بعد مرور 12 عاما على اعتداءات 11 سبتمبر 2001 فى الولاياتالمتحدة، ورغم مرور أربعة أعوام على وعد الرئيس الأمريكى «باراك أوباما» بإغلاق معتقل جوانتانامو الذى ظهر على السطح على خلفية هذه الاعتداءات، فإن معسكر الاعتقال لا يزال قائما حتى الآن كوصمة عار فى جبين الولاياتالمتحدة وبداخله 166 سجينا. فى الوقت الذى يبذل فيه حوالى 100 معتقل منهم محاولة أخيرة للفت أنظار العالم لمعاناتهم بدخولهم فى إضراب عن الطعام منذ شهر فبراير الماضى ، إلا أن ما زاد من معاناة هولاء المعتقلين هو وسائل إجبارهم على الطعام وهو ما ذكرته صحيفة «الجارديان» البريطانية التى أشارت إلى التدابير القاسية التى استخدمتها إدارة المعتقل لكسر إضراب المعتقلين والذى تمثل فى إدخال أنبوبا معدنيا من الأنف تصل إلى المعدة لتغذية المعتقلين قسريا. ورغم الإدانات الدولية لما يجرى فى هذا المعتقل الذى وصفته منظمة العفو الدولية بأنه «يمثل همجية هذا العصر» إلا أن مجلس النواب الأمريكى صوت فى مايو الماضى على مشروع قانون يعرقل خطة أوباما لإغلاق المعتقل. يرجع تاريخ معتقل جوانتانامو إلى 23 فبراير 1903 عندما قامت كوبا ممثلة برئيسها توماس بتأجير للولايات المتحدةالأمريكية قاعدة جوانتانامو على مساحة 90 كيلو مترا جنوب شرقى البلاد بمقابل 2000 دولار أمريكى فى عهد الرئيس ثيودور روزفلت وكان ذلك امتنانا من الرئيس الكوبى للمساعدة التى قدمها الأمريكيون لتحرير كوبا. وقد احتج الثوار الوطنيون على ذلك القرار وعلى إثر ذلك لم تقم كوبا بصرف الشيكات اعتراضا على قرار الايجار وعلى الرغم من ذلك ترسل الولاياتالمتحدةالأمريكية شيكا بقيمة 2000 دولار سنويا إلى حكومة كوبا، وقد افتتح معتقل جوانتانامو خارج الأراضى الأمريكية حتى لا تطبق شيئا من المعايير الإنسانية ضد من أسمتهم مقاتلين أعداء، فبعد أربعة أشهر من حادث الحادى عشر من سبتمبر عام 2001 استقبل جوانتانامو أول معتقليه فى الثانى عشر من يناير 2002 وقد ضم نحو 799 معتقلا من 41 جنسية كانوا كلهم مسلمين وفقا لمنظمة ربريف البريطانية التى تعنى بالدفاع عن حقوق المعتقلين. ويوصف المعتقل بأنه «سيئ السمعة» حيث يتم فيه اعتقال المتهمين بالإرهاب دون إبداء الأدلة ودون توجيه التهم إليهم، ويتم استخدام أساليب التعذيب والإهانة أثناء الاستجواب ويعيشون فى ظروف غير إنسانية، كما يوصف المعتقل بأنه أكثر السجون تكلفة فى العالم، حيث يصل المبلغ الإجمالى لتشغيل المعتقل منذ افتتاحه 4,7 مليار دولار. وقد طالب أعضاء ديمقراطيون بإغلاقه ليس لأنه يمثل وصمة عار على جبين الولاياتالمتحدة أو لأنه يخالف الاتفاقات والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وإنما بسبب الارتفاع الهائل لتكلفته فى ضوء عجز الميزانية حيث يتكلف كل معتقل 2,7 مليون دولار سنويا. وتبرز العقبة الأساسية التى تعوق إغلاق المعتقل أو على الأقل إطلاق سراح المعتقلين الذين لا يعتبرهم نظام القضاء الأمريكى خطرا على الولاياتالمتحدة فى قانون سبق أن أقره الكونجرس ويحد من قدرة الإدارة الأمريكية على إخلاء سبيل معتقلين حيث يفرض القانون على وزير الدفاع شخصيا أن يجزم إن كان المعتقل الذى يريد الإفراج عنه مؤذيا أو غير مؤذ للولايات المتحدة . ويضم السجن حاليا 166 معتقلا من بينهم 86 معتقلا اعتبر أنهم لا يشكلون خطرا على الولاياتالمتحدة وسمح بنقلهم إلى مكان آخر أو الإفراج عنهم بينهم 56 من اليمن، ومن المتوقع أن يبدأ أوباما بإعادتهم إلى وطنهم قريبا بعد أن رفع الحظر عن نقلهم إلى اليمن فى مايو الماضى غير أن جناح القاعدة فى اليمن والمعروف باسم القاعدة فى جزيرة العرب زاد نشاطه فى اليمن مما أثار قلق المسئولين الأمريكيين الذين يخشون من انضمام السجناء المفرج عنهم إلى المسلحين هناك. وقد قام ناشطون حول العالم بالخروج فى العديد من المسيرات السلمية للمطالبة بإغلاق ذلك المعتقل غير الإنسانى، وفى كل مرة تنعقد قمة أوروبية توجه منظمة العفو الدولية دعوة للاتحاد الأوروبى لممارسة الضغوط على الإدارة الأمريكية من أجل إغلاق هذا المعتقل وفقا لما وعدت به هذه الإدارة معتبرة أن عدم إغلاق المعتقل انتهاكا لحقوق الإنسان ودليلا على وجود تواطؤ، وطالبت المفوضية الأوروبية الرئيس أوباما بالوفاء بوعده بإغلاق المعتقل معتبرة أنه من العار أن يبقى فى هذا السجن العسكرى معتقلون غير محاكمين، فى حين شدد مفوض الحكومة الألمانية ماركوس لونينج بعد آخر زيارة له للمعتقل الشهر الماضى على ضرورة إغلاق المعتقل والإفراج عن المعتقلين، مشيرا إلى أن وجود هذا المعتقل كان ولا يزال من وجهة نظر الحكومة الألمانية يمثل اعتقالا لأشخاص بشكل يتعارض مع القانون. وذكر محللون بأنه إذا ما تم إغلاق المعتقل فإنه لن يكون لظروف إنسانية أو رحمة بالمعتقلين وإنما سيكون بسبب تصاعد الرأى العام العالمى والأمريكى الذى أصبح يطالب بإنهاء مأساة لا فائدة منها.