على موجات مختلفة استقبل المصريون حوار الرئيس الأخير الذى أجراه مع عمرو الليثى وتم بثه فى ساعات الفجر الأولى ليوم الإثنين 25 فبراير الماضى. والموجات التى نقصدها ليست خاصة بالأثير ولكن خاصة بالشعور والأفكار المسبقة التى استقبلت إجابات الرئيس وأولتها بالسلب أو الإيجاب فكانت الجملة الواحدة فى إجابته عن سؤال واحد يتم تفسيرها بشكل مختلف تمامًا إما إيجابى جدًا أو غير إيجابى!! وإذا كان القول السابق ينطبق على استقبال العامة لكلام الرئيس فهو -للأسف- يتجسد بشكل أكثر وضوحًا بين النخب الثقافية والسياسية والأخيرة تحديدًا حسب موقعها من السلطة ومن التيار الإسلامى وجماعة الإخوان وحتى حزب الحرية والعدالة. وبغض النظر عن الإعلان المتسرع عن ميعاد بث الحوار وتأخير بثه إلى وقت متأخر جدًا من الليل وعدم تفسير هذا التأخير لجموع المصريين والمشاهدين الذين انتظروا وقتًا طويلا بإرجاع السبب لأمور فنية أو لإجراء عمليات مونتاج للحوار والأمر الأخير وإن كان مبررًا ومسموحًا به فليس من المعقول أن يكون هو السبب فى تأخير بث الحوار حوالى 7 ساعات ومع تجاوز هذا الخطأ الذى يمكن أن نعذر فيه المسئولين عن الحوار فهناك أمور أخرى موضوعية تتعلق بالقضايا المهمة والملحة التى تناولها بدءًا بتفجر مدن القناة والدعوات للعصيان المدنى وانتهاء بمقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة والدعوة للحوار الوطنى بين القوى السياسية المتصارعة على الساحة. وليس هناك أدل على ما قلناه سابقًا إلا الآراء الآتية التى اخترناها لتمثل أطيافًا مختلفة من النخب والتيارات والأحزاب السياسية وكلامهم يعكس الإجابة عن سؤال محدد: كيف استقبلوا حوار الرئيس؟! الشفافية د.حسن ترك رئيس الحزب الاتحادى الديمقراطى قال ل «أكتوبر» إن الحوار للأسف حمل إلينا كثيرًا من مشاعر الغضب التى تملأ قلوب المعارضين وكثيرًا من المستقلين (غير المتحزبين) من طوائف الشعب المختلفة. وأضاف ترك على سبيل المثال أن شعب بورسعيد الذى سقط منه عشرات الشهداء مؤخرًا كان أكثر المصريين غضبًا وتعاطف معه الكثير وقام بعصيان مدنى لم يحدث منذ أمد بعيد..ولا يرضى إلا باستعادة كرامته وتقدير شهدائه وهو أهم مطالبهم. ويرى د.حسن ضرورة إصدار قانون الأحزاب الذى يعطى المشاركة التنفيذية للأحزاب والمستقلين ذات الكفاءة فى الوزارات والمحافظات والهيئات والمؤسسات المصرية.. كما يطالب بضرورة إنشاء حكومة إنقاذ وطنى تقود المرحلة الحالية والتالية إلى تنمية مصر وخروجها من حالة الاحتقان بين النظام والمعارضة مكونة من أهل الكفاءة من كل الأحزاب وغيرها. توقعت المقاطعة اما د. طارق الزمر رئيس المكتب السياسى لحزب البناء والتنمية «الذراع السياسية» للجماعة الإسلامية فقال دعنى أقل إننى توقعت مقاطعة المعارضة للانتخابات مثلما قاطعوا الحوار.. وهذه المقاطعة مرتبطة بفشلها فى الانتخابات الماضية فلم ترغب فى أن تضيف خسارة جديدة لها. ويقول أستطيع أن أقول لك إن رصيد جبهة المعارضة وصل إلى أدنى مستوى والدليل على ذلك الخلاف الذى دب بين زعمائها وعدم حسم أمرهم الا فى الأيام الأخيرة الماضية مما أحبط كثيرًا من مؤيديها. ولكنه لم يخف خوفه من المقاطعة فقال « اخشى أن يكون قرار المعارضة مقاطعة الانتخابات البرلمانية بداية لتدشين جديد للصراع الدموى فى الشارع المصرى». وعن الضمانات يقول انه مع إعطاء ضمانات كافية لشفافية الانتخابات. والرأى عندى أنه من الأفضل تغيير الحكومة بكاملها لفشلها فى قيادة العمل التنفيذى فى البلاد ولكن لضيق الوقت أطالب بتغيير الوزارات اللصيقة بعملية الانتخابات كالإدارة المحلية والشباب والداخلية. وتولى شخصيات مستقلة ذات كفاءة إدارة هذه الوزارات. مطلوب جمع الشمل أما د. أحمد دراج عضو الهيئة العليا بحزب الدستور فدعا الرئيس أن يتحدث إلى جميع المصريين بنفس اللغة. وأن يجمع شملهم ويوحد إرادتهم ويرسل رسائل طمأنة للجميع وهو يعلم مطالب الشعب والمعارضة وأولها التأكيد على نزاهة الانتخابات المقبلة وحيدتها بعيدًا عن وزارات الإدارة المحلية والشباب والداخلية التى يميل وزراؤها إلى الجماعة وحزبها. المقاطعة إفلاس سياسى ويتحدث د. محمد زيدان المتحدث الإسلامى لجماعة الإخوان قائلًا إن مقاطعة المعارضة عامة وجبهة الانقاذ خاصة للانتخابات والحوار الوطنى هو إفلاس سياسى لأن زعماءها لا يستطيعون تقديم ما يطمئن الجماهير المصرية الواعية. وقال د. محمد متعجبًا: ما دخل إقالة النائب العام والحكومة بالانتخابات البرلمانية هل سيتدخل النائب العام فى تغيير النتيجة للإخوان ومن يؤيدونهم؟ وهل للحكومة دور فى إرساء النتيجة للتيار الإسلامى وعلى رأسه جماعة الإخوان؟! واكد د. محمد أن اللجنة الانتخابية سيكون فيها مندوبو المرشحين والاعلاميون ونشطاء حقوق الإنسان إلى جانب القضاة كما يقول على عهدته إنه ستكون هناك متابعة ومراقبة لسير الانتخابات من قبل إشراف دولى. ويؤكد أخيرًا أن الانتخابات استحقاق دستورى ينهى العملية الانتقالية للتفرغ للبناء وتنمية مصر. لا للتعجيل وأطالب الإنقاذ بالحوار أما الأستاذ سعد هجرس الصحفى بجريدة العالم اليوم فقد قال: إننى مندهش من تأخير إذاعة الحوار. كما أنه تحدث عن بورسعيد بأمور مادية رغم أنهم مكلومون ويريدون ترضية كرامتهم وأرى أنه لن تجدى دعوة الرئيس للحوار دون الاستماع للمعارضة الحقيقية واحترام مطالبها والعمل على تحقيق ما يتوافق الجميع عليه. وعبر عن تفاؤله من استمرار وحدة جبهة الانقاذ مما أدى إلى وصول بعض طلباتها إلى الحوار الدائر الآن فى الاتحادية ومناقشتها مما يعنى أن الجبهة كانت الغائب الحاضر فى الحوار الوطنى الذى خلا من جبهة الانقاذ المعارضة. وأخيرًا يقول الأستاذ سعد: أنا لست مع الإخوان فى التعجيل بالانتخابات البرلمانية وأتمنى أن يقبل قادة الانقاذ الوطنى الجلوس للحوار الجاد لتحقيق مطالب الشعب. لغة بسيطة قال د. مراد على المتحدث باسم الحرية والعدالة إن استطلاعات الرأى حول حوار الرئيس مع الإعلامى عمرو الليثى تؤكد حالة الرضا التام عنه. وقال د. مراد إن الحوار كان جيدًا جداً لأنه بلغة الشارع البسيط وشخصية الرئيس كانت بسيطة وليست متعالية. ونفى د. مراد أن يكون لدى الحزب علم بسبب تأخر الحوار مؤكدًا أن قيادات الحزب شاهدت الحوار مثل المواطنين فى موعده. احتواء المعارضين أما شعبان عبد العليم الأمين العام المساعد لحزب النور فقال ان تصريحات الرئيس عن خالد علم الدين مستشاره للبيئة المقال زادت حدة الخلاف بين الحزب والرئاسة. وقال ان الحوار الأخير للرئيس كان إنشائيًا لم يحمل حلولًا للأزمات فى مصر. وقال إننا انتظرنا حلولًا ملموسة ووعودًا جادة من الرئاسة للخروج من الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية فلم نجد أيًا منها.. وتمنى أن يحتوى الرئيس جميع معارضيه ويعكف على دراسة مطالبهم تحقيقيا للوفاق الوطنى. نجاح بالتزكية أما د. مصطفى النجار عضو مجلس الشعب السابق فقال إن مقاطعة الانتخابات التى دعت إليها جبهة الانقاذ ستكون انتحارًا سياسيًا إذا لم تكن هناك استراتيجية لمقاطعتها وذلك فى معرض تعليقه على الحوار الذى أجراه مع عمرو الليثى بدعوته للحوار والإقبال على الانتخابات البرلمانية. وأضاف د. النجار أن المقاطعة ستمكن الجانب الآخر «الإخوان ومؤيديهم» من النجاح الأعظم.. كما ستمكنهم من النجاح بالتزكية.