«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة على المنابر
نشر في أكتوبر يوم 23 - 12 - 2012

الواقع الحالى يفرض مجددًا أن نفتح ملف الخطاب الدينى، والتوظيف السياسى للدين ليس بمعنى لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين ولكن بمعنى هل يصح أن نجر المسجد والكنيسة للصراع السياسى أو الانحياز لفصيل سياسى دون آخر.
والذى حدث خلال الشهور الفائتة من انتهاك لجلال المنابر وخروج رواد المساجد من الخشوع الذى تفرضه بيوت الله واشتباكهم اللفظى مع الوعاظ والخطباء تفجر بشكل غير مسبوق فى حصار مسجد القائد إبراهيم واحتجاز الشيخ المحلاوى بداخله لساعات طويلة بدعوى أنه دعا للموافقة على مشروع الدستور فى الاستفتاء.. وأن دعوته هذه لصالح حزب وتيار بعينه..
ما حدث ليس له معنى إلا أننا نقلنا ممارسة السياسة من أماكنها التى يجب أن تمارس فيها مثل الأحزاب والجمعيات والنقابات إلى المنابر..
يقول د. جمال عبد الستار وكيل وزارة الاوقاف ان هناك فرقًا بين الخطب الدينيه التى تشجع على المشاركه السياسيه وتشرح مفاهيم السياسة من منظور دينى من خلال مبادئ اصول الدين وبين خطب غير دينية تحوى توجيها سياسيا تجاه تيار بعينه او لافراد او مؤسسات او احزاب او بصورة عكسيه كالتحريض والطعن فى الاشخاص او المؤسسات وهو الممنوع على خطباء المساجد حيث يتم ارسال منشورات من الوزارة بتلك الضوابط والتى يواجه من يخالفها التحويل للشئون القانونيه والمساءلة التى يمكن لتحقيقاتها ان تؤدى لعقوبات مختلفه وفقا للقانون ؛ كما لفت الى ان غير الائمة والخطباء من المواطنين فهناك من يسمح لهم بالقاء الخطب الدينية لما لهم من مكانه دينيه وعلمية ليس الا ؛كما ان ثلثى مساجد مصر ليس لوزارة الاوقاف سلطة فعلية عليها فيما يتبع الوزارة حوالى خمسة وخمسون الف مسجد فقط من حوالى مئة وعشرون الف مسجد على مستوى الجمهورية تتبع لجمعيات اهليه وليس للاوقاف عليها اى سلطة الا نوعا ما من الاشراف فقط هذا بخلاف ما لا نعلم عنه شيئا من المساجد الصغيرة والزوايا بمختلف الاحياء والاقاليم ولكننا نأمل ان يكون لنا اشراف كامل على كل المساجد ومتابعتها ولكن ذلك يحتاج للتمويل المالى.
المساجد للعبادة
كذلك اشار د. أحمد عثمان الداعية الاسلامى ودكتور سيكولوجية الاديان بالجامعة الامريكية:ان المساجد لم توضع للسياسة بل وضعت للدين فقط ،فلا يصح لامام المسجد ان يوجه المواطنين لاى رأى سياسى بعينه فهذا مخالف لشرع الله.
وأكد د. عثمان يجب على الامام ان يخلع ثوبه أو منصبه السياسى قبل دخول المسجد، كما يجب علية توجيه المواطنين وحثهم على المشاركة السياسيه التى تشكل مستقبل البلاد من انتخابات عامة و الاستفتاء على الدستور بوجه خاص ولكن دون التحديد بنعم او لا، واضاف د. عثمان انه على الرغم من انتماء وزير الاوقاف للفكر السلفى إلا انه منع جميع الأئمه من محاوله التأثير على المواطنين بحثهم على اختيار محدد بنعم اولا ولكن يوجههم للذهاب للاستفتاء بوجه عام كما لفت الى تضامنه مع حملات شباب الفيس بوك ضد ربط المسجد بالسياسة فاذا تحدث الخطيب فى السياسة فانه لا يستحق اعتلاء المنبر فالمساجد للعباده فقط واذا اراد ان يدلى الامام برأية فى السياسة تكون عبر وسائل الاعلام وليس داخل المسجد ولا يصح ان يكون هناك مسجد للعلمانية او الشيعة او السنه .كما نبه عثمان :يجب على وزارة الاوقاف ان تضع رقابة بشكل اكبر على الائمة .كما نتمنى ان ينطبق الامركذلك بالنسبه للكنائس بألا تلعب أى دورا سياسى أو تمارس اى توجيه...
حظر السياسة
اما د. عبد الله حسن على عضو اللجنة الدستوريه والتشريعية فيقول يجب على امام الخطبه ان يقوم بالنصح والارشاد الدينى ويلتزم بالحيادية اثناء القاء خطبته ولا يدعو لفصيل سياسى او انتماء فكرى لان المسجد او الكنيسة هى دور للعباده وليس لالقاء الخطب السياسيه (فهو بيت له حرمه).
ويستكمل حديثه انه ليس مع حملة الفيس بوك فى نزول الامام من المنبر اثناء خطبته إذا تحدث فى السياسة ولكن ينتظر المصلون حتى انتهاء الخطبة ويقومون بتحرير محضر له فى قسم الشرطة بانه تعدى فى الخطبة على ما يجب أن يقوم به من نصح وارشاد دينى.
ويعقب عبدالله على ماحدث للشيخ احمد المحلاوى: كان عليه أن يبتعد عن الحديث فى السياسة اثناء الخطبة وإذا أراد الحديث فى السياسة فيكون خارج المسجد وليس بداخله.
وأكد د. على: يجب تفعيل دور وزارة الاوقاف بالاشراف على المساجد حتى لاينحرف اى خطيب اثناء الخطبة عن الوعظ والارشاد ،وهذا ينطبق ايضا على الكنائس لانها دور للعباده ايضا وليس للخطب السياسية فيجب على الجهه المسئوله عن الكنائس ان تمنع الخطاب السياسى داخلها وتلقى فى قلوب اخواننا المسيحيين الفرقه لاننا نرفض ان يطلق عليهم اقليه فهم مصريون لهم حقوق وواجبات كأى مواطن مصرى.
خلط الدين بالسياسة
اما الشيخ على ابو الحسن رئيس لجنة الفتوى الاسبق فيرى ان المسجد مكان للعبادة والدعوة للدين و مهمة خطيب المسجد لا يجب ان تتعدى شرح وتبيان حكم الاسلام فيما يجرى فى حياة الناس سواء اكان سياسيا ام غير ذلك بما ينحصر بمبادئ الدين من حرام وحلال ولكن يتوقف الامر عند حد التوجيه لاى انتماء او تيار؛ فالسياسة فى المسجد مرفوضه جملة وتفصيلا واستخدام المسجد من قبل بعد السياسيين المتشحين بعباءة الدين هو خطأ كبير يجب تداركه ومعالجته..
كما اكد الشيخ خالد الجندى:انه لا يجوز بأى حال من الاحوال خلط الدين بالسياسة ،فخلط الدين بالسياسة ادى الى مهزله نعيشها اليوم. فيجب ان تظل المساجد والكنائس منزهه وبعيدة كل البعد عن هذه الأمور السياسية. أيًا كان الدين اسلامى مسيحى يهودى. وأوضح الجندى: ان الدين يعنى العلاقة بين الانسان وربه، اما السياسة علاقة بين الناس وبعضهم البعض فلا يجوز ان يدلى الخطيب بنصيحة سياسية باى حال من الاحوال.
حرية الفكر
وعلى الجانب المسيحى يقول جمال أسعد كاتب سياسى قبطى: روى لنا التاريخ دائما مشاهد استغلال الدين سياسيا وذلك لان الدين متجسد فى نفوس المصريين سواء مسلمين أو مسيحيين فالدين هو المدخل الطبيعى للشعب المصرى وهذا ما يحدث الآن من الاستثارة بالمشاعر الدينيه لتيسير المصالح السياسية حتى يوحى البعض أنهم يدافعون عن الشريعة الاسلاميه وغير ذلك من أشكال مما يعتبر وصاية دينية على القرار والاختيار السياسى . و اوضح اسعد:أن الاستفتاء على الدستور ليس له علاقة بالشريعة الاسلاميه ويجب أن يكون الدستور توافقيا ويعبر عن الشعب المصرى بكل أطيافه. مشيرا الى انه لابد من اعاده الخطاب الدينى الى اصوله الدينية السليمة بعيدا عن اى استغلال آخر ويكفى ان يحدث وعى بالموقف السياسى ويترك للمواطنين حرية الفكر والاختيار السياسى بعيدا عن اى مؤثرات اخرى ،فيما اضاف ان السلطة الروحية سواء اسلاميه او مسيحية تستغل ارتباط وولاء المواطن المصرى لرجل الدين الذى تتجسد فيه قدسية الدين بدلا من الدين نفسه ،فتحولت خطب وتصريحات رجل الدين من رأى شخصى الى جزء من العقيدة.
كان اول بناء يتم تشييده في الاسلام هو المسجد ، وبهذا البناء عرف المسلمون ان المسجد ليس مكانا للعبادة فحسب وانما له دور فعال في تنظيم المجتمع الاسلامي وفي توجيه سلوك المسلمين. وكانت المهمة الجوهرية الأولى للمسجد هي دعم ايمان المسلمين وترسيخ قيم الفعل الاجتماعي الجمعي حيث اتسمت الصلاة بالسمة الجمعية وبالانتظام الزمني في الاقامة وبالانضباط والدقة في الاداء.
أضاف: لعب المسجد دورا محوريا في توحيد المسلمين حوله كرمز ديني يحظى بالتوقير والاحترام. وفي ساحته كانت تجرى الاجتماعات والمداولات الخاصة بالشئون الحياتية للمجتمع الاسلامي وبمشكلاته. وامتدادا لهذا الدور كان المسجد أيضا مقرا للقضاء والنظر في المنازعات التي تقع بين المسلمين. ومقرا للعمليات الحربية ورسم الخطط العسكرية والتباحث في امور الحكم والعلاقات الخارجية مع المجتمعات غير الاسلامية.
ومع تقدم المجتمعات وتعقد الحياة الاجتماعية انسلخت وظائف عديدة عن المسجد كالقضاء والعمليات العسكرية واصبح لها الأماكن الخاصة بها وانحصر دور المسجد في تنظيم أمور العبادات. وبالرغم من اعتماد المجتمعات الاسلامية مبادئ التخصص وتقسيم العمل في حياتها إلا أن المسجد ظل محتفظا الى يومنا هذا بوظيفتين أساسيتين الى جانب الوظيفة الدينية وهي الوظيفة التربوية والوظيفة الدعوية الاعلامية.
ومن الناحية الدينية يهتم المسجد بتنظيم أداء شعائر الصلاة وتوعية المؤمنين بواجباتهم الدينية وبأساليب اداء سائر العبادات من صوم وزكاة وحج كما يهديهم الى القيم والمعايير الاسلامية في التعامل مع جماعات الجيرة من المسلمين وغير المسلمين في المجتمع.
اما الوظيفة التربوية للمسجد فقد تمثلت في قيامه بدور الجامعة والمدرسة لتلقين المسلمين العلوم الشرعية وبعض العلوم غير الشرعية والقيم الاخلاقية والثقافية للمسلمين التي توجه سلوك أفراد المجتمع وتفضيلاتهم. وهذه الوظيفة هي التي تمنح المسلمين هويتهم الاسلامية وتؤكد على انتمائهم للاسلام على نحو يجعلهم يتميزون عن غيرهم من أصحاب الانتماءات الأخرى.
وأضاف: بالنسبة للوظيفة الدعوية او الاعلامية فقد القيت على عاتق المسجد للدفاع عن الاسلام ضد الهجمات الشرسة التي تشن عليه من أصحاب الديانات الاخرى وغيرهم من المغرضين من المنافقين الذين يشكلون خطرا شديدا على العقيدة الاسلامية. وعلي الرغم من التقدم المذهل في وسائل الاتصال وفنون الدعاية والاعلام الا ان الرسالة الاعلامية للمسجد لازال لها التأثير الأعمق على نفوس جماعات المؤمنين نظرا لارتباطها بالرمز الديني الذي تصدر عنه.
وقال الدكتور حسن أنه من الناحية السياسية، نري ان التاريخ الانساني حافل باهتمام القادة السياسيين على مختلف العصور باضفاء مسحة دينية على قراراتهم وأنشطتهم، بدءا من الاسكندر الأكبر الذي نسب نفسه الى آمون إله مصر ومرورا بنابليون ومغازلته للاسلام واصرار الملك فاروق على الانتساب الى آل البيت الكرام وإلقاء الرئيس الراحل عبدالناصر ادق خطبه السياسية في ساحة الجامع الأزهر وتلقيب الرئيس الراحل السادات نفسه بالرئيس المؤمن وحرص الرئيس المخلوع على حضور الصلوات الجامعة في المناسبات الدينية مع جموع المصلين.
وقد حرص علماء الدين الاسلامي في شتى العصور على ان يبقي الدين بعيدا عن النفاق السياسي. ولم تكن مواقف المؤسسة الدينية من النظام السياسي تتخذ طابعا حادا الا عندما تتزايد المظالم على المواطنين فيجأرون بالشكوى لرجال الدين راجين نصرتهم والدفاع عن حقوقهم والتصدي للحاكم الظالم ومن معه من النخب السياسية الجائرة. وفي أغلب الأحيان ، يلجأ رجال السياسة لمجاملة رجال الدين خشية اثارتهم للجماهير وتحريضهم ضد النظام الحاكم.
وأوضح الدكتور حسن: أنه بالنظر الى طبيعة النسق القيمي للدين الاسلامي، من زاوية تحليلية اجتماعية، أرى أنه يشتمل على مجموعتين من المعايير والقيم الدينية؛ الأولي هي التي تحض المسلمين على الصبر على الأذى والرضا بما قدر الله للمسلم والعمل من أجل الآخرة والتضحية بمتاع الحياة الدنيا وهي المعايير والقيم التي نزلت في القرآن الكريم في بداية الدعوة وقبل تكوين الدولة الاسلامية، اي كان لها ظروف تاريخية خاصة بها، أما المجموعة الثانية فهي المتعلقة بالقيم الثورية التي تطالب المسلم بأن يقاتل في سبيل الحصول على حقوقه وأن يثأر لنفسه وأن يعاقب المسىء له وأن يحاسب الحاكم على ابتعاده عن تطبيق شرع الله. وهذه الأحكام هي التي نزلت في القرآن الكريم بعد أن استقرت الدولة الاسلامية وأصبح لها هيبة ومكانة وتحول المسلم من شخص يقبل الاستكانة الى شخص عزيز لا يخشى في الله لومة لائم.
وذكر أستاذ الاجتماع أنه في ضوء هذا التحليل نجد ان معظم الحكام في المجتمعات التي تدين بالاسلام راحوا يطالبون رجال الدين بالتأكيد على النمط الأول من المعايير والقيم التي نزلت قبل الإذن للمسلمين بالقتال وحثوهم على تجنب الاشارة الى المعايير ذات الطابع الثوري. وكانت النتيجة ان انصاع بعض رجال الدين إلى إرادة الحكام واعتبروا الخروج علي الحاكم أيا كانت درجة ظلمه لمواطنيه نوعا من الكفر يستوجب صاحبه أشد العقاب. ومع تزايد حركة التنوير في المجتمعات وإحتكاك المجتمعات الاسلامية بغيرها من المجتمعات في العالم خاصة تلك التي شهدت الثورات الكبرى ومع تزايد الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة في كثير من الدول غير الاسلامية، تزايدت الانتقادات الموجهة إلى رجال الدين المحافظين الذين يتحرجون من الاصطدام بحكامهم حتى أنهم دائما ما يطلق عليهم سلبيون أو أنهم جبناء وتقليديون وبدأ ينظر بعض المفكرين إلى الدين الاسلامي كمعوق للتغير الاجتماعي والتنمية بسبب التأكيد على القيم غير الثورية فيه.
وأضاف هكذا انقسمت المجتمعات الاسلامية الى مجتمعات تقدمية ثورية، يلعب فيها الدين بقيمه الثورية دورا تقدميا ودون رجعية تتمسك بالمعايير والقيم التي تحافظ على جمود المجتمع وتعتبر ان المساس بالأوضاع المكتسبة للحاكم المستبد نوعا من الكفر والزندقة. وفي كل الأحوال يقع رجل الدين بين شقي الرحى خاصة بين المتشيعيون لكل تيار من التيارات الدينية، فإن نادى بالثورة أصبح من وجهة نظر المحافظين مهددا لاستقرار المجتمع وعنصرا من عناصر الهدم والتخريب. واذا دعا إلى التمسك بقيم عدم الخروج على الحاكم وإن ظلم او جار، نظر اليه اصحاب الاتجاه الثوري على انه من دعاة الرجعية ومن المدافعين عن الحكام الظالمين.
وقال حسن: نتيجة لهذه الحالة من الانقسام الفكري رأى كثير من الدعاة الابتعاد بالدين عن السياسة، وحولت بعض الدول المؤسسة الدينية الى مؤسسة بيروقراطية تسري عليها اللوائح والقوانين الادارية ومن ثم يمكن ان يقلل هذا التحول إلى تخفيف حدة الجاذبية الكاريزمية لبعض رجال الدين نتيجة تحويلهم الى عمال للادارة. ومع ذلك، مازالت المؤسسة الدينية محل اهتمام المسلمين في كل المجتمعات الاسلامية وذلك بسبب التراث الفكري الاسلامي المتراكم عبر العصور والذي يربط بن المسلمين وجدانيا في كل أنحاء المعمورة وبتأثير من الجهود الهائلة التي بذلها المسلمون الأوائل في دراسة علاقة الحاكم بالمحكومين ونظم الحكم.
وأخيرا رأى الدكتور حسن إن رجال الدين لا يمكنهم الفكاك من التعرض للموضوعات السياسية، فالدين الاسلامي يتناول كافة مناحي الحياه وينظمها كلها في شبكة من العلاقات المتداخلة والمعقدة. والمهم في هذا كله هو ان يكون رجل الدين محايدا بين الجماعات الاجتماعية فهو يناصر الرأي الديني وليس الأفراد وهذا الرأي يجب الا يعكس هواه الشخصي وانما يجب ان يستند الى أدلة شرعية وأسانيد جدية، مشيرًا إلى أنه في الوقت نفسه، على رجال الدين ان يقودوا الدبلوماسية الشعبية في التوفيق بين الفرق المتصارعة من المواطنين وتقديم الحلول البديلة للمشكلات المطروحة على الساحة ومحل الصراع. والواقع ، أن المكانة الاجتماعية لرجال الدين لدى المواطنين تمكنهم من القيام بهذا الدور.
وأضاف: على رجال الدين أيضا ان يتخذوا مواقف ايجابية من الصراعات التي تجري في المجتمع بعدم الوقوف الى جانب الجماعة الباغية وبنصرة الجماعة صاحبة الحق ، ذلك ان التزام رجال الدين الصمت حيال ما يجري من أحداث خطيرة في المجتمع يجعل المواطنين يفقدون ثقتهم، ليس في رجال الدين فقط ، بل وفي تعاليم الدين ايضا.
ويمكن القول فى النهاية أنه لا شك أن واقعة احتجاز الشيخ المحلاوى الذى قارب التسعين عاما من عمره لاقت رفضا كبيرا فى كل قطاعات المجتمع ...ولكن تحدثه فى السياسة على المنبر قد أثار استياء الكثيرين أيضا.
نبذة تاريخية عن مسجد القائد إبراهيم والشيخ المحلاوى
يعد مسجد القائد ابراهيم من أشهر مساجد الاسكندرية ان لم يكن أهمها على الاطلاق ، وذلك لما يمثله المسجد من رمز لنضال أهالى الاسكندرية و اصبحت ساحته مقرًا دائمًا للتعبير عن الحرية. وقد أقيم هذا المسجد عام 1948 في الذكرى المئوية لوفاة القائد ابراهيم باشا ابن محمد على والى مصر السابق ومؤسس العسكرية المصرية الحديثة، وقام بتصميم المسجد مهندس إيطالي الأصل اسمه ماريو روسّي شغل منصب كبير مهندسي الاوقاف عقب مسابقة اقيمت لذلك وأصبح القائم على اعمال القصور والمساجد في عهد الملك فؤاد الأول .
ومنذ ذلك التاريخ وشهدت ساحته زحف لأهالى الاسكندرية من كل حدب و صوب للتعبير عن غضبها كلما وقع حدث جسيم داخل مصر أو خارجها، فعلى المستوى الخارجى ومنذ عام بناء المسجد، وهو العام الذي شهد هزيمة الجيوش العربية مجتمعة أمام عصابات الكيان الصهيوني، تشكلت بداخله لجنة على مستوى الجمهورية سميت “لجنة الدفاع عن القدس”.
كما شهدت ساحة ميدان المسجد كل المؤتمرات الجماهيرية المنددة بالاحتلال الصهيوني لفلسطين، كما شهدت أيضا انتفاضة جماهير الإسكندرية دفاعا عن الشعب الأفغاني إثر الغزو السوفييتي و عام1979 ، بدأت المسيرات الحاشدة من كلية الهندسة حتى مسجد القائد إبراهيم، وأحرق فيها علم الاتحاد السوفييتي.
وعلى المستوى الداخلى شهد ميدان المسجد الكثير من الاحتجاجات على الأوضاع الداخلية، أبرزها المظاهرات المنددة ببطش النظام الحاكم السابق والرافضة للاعتقالات والتعذيب، و لعل آخرها تزوير الانتخابات.
وإلى جانب المكانة التاريخية للمسجد فهو يتمتع بمكانة دينية خاصة كونه من أشهر المساجد، في إقامة صلاة التراويح والتهجد في شهر رمضان بالمدينة. حيث يأتيه المصلون من مناطق متعددة من المدينة وقد يصل اعداد المصلين به خاصة في العشرة الأواخر من رمضان إلى قرابة المائة الف مصلى.
ويعد القائد إبراهيم رمزًا لنضال أهالى الاسكندرية و اصبحت ساحته مقرًا دائمًا للتعبير عن الحرية فى اثناء.ثورة 25 يناير ويعد الشيخ المحلاوى أشهر الائمة الذين مروا على تاريخ هذا المسجد منذ إنشائه.
وعن الشيخ المحلاوى فهو أحمد عبد السلام المحلاوي (ولد 1 يوليو 1925 في محافظة كفر الشيخ) وهوداعية مصري بارز في الإسكندرية. وتخرج فى قسم القضاء الشرعي بكلية الشريعة جامعة الأزهر عام 1957 وعمل الشيخ إماما وخطيباً بوزارة الأوقاف المصرية.ثم انتقل إلى الإسكندرية وعمل إماماً وخطيباً لمسجد سيدي جابر ومن ثم لجامع القائد إبراهيم بمحطة الرمل بمدينة الإسكندرية قبل توقفه عن ذلك عام 1996.
تولى الشيخ المحلاوى رئاسة لجنة سميت «لجنة الدفاع عن المقدسات الإسلامية» التي تأسست عقب تدنيس المصحف علي يد العديد من المشايخ البارزين.
تم اعتقال المحلاوي ابان حكم الرئيس أنور السادات وفي الرابع من فبراير العام الماضى قام المحلاوى بأداء خطبة الجمعة في جامع القائد إبراهيم لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً وكان ذلك في جمعة الرحيل في أعقاب ثورة 25 يناير وظل المحلاوي يحفز المتظاهرين بخطبه الحماسية حتى رحيل مبارك عن الحكم يوم الجمعة 11 فبراير 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.