ينتمى فيلم «كلبى دليلى» إلى عالم التوليفة السبكية التقليدية، فى أحد مشاهد هذا الفيلم الذى كتبه «سيد السبكى» وأخرجه اسماعيل فاروق، يتحدث بطل الفيلم «سامح حسين» مع زميله «هشام اسماعيل» عن الحفلة، وفجأة يقتحم الكادر منتج الفيلم «أحمد السبكى» عندما يسأل هشام صديقه: مين ده؟ يرد عليه «سامح»:ده أحمد السبكى منظم الحفلة. هذا المشهد القصير الذى قصد به الدعاية دال جدًا على التوليفة السبكية التى أحدثك عنها، والتى تتعامل مع الفيلم ليس باعتباره عناصر متكاملة، ولكنها تعتبره أقرب إلى الحفلة التى تجمع بين الضحك والغناء والرقص وبأقل قدر من الإتقان أما الحدوتة فهى بسيطة ومفككة تمامًا، المهم أن نبسط الجمهور من الإفيهات والمشاهد والأغانى، وليس المهم التماسك والوحدة، ولكن المهم الفرجة وتغيير الجو سواء فى الصعيد أو فى مارينا! «سامح حسين» بطل الفيلم انطلق إلى البطولة السينمائية والتليفزيونية بعد دوره الظريف فى راجل «وست ستات»، هو ممثل مجتهد ولكنه، لم يعثر حتى الآن على النغمة الصحيحة التى تكفل له شخصية مستقلة وسط جيل المضحكين الجدد، يلعب سامح فى «كلبى دليلى» دور ضابط شرطة صعيدى فى مدينة جنوبية، رسمت الشخصية بلمسات كاريكاتورية ومعها شخصيتان اثنتان من العساكر المصاجين له يلعب دورهما «حسن عبد الفتاح» و «سليمان عيد»،يشتبك الضابط «مغاورى» مع عضو مجلس الشعب عن الدائرة، فيتم نقله إلى نقطة شرطة مارينا فى الساحل الشمالى، لا بأس من صلاحية الفكرة لبناء مواقف كوميدية أساسها هذا التناقض بين الضابط وعساكره، وبين مجتمع «مارينا» الذى يجمع «كريمة» الصفوة من الأثرياء، ولكن مشكلة»كلبى دليلى» فى حبكته المتهافتة والتى جعلت الفيلم ينتهى فعليًَا بعد نصف ساعة من بدايته، أما حكاية الكلب الذى يحمل الفيلم اسما لا تزيد عن قيام طفلتين هما «جنا» و«ليلى أحمد زاهر» بالإبلاغ عن فقد كلبهما، ويحاول مغاورى ومساعده «مازن» (هشام اسماعيل) العثور على الكلب، بعد أن تبين للضابط أن أسرة الطفلتين من الشخصيات الواصل، عمتهما طبيبة نفسية شهيرة «رجاء الجداوى»، وأختهما الكبرى هى الفتاة الجريئة التى التقاها مغاورى بالصدفة «مى كساب». ولأن أزمة الكلب انتهت سريعًا بالعثور عليه، فقد تحول الصراع إلى محاولة «مغاورى» الفوز بقلب الجريئة والمدهش حقًا أن عمة الفتاة ستوافق وتتحمس فورًا لهذا الارتباط، كما ستخرج الفتاة مع «مغاورى» بسهولة، وتفضله سريعًا على منافس لايُفارق الملهى الليلى (أحمد زاهر) وبذلك نستطيع أن نقول إن الحكاية خلصت فى نصف ساعة، ولكن يتذكر سيد السبكى أنه تعجل النهاية، وأن الأمر فى حاجة إلى صراع متصاعد، فيصطنع المنافس حيلة ساذجة بتصوير «مغاورى» مع فتاة جميلة فى أوضاع مخلة، ويرد «مازن» صديق مغاورى بتصوير المنافس الشرير مع الفتاة الجميلة فى نفس الأوضاع، المشكلة الأكبر هى شخصية الفتاة رسمت بطريقة مضطربة، مرة تبدو باحثة عن عريس يحبها، ومرة تظهر كفتاة سوقية من أصل وضيع جاءت إلى مارينا لاصطياد عريس ثرى ووسيم مثل برادبيت، فى مشهد تراها متجاوبة مع مغاورى رغم انعدام جاذبيته، وفى مشهد آخر نراها ترقص مع منافسه فى الملهى الليلى، فى الواقع لا توجد حبكة أو صراع إنما مجرد مشاهد قتالية تستهدف الإضحاك، وتقديم فواصل غنائية يؤديها أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا، وقد يشترك فيها «سامح حسين» مع الطفلتين «جنا وليلى» حينًا آخر، وفى كل الأحوال أنت تعرف أن الضابط الصعيدى سيفوز فى النهاية بالفتاة المضطربة، وسيقام الفرح فى الصعيد حيث يعود إلى الظهور المغنى الشعبى محمود الليثى الذى يستأثر عادة بالصفعات فى أفلام السبكى لا يمكنك أن تتحدث عن بناء درامى متماسك، المهم أن تستمر الخلطة، أحيانًا تجد مشاهد كوميدية ظريفة، وأحيانًا تجد مشاهد غليظة ومفتعلة، فقد لا تستطيع كذلك أن تتحدث عن استغلال التناقض بين عالم الصعيد وعالم مارينا إلا فى مشاهد قليلة، الشخوص أقرب ما تكون إلى أبطال قصص الكارتون المصورة والثنائى حسن عبد الفتاح وسليمان عيد يستدعيان النموذج التقليدى للعساكر الأغبياء، أما الطفلتان «جنا وليلى» فهما كالعادة تتصرفان بصورة تجاوز عمرهما، لدرجة أنهما تحكمان على صورة خيانة «مغاورى» المزعومة مع فتاة جميلة، كما أنهما يقومان بدور مستشارتى الغرام، لدفع أختهما للزواج من «مغاورى» لمجرد أنه استعاد لهما الكلب مارلى. طوفان من الملاحظات والفبركة المستحقة تؤكد أن التوليفة السبكية تجعل المواقف فى خدمة الحفلة التى تحدثنا عنها، وفى أفلام أخرى يتجاوز الأمر الحفلة إلى ما يقترب من المولد الشعبى! ما يغيظ فعلًا أن الشخصية الصعيدية المغلقة التى تصطدم بمجتمع وتجارب منفتحة، كان يمكن أن تصنع فيلمًا كوميديا مقبولًا، حدث هذا فعلًا فى أفلام كثيرة سابقة، ولكن التوليفة السبكية لا تهتم على الإطلاق بالتفاصيل، ولا يسأل المؤلف نفسه إذا عمل تحت مظلتها: لماذا تتصرف الشخصيات على هذا النحو؟ اسماعيل فاروق المخرج فهم أيضًا حدود التوليفة، فلم يشغل نفسه كثيرًا بالإيقاع المنضبط، وقدم الأغنيات المتناثرة على طريقة قطع الفيديو كليب العشوائية، وستكون هذه الأغنيات بالفعل متاحة للعرض كفواصل فى قنوات الأفلام لا جديد فى الخلطة السبكية التى أنجحت أفلامًا سابقة باستثناء غياب حسنة حسن عنها لكن ليس هناك ما يضمن استمرار نجاحها بدليل تواضع إيرادات «كلبى دليلى» مقارنة بالملايين التى حققها فيلم مثل «شارع الهرم» ولكن المؤكد أن التوليفة ستستمر معنا لفترة طويلة قادمة.