بعد أن خرج الوباء عن السيطرة وبات يهدد بالانتشار إلى مناطق أخرى، حسبما حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، كان من الضرورى أن تتحد جهود الدول الأفريقية لمكافحة تفشى وباء إيبولا فى المنطقة والذى يعتبر من أشد الأمراض الفيروسية فتكا فى العالم. ومن هذا المنطلق جاء اتفاق 11 دولة فى غرب أفريقيا على تبنى استراتيجية مشتركة من أجل مواجهة هذا الوباء الفتاك شديد العدوى الذى اجتاح عدة بلدان فى ثلاث من دول المنطقة وحصد عشرات الأرواح. واتفق وزراء الصحة فى غرب أفريقيا خلال الاجتماع الذى امتد ليومين فى العاصمة الغانية أكرا- والذى دعت إلى عقده منظمة الصحة العالمية بعد ارتفاع عدد الوفيات بسبب الفيروس- على إنشاء مركز إقليمى للمراقبة فى غينيا بهدف تنسيق الدعم الفنى. وتعهد الوزراء بتعزيز التعاون عبر الحدود وبتعاون أفضل مع منظمة الصحة العالمية ووكالات الإغاثة وشركاء آخرين لمراقبة أفضل لرصد حالات الإيبولا ومحاربة الوباء، مشددين على أنه من الضرورى أن تقود منظمات إقليمية مثل الاتحاد الافريقى والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا جهود التصدى للمرض. وبالنسبة لإغلاق الحدود، قال نائب وزير الصحة الليبيرى بيرنيس داهن إنه لا توجد خطة لإغلاق الحدود لمحاولة منع انتشار المرض، لكن يتعين الإسراع فى وتيرة الجهود البديلة على الحدود لتوعية الناس بالمخاطر. ووفقا لأرقام منظمة الصحة العالمية بلغ عدد الوفيات فى غينياوليبيريا وسيراليون نتيجة تفشى فيروس إيبولا 467 حالة من بين 759 حالة إصابة معروفة فى الإجمال منذ فبراير الماضى. وتمركزت معظم حالات الوفيات فى غينيا حيث تم رصد أول حالة إصابة فى فبراير الماضى، ليمتد فيما بعد إلى ليبيريا وسيراليون. وينتقل فيروس إيبولا عن طريق ملامسة سوائل الشخص أو الحيوان المصاب ولا يوجد حتى الآن علاج أو لقاح للوقاية منه، ويؤدى إلى حمى نزفية تفضى إلى وفاة نحو 90% من المصابين به. ويظهر بشكل رئيسى فى القرى النائية بوسط وغرب أفريقيا بالقرب من الغابات الاستوائية المطيرة. ويعتبر الانتشار الحالى للفيروس فى غرب أفريقيا أعلى معدل لانتشار الفيروس من حيث عدد حالات الإصابة والوفيات والنطاق الجغرافى الذى بلغه. ويقول توماس فيسى مراسل «بى بى سى» فى غرب أفريقيا إن العادات الثقافية والمعتقدات القديمة فى بعض المناطق تعترض سبيل تدابير الصحة العامة ما أسهم فى انتشار المرض. ففى بعض الحالات تعرض العاملين فى مجال الصحة لاعتداءات من قبل السكان باعتبارهم مسئولين عن تفشى الفيروس ما أجبر مراكز الطوارئ على إغلاق نشاطها . ويؤكد بارت جانسينس مدير العمليات بمنظمة «أطباء بلا حدود» أن هناك مشكلة حقيقة فى مكافحة الفيروس نظرا لعدم فهم المجتمعات المحلية لحقيقة المرض وتزايد العداء تجاه الأجانب. ووفقا لصحيفة «لوس انجلوس تايمز» فإن بعض المجتمعات المحلية تلقى باللوم فى ظهور المرض على العاملين فى المجال الطبى، فى حين أن هناك سكانًا آخرين لا يصدقون وجود المرض من الأساس ويلقون باللوم على اللعنات أو السحر عند سقوط أحد أفراد أسرته مريضا. كما أن حدود المنطقة سهلة التسلل تسمح للمصابين بالمرض بنقله إلى دول أخرى، وكذلك افتقار دول غرب أفريقيا إلى الموارد اللازمة لمحاربة المرض وتواضع المنظومة الصحية فيها يزيد الأزمة تعقيدا.