصهيونية التى يتم استخدامها فى مخطط تقسيم الشرق الأوسط.. ومع ذلك يبقى السؤال مطروحا - هل تنجح خرائط الفوضى فى إعادة ترسيم المنطقة - وهو المشروع الثانى بعد المشروع الأول «اتفاقية سايكس - بيكو»؟! وأخيرًا فإنه لا يخفى على أحد وحسبما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فإن المنطقة العربية تتعرض للتدمير - وهو ما يعنى فى واقع الأمر تفتيت دولها إلى دويلات متصارعة تحت نيران الحروب الأهلية الطائفية والمذهبية والأهم من ذلك تدمير جيوشها حتى تبقى إسرائيل القوة العسكرية الوحيدة التى تتسيد الشرق الأوسط.