المستشار حازم بدوي يعلن فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    الري تحسم الجدل حول غرق المنوفية والبحيرة بسبب فيضانات سد النهضة    أيام العطلات الأسبوعية الرسمية في شهر أكتوبر 2025    12 أكتوبر.. انطلاق أسبوع القاهرة للمياه بمشاركة 95 منظمة دولية    "الوكيل": دعم مشروعات بقيمة تجاوزت 18 مليون يورو لصالح رواد الأعمال وأعضاء غرفة الإسكندرية    رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء يشارك في افتتاح الجناح المصري بمعرض "أنوجا" الدولي بألمانيا    الرئيس السيسي يوجّه بالإسراع في استكمال التغذية الكهربائية لمشروع الدلتا الجديدة    وزير الاستثمار يتفقد المركز اللوجستي الجمركي للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس    «القاهرة الإخبارية»: نتنياهو يوافق على المرحلة الأولى من خطة ترامب للإفراج عن المحتجزين    وفاة طفلين نتيجة التجويع وسوء التغذية في غزة.. ومستوطنون يقتحمون قرية المغير برام الله    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    عمرو ناصر يقود هجوم الزمالك أمام غزل المحلة في الدوري المصري    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    ضبط شخص تعدى على فتاة في الدقهلية    حريق هائل بمصنع بلاستيك في العاشر من رمضان    فردوس عبد الحميد: سعاد حسني نهرتني عندما راقبتها.. ومسلسلي مع "محمد رمضان" كان متوازن    قصور الثقافة تواصل مشاركتها بالعروض الفنية للأطفال في معرض دمنهور    لأول مرة.. وزير الآثار يفتتح مقبرة الملك أمنحتب الثالث بوادى الملوك بالأقصر بعد 226 عامًا من اكتشافها    مواصفات صحية.. طريقة عمل اللانشون بجميع أنواعه في المنزل    ضبط 100.5 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    المجر تتمسك بالنفط والغاز الروسيين بينما يسعى الاتحاد الأوروبي والناتو إلى خفض الإمدادات    "الأرصاد": فرص أمطار اليوم على هذه المناطق    ضبط عناصر بؤر إجرامية لجلب المخدرات ومصرع 4 عناصر جنائية شديدة الخطورة عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة (صور)    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    المديرة التنفيذية لصندوق "قادرون باختلاف" تترأس اجتماعاً لاستعراض استراتيجية عمل الصندوق وإعداد مقترح الهيكل التنظيمي    أسعار الدواجن في مرسى مطروح اليوم    "المسلخ رقم 5" رواية ترصد انتشار اضطراب ما بعد الصدمة الناتج عن الحروب    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول الإفريقية المعتمدين لدى اليونسكو    إيرادات فيلم فيها إيه يعني تتجاوز حاجز ال10 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض في السينمات    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    السبت 4 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    «التأمين الصحي»: خطة تطوير شاملة لمستشفى النيل بالقليوبية ورفع كفاءة خدمات الطوارئ والرعاية    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    جامعة قناة السويس تطلق قافلة طبية شاملة بمدينة سانت كاترين    خطوات تنزيل تردد قناة طيور بيبي الجديد 2025 على جميع الأقمار الصناعية    موجة انتقادات لاذعة تطارد محمد صلاح.. ماذا فعل النجم المصري؟    "تابع الآن قيامة عثمان" تردد قناة الفجر الجزائرية الجديد على جميع الأقمار الصناعية بجودة hd    "الوكالة الوطنية للإعلام": سقوط طائرة إسرائيلية مسيّرة عن بُعد في منطقة "وادي فيسان" في "جرود الهرمل" شرقي لبنان    القبض على المتهمين بالاعتداء على شاب أثناء سيره بصحبة زوجته فى الحوامدية    ما حكم من لم يقدر على الوضوء لأجل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    حفل استقبال طلاب الطب البيطري بجامعة القناة يؤكد على تعزيز الانتماء الجامعي    زكى القاضى: موافقة حماس تنقل الكرة لملعب ترامب.. والخطة لا تشمل الضفة الغربية    موعد مباراة بايرن ميونخ وفرانكفورت في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    ورشة تدريبية في فنون المونتاج بجامعة قناة السويس لتعزيز المهارات    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    تشكيل الزمالك المتوقع أمام غزل المحلة بالدوري    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    مواعيد مباريات اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    وزير الخارجية يثمن الدعم الفرنسي للمرشح المصري لرئاسة اليونسكو خالد العناني    «الصحة» تطلق البرنامج التدريبي «درب فريقك» لتعزيز مهارات فرق الجودة بمنشآتها    اللواء مجدى مرسي عزيز: دمرنا 20 دبابة.. وحصلنا على خرائط ووثائق هامة    موافقة حماس على خطة ترامب... خطوة استباقية قد تفتح أفق إنهاء الحرب    مباشر كأس العالم للشباب - مصر (0)-(1) تشيلي.. الحكم يرفض طلب نبيه    مصر تعرب عن تقديرها لبيان حماس رداً على خطة الرئيس ترامب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسة على المنابر
نشر في أكتوبر يوم 23 - 12 - 2012

الواقع الحالى يفرض مجددًا أن نفتح ملف الخطاب الدينى، والتوظيف السياسى للدين ليس بمعنى لا دين فى السياسة ولا سياسة فى الدين ولكن بمعنى هل يصح أن نجر المسجد والكنيسة للصراع السياسى أو الانحياز لفصيل سياسى دون آخر.
والذى حدث خلال الشهور الفائتة من انتهاك لجلال المنابر وخروج رواد المساجد من الخشوع الذى تفرضه بيوت الله واشتباكهم اللفظى مع الوعاظ والخطباء تفجر بشكل غير مسبوق فى حصار مسجد القائد إبراهيم واحتجاز الشيخ المحلاوى بداخله لساعات طويلة بدعوى أنه دعا للموافقة على مشروع الدستور فى الاستفتاء.. وأن دعوته هذه لصالح حزب وتيار بعينه..
ما حدث ليس له معنى إلا أننا نقلنا ممارسة السياسة من أماكنها التى يجب أن تمارس فيها مثل الأحزاب والجمعيات والنقابات إلى المنابر..
يقول د. جمال عبد الستار وكيل وزارة الاوقاف ان هناك فرقًا بين الخطب الدينيه التى تشجع على المشاركه السياسيه وتشرح مفاهيم السياسة من منظور دينى من خلال مبادئ اصول الدين وبين خطب غير دينية تحوى توجيها سياسيا تجاه تيار بعينه او لافراد او مؤسسات او احزاب او بصورة عكسيه كالتحريض والطعن فى الاشخاص او المؤسسات وهو الممنوع على خطباء المساجد حيث يتم ارسال منشورات من الوزارة بتلك الضوابط والتى يواجه من يخالفها التحويل للشئون القانونيه والمساءلة التى يمكن لتحقيقاتها ان تؤدى لعقوبات مختلفه وفقا للقانون ؛ كما لفت الى ان غير الائمة والخطباء من المواطنين فهناك من يسمح لهم بالقاء الخطب الدينية لما لهم من مكانه دينيه وعلمية ليس الا ؛كما ان ثلثى مساجد مصر ليس لوزارة الاوقاف سلطة فعلية عليها فيما يتبع الوزارة حوالى خمسة وخمسون الف مسجد فقط من حوالى مئة وعشرون الف مسجد على مستوى الجمهورية تتبع لجمعيات اهليه وليس للاوقاف عليها اى سلطة الا نوعا ما من الاشراف فقط هذا بخلاف ما لا نعلم عنه شيئا من المساجد الصغيرة والزوايا بمختلف الاحياء والاقاليم ولكننا نأمل ان يكون لنا اشراف كامل على كل المساجد ومتابعتها ولكن ذلك يحتاج للتمويل المالى.
المساجد للعبادة
كذلك اشار د. أحمد عثمان الداعية الاسلامى ودكتور سيكولوجية الاديان بالجامعة الامريكية:ان المساجد لم توضع للسياسة بل وضعت للدين فقط ،فلا يصح لامام المسجد ان يوجه المواطنين لاى رأى سياسى بعينه فهذا مخالف لشرع الله.
وأكد د. عثمان يجب على الامام ان يخلع ثوبه أو منصبه السياسى قبل دخول المسجد، كما يجب علية توجيه المواطنين وحثهم على المشاركة السياسيه التى تشكل مستقبل البلاد من انتخابات عامة و الاستفتاء على الدستور بوجه خاص ولكن دون التحديد بنعم او لا، واضاف د. عثمان انه على الرغم من انتماء وزير الاوقاف للفكر السلفى إلا انه منع جميع الأئمه من محاوله التأثير على المواطنين بحثهم على اختيار محدد بنعم اولا ولكن يوجههم للذهاب للاستفتاء بوجه عام كما لفت الى تضامنه مع حملات شباب الفيس بوك ضد ربط المسجد بالسياسة فاذا تحدث الخطيب فى السياسة فانه لا يستحق اعتلاء المنبر فالمساجد للعباده فقط واذا اراد ان يدلى الامام برأية فى السياسة تكون عبر وسائل الاعلام وليس داخل المسجد ولا يصح ان يكون هناك مسجد للعلمانية او الشيعة او السنه .كما نبه عثمان :يجب على وزارة الاوقاف ان تضع رقابة بشكل اكبر على الائمة .كما نتمنى ان ينطبق الامركذلك بالنسبه للكنائس بألا تلعب أى دورا سياسى أو تمارس اى توجيه...
حظر السياسة
اما د. عبد الله حسن على عضو اللجنة الدستوريه والتشريعية فيقول يجب على امام الخطبه ان يقوم بالنصح والارشاد الدينى ويلتزم بالحيادية اثناء القاء خطبته ولا يدعو لفصيل سياسى او انتماء فكرى لان المسجد او الكنيسة هى دور للعباده وليس لالقاء الخطب السياسيه (فهو بيت له حرمه).
ويستكمل حديثه انه ليس مع حملة الفيس بوك فى نزول الامام من المنبر اثناء خطبته إذا تحدث فى السياسة ولكن ينتظر المصلون حتى انتهاء الخطبة ويقومون بتحرير محضر له فى قسم الشرطة بانه تعدى فى الخطبة على ما يجب أن يقوم به من نصح وارشاد دينى.
ويعقب عبدالله على ماحدث للشيخ احمد المحلاوى: كان عليه أن يبتعد عن الحديث فى السياسة اثناء الخطبة وإذا أراد الحديث فى السياسة فيكون خارج المسجد وليس بداخله.
وأكد د. على: يجب تفعيل دور وزارة الاوقاف بالاشراف على المساجد حتى لاينحرف اى خطيب اثناء الخطبة عن الوعظ والارشاد ،وهذا ينطبق ايضا على الكنائس لانها دور للعباده ايضا وليس للخطب السياسية فيجب على الجهه المسئوله عن الكنائس ان تمنع الخطاب السياسى داخلها وتلقى فى قلوب اخواننا المسيحيين الفرقه لاننا نرفض ان يطلق عليهم اقليه فهم مصريون لهم حقوق وواجبات كأى مواطن مصرى.
خلط الدين بالسياسة
اما الشيخ على ابو الحسن رئيس لجنة الفتوى الاسبق فيرى ان المسجد مكان للعبادة والدعوة للدين و مهمة خطيب المسجد لا يجب ان تتعدى شرح وتبيان حكم الاسلام فيما يجرى فى حياة الناس سواء اكان سياسيا ام غير ذلك بما ينحصر بمبادئ الدين من حرام وحلال ولكن يتوقف الامر عند حد التوجيه لاى انتماء او تيار؛ فالسياسة فى المسجد مرفوضه جملة وتفصيلا واستخدام المسجد من قبل بعد السياسيين المتشحين بعباءة الدين هو خطأ كبير يجب تداركه ومعالجته..
كما اكد الشيخ خالد الجندى:انه لا يجوز بأى حال من الاحوال خلط الدين بالسياسة ،فخلط الدين بالسياسة ادى الى مهزله نعيشها اليوم. فيجب ان تظل المساجد والكنائس منزهه وبعيدة كل البعد عن هذه الأمور السياسية. أيًا كان الدين اسلامى مسيحى يهودى. وأوضح الجندى: ان الدين يعنى العلاقة بين الانسان وربه، اما السياسة علاقة بين الناس وبعضهم البعض فلا يجوز ان يدلى الخطيب بنصيحة سياسية باى حال من الاحوال.
حرية الفكر
وعلى الجانب المسيحى يقول جمال أسعد كاتب سياسى قبطى: روى لنا التاريخ دائما مشاهد استغلال الدين سياسيا وذلك لان الدين متجسد فى نفوس المصريين سواء مسلمين أو مسيحيين فالدين هو المدخل الطبيعى للشعب المصرى وهذا ما يحدث الآن من الاستثارة بالمشاعر الدينيه لتيسير المصالح السياسية حتى يوحى البعض أنهم يدافعون عن الشريعة الاسلاميه وغير ذلك من أشكال مما يعتبر وصاية دينية على القرار والاختيار السياسى . و اوضح اسعد:أن الاستفتاء على الدستور ليس له علاقة بالشريعة الاسلاميه ويجب أن يكون الدستور توافقيا ويعبر عن الشعب المصرى بكل أطيافه. مشيرا الى انه لابد من اعاده الخطاب الدينى الى اصوله الدينية السليمة بعيدا عن اى استغلال آخر ويكفى ان يحدث وعى بالموقف السياسى ويترك للمواطنين حرية الفكر والاختيار السياسى بعيدا عن اى مؤثرات اخرى ،فيما اضاف ان السلطة الروحية سواء اسلاميه او مسيحية تستغل ارتباط وولاء المواطن المصرى لرجل الدين الذى تتجسد فيه قدسية الدين بدلا من الدين نفسه ،فتحولت خطب وتصريحات رجل الدين من رأى شخصى الى جزء من العقيدة.
كان اول بناء يتم تشييده في الاسلام هو المسجد ، وبهذا البناء عرف المسلمون ان المسجد ليس مكانا للعبادة فحسب وانما له دور فعال في تنظيم المجتمع الاسلامي وفي توجيه سلوك المسلمين. وكانت المهمة الجوهرية الأولى للمسجد هي دعم ايمان المسلمين وترسيخ قيم الفعل الاجتماعي الجمعي حيث اتسمت الصلاة بالسمة الجمعية وبالانتظام الزمني في الاقامة وبالانضباط والدقة في الاداء.
أضاف: لعب المسجد دورا محوريا في توحيد المسلمين حوله كرمز ديني يحظى بالتوقير والاحترام. وفي ساحته كانت تجرى الاجتماعات والمداولات الخاصة بالشئون الحياتية للمجتمع الاسلامي وبمشكلاته. وامتدادا لهذا الدور كان المسجد أيضا مقرا للقضاء والنظر في المنازعات التي تقع بين المسلمين. ومقرا للعمليات الحربية ورسم الخطط العسكرية والتباحث في امور الحكم والعلاقات الخارجية مع المجتمعات غير الاسلامية.
ومع تقدم المجتمعات وتعقد الحياة الاجتماعية انسلخت وظائف عديدة عن المسجد كالقضاء والعمليات العسكرية واصبح لها الأماكن الخاصة بها وانحصر دور المسجد في تنظيم أمور العبادات. وبالرغم من اعتماد المجتمعات الاسلامية مبادئ التخصص وتقسيم العمل في حياتها إلا أن المسجد ظل محتفظا الى يومنا هذا بوظيفتين أساسيتين الى جانب الوظيفة الدينية وهي الوظيفة التربوية والوظيفة الدعوية الاعلامية.
ومن الناحية الدينية يهتم المسجد بتنظيم أداء شعائر الصلاة وتوعية المؤمنين بواجباتهم الدينية وبأساليب اداء سائر العبادات من صوم وزكاة وحج كما يهديهم الى القيم والمعايير الاسلامية في التعامل مع جماعات الجيرة من المسلمين وغير المسلمين في المجتمع.
اما الوظيفة التربوية للمسجد فقد تمثلت في قيامه بدور الجامعة والمدرسة لتلقين المسلمين العلوم الشرعية وبعض العلوم غير الشرعية والقيم الاخلاقية والثقافية للمسلمين التي توجه سلوك أفراد المجتمع وتفضيلاتهم. وهذه الوظيفة هي التي تمنح المسلمين هويتهم الاسلامية وتؤكد على انتمائهم للاسلام على نحو يجعلهم يتميزون عن غيرهم من أصحاب الانتماءات الأخرى.
وأضاف: بالنسبة للوظيفة الدعوية او الاعلامية فقد القيت على عاتق المسجد للدفاع عن الاسلام ضد الهجمات الشرسة التي تشن عليه من أصحاب الديانات الاخرى وغيرهم من المغرضين من المنافقين الذين يشكلون خطرا شديدا على العقيدة الاسلامية. وعلي الرغم من التقدم المذهل في وسائل الاتصال وفنون الدعاية والاعلام الا ان الرسالة الاعلامية للمسجد لازال لها التأثير الأعمق على نفوس جماعات المؤمنين نظرا لارتباطها بالرمز الديني الذي تصدر عنه.
وقال الدكتور حسن أنه من الناحية السياسية، نري ان التاريخ الانساني حافل باهتمام القادة السياسيين على مختلف العصور باضفاء مسحة دينية على قراراتهم وأنشطتهم، بدءا من الاسكندر الأكبر الذي نسب نفسه الى آمون إله مصر ومرورا بنابليون ومغازلته للاسلام واصرار الملك فاروق على الانتساب الى آل البيت الكرام وإلقاء الرئيس الراحل عبدالناصر ادق خطبه السياسية في ساحة الجامع الأزهر وتلقيب الرئيس الراحل السادات نفسه بالرئيس المؤمن وحرص الرئيس المخلوع على حضور الصلوات الجامعة في المناسبات الدينية مع جموع المصلين.
وقد حرص علماء الدين الاسلامي في شتى العصور على ان يبقي الدين بعيدا عن النفاق السياسي. ولم تكن مواقف المؤسسة الدينية من النظام السياسي تتخذ طابعا حادا الا عندما تتزايد المظالم على المواطنين فيجأرون بالشكوى لرجال الدين راجين نصرتهم والدفاع عن حقوقهم والتصدي للحاكم الظالم ومن معه من النخب السياسية الجائرة. وفي أغلب الأحيان ، يلجأ رجال السياسة لمجاملة رجال الدين خشية اثارتهم للجماهير وتحريضهم ضد النظام الحاكم.
وأوضح الدكتور حسن: أنه بالنظر الى طبيعة النسق القيمي للدين الاسلامي، من زاوية تحليلية اجتماعية، أرى أنه يشتمل على مجموعتين من المعايير والقيم الدينية؛ الأولي هي التي تحض المسلمين على الصبر على الأذى والرضا بما قدر الله للمسلم والعمل من أجل الآخرة والتضحية بمتاع الحياة الدنيا وهي المعايير والقيم التي نزلت في القرآن الكريم في بداية الدعوة وقبل تكوين الدولة الاسلامية، اي كان لها ظروف تاريخية خاصة بها، أما المجموعة الثانية فهي المتعلقة بالقيم الثورية التي تطالب المسلم بأن يقاتل في سبيل الحصول على حقوقه وأن يثأر لنفسه وأن يعاقب المسىء له وأن يحاسب الحاكم على ابتعاده عن تطبيق شرع الله. وهذه الأحكام هي التي نزلت في القرآن الكريم بعد أن استقرت الدولة الاسلامية وأصبح لها هيبة ومكانة وتحول المسلم من شخص يقبل الاستكانة الى شخص عزيز لا يخشى في الله لومة لائم.
وذكر أستاذ الاجتماع أنه في ضوء هذا التحليل نجد ان معظم الحكام في المجتمعات التي تدين بالاسلام راحوا يطالبون رجال الدين بالتأكيد على النمط الأول من المعايير والقيم التي نزلت قبل الإذن للمسلمين بالقتال وحثوهم على تجنب الاشارة الى المعايير ذات الطابع الثوري. وكانت النتيجة ان انصاع بعض رجال الدين إلى إرادة الحكام واعتبروا الخروج علي الحاكم أيا كانت درجة ظلمه لمواطنيه نوعا من الكفر يستوجب صاحبه أشد العقاب. ومع تزايد حركة التنوير في المجتمعات وإحتكاك المجتمعات الاسلامية بغيرها من المجتمعات في العالم خاصة تلك التي شهدت الثورات الكبرى ومع تزايد الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة في كثير من الدول غير الاسلامية، تزايدت الانتقادات الموجهة إلى رجال الدين المحافظين الذين يتحرجون من الاصطدام بحكامهم حتى أنهم دائما ما يطلق عليهم سلبيون أو أنهم جبناء وتقليديون وبدأ ينظر بعض المفكرين إلى الدين الاسلامي كمعوق للتغير الاجتماعي والتنمية بسبب التأكيد على القيم غير الثورية فيه.
وأضاف هكذا انقسمت المجتمعات الاسلامية الى مجتمعات تقدمية ثورية، يلعب فيها الدين بقيمه الثورية دورا تقدميا ودون رجعية تتمسك بالمعايير والقيم التي تحافظ على جمود المجتمع وتعتبر ان المساس بالأوضاع المكتسبة للحاكم المستبد نوعا من الكفر والزندقة. وفي كل الأحوال يقع رجل الدين بين شقي الرحى خاصة بين المتشيعيون لكل تيار من التيارات الدينية، فإن نادى بالثورة أصبح من وجهة نظر المحافظين مهددا لاستقرار المجتمع وعنصرا من عناصر الهدم والتخريب. واذا دعا إلى التمسك بقيم عدم الخروج على الحاكم وإن ظلم او جار، نظر اليه اصحاب الاتجاه الثوري على انه من دعاة الرجعية ومن المدافعين عن الحكام الظالمين.
وقال حسن: نتيجة لهذه الحالة من الانقسام الفكري رأى كثير من الدعاة الابتعاد بالدين عن السياسة، وحولت بعض الدول المؤسسة الدينية الى مؤسسة بيروقراطية تسري عليها اللوائح والقوانين الادارية ومن ثم يمكن ان يقلل هذا التحول إلى تخفيف حدة الجاذبية الكاريزمية لبعض رجال الدين نتيجة تحويلهم الى عمال للادارة. ومع ذلك، مازالت المؤسسة الدينية محل اهتمام المسلمين في كل المجتمعات الاسلامية وذلك بسبب التراث الفكري الاسلامي المتراكم عبر العصور والذي يربط بن المسلمين وجدانيا في كل أنحاء المعمورة وبتأثير من الجهود الهائلة التي بذلها المسلمون الأوائل في دراسة علاقة الحاكم بالمحكومين ونظم الحكم.
وأخيرا رأى الدكتور حسن إن رجال الدين لا يمكنهم الفكاك من التعرض للموضوعات السياسية، فالدين الاسلامي يتناول كافة مناحي الحياه وينظمها كلها في شبكة من العلاقات المتداخلة والمعقدة. والمهم في هذا كله هو ان يكون رجل الدين محايدا بين الجماعات الاجتماعية فهو يناصر الرأي الديني وليس الأفراد وهذا الرأي يجب الا يعكس هواه الشخصي وانما يجب ان يستند الى أدلة شرعية وأسانيد جدية، مشيرًا إلى أنه في الوقت نفسه، على رجال الدين ان يقودوا الدبلوماسية الشعبية في التوفيق بين الفرق المتصارعة من المواطنين وتقديم الحلول البديلة للمشكلات المطروحة على الساحة ومحل الصراع. والواقع ، أن المكانة الاجتماعية لرجال الدين لدى المواطنين تمكنهم من القيام بهذا الدور.
وأضاف: على رجال الدين أيضا ان يتخذوا مواقف ايجابية من الصراعات التي تجري في المجتمع بعدم الوقوف الى جانب الجماعة الباغية وبنصرة الجماعة صاحبة الحق ، ذلك ان التزام رجال الدين الصمت حيال ما يجري من أحداث خطيرة في المجتمع يجعل المواطنين يفقدون ثقتهم، ليس في رجال الدين فقط ، بل وفي تعاليم الدين ايضا.
ويمكن القول فى النهاية أنه لا شك أن واقعة احتجاز الشيخ المحلاوى الذى قارب التسعين عاما من عمره لاقت رفضا كبيرا فى كل قطاعات المجتمع ...ولكن تحدثه فى السياسة على المنبر قد أثار استياء الكثيرين أيضا.
نبذة تاريخية عن مسجد القائد إبراهيم والشيخ المحلاوى
يعد مسجد القائد ابراهيم من أشهر مساجد الاسكندرية ان لم يكن أهمها على الاطلاق ، وذلك لما يمثله المسجد من رمز لنضال أهالى الاسكندرية و اصبحت ساحته مقرًا دائمًا للتعبير عن الحرية. وقد أقيم هذا المسجد عام 1948 في الذكرى المئوية لوفاة القائد ابراهيم باشا ابن محمد على والى مصر السابق ومؤسس العسكرية المصرية الحديثة، وقام بتصميم المسجد مهندس إيطالي الأصل اسمه ماريو روسّي شغل منصب كبير مهندسي الاوقاف عقب مسابقة اقيمت لذلك وأصبح القائم على اعمال القصور والمساجد في عهد الملك فؤاد الأول .
ومنذ ذلك التاريخ وشهدت ساحته زحف لأهالى الاسكندرية من كل حدب و صوب للتعبير عن غضبها كلما وقع حدث جسيم داخل مصر أو خارجها، فعلى المستوى الخارجى ومنذ عام بناء المسجد، وهو العام الذي شهد هزيمة الجيوش العربية مجتمعة أمام عصابات الكيان الصهيوني، تشكلت بداخله لجنة على مستوى الجمهورية سميت “لجنة الدفاع عن القدس”.
كما شهدت ساحة ميدان المسجد كل المؤتمرات الجماهيرية المنددة بالاحتلال الصهيوني لفلسطين، كما شهدت أيضا انتفاضة جماهير الإسكندرية دفاعا عن الشعب الأفغاني إثر الغزو السوفييتي و عام1979 ، بدأت المسيرات الحاشدة من كلية الهندسة حتى مسجد القائد إبراهيم، وأحرق فيها علم الاتحاد السوفييتي.
وعلى المستوى الداخلى شهد ميدان المسجد الكثير من الاحتجاجات على الأوضاع الداخلية، أبرزها المظاهرات المنددة ببطش النظام الحاكم السابق والرافضة للاعتقالات والتعذيب، و لعل آخرها تزوير الانتخابات.
وإلى جانب المكانة التاريخية للمسجد فهو يتمتع بمكانة دينية خاصة كونه من أشهر المساجد، في إقامة صلاة التراويح والتهجد في شهر رمضان بالمدينة. حيث يأتيه المصلون من مناطق متعددة من المدينة وقد يصل اعداد المصلين به خاصة في العشرة الأواخر من رمضان إلى قرابة المائة الف مصلى.
ويعد القائد إبراهيم رمزًا لنضال أهالى الاسكندرية و اصبحت ساحته مقرًا دائمًا للتعبير عن الحرية فى اثناء.ثورة 25 يناير ويعد الشيخ المحلاوى أشهر الائمة الذين مروا على تاريخ هذا المسجد منذ إنشائه.
وعن الشيخ المحلاوى فهو أحمد عبد السلام المحلاوي (ولد 1 يوليو 1925 في محافظة كفر الشيخ) وهوداعية مصري بارز في الإسكندرية. وتخرج فى قسم القضاء الشرعي بكلية الشريعة جامعة الأزهر عام 1957 وعمل الشيخ إماما وخطيباً بوزارة الأوقاف المصرية.ثم انتقل إلى الإسكندرية وعمل إماماً وخطيباً لمسجد سيدي جابر ومن ثم لجامع القائد إبراهيم بمحطة الرمل بمدينة الإسكندرية قبل توقفه عن ذلك عام 1996.
تولى الشيخ المحلاوى رئاسة لجنة سميت «لجنة الدفاع عن المقدسات الإسلامية» التي تأسست عقب تدنيس المصحف علي يد العديد من المشايخ البارزين.
تم اعتقال المحلاوي ابان حكم الرئيس أنور السادات وفي الرابع من فبراير العام الماضى قام المحلاوى بأداء خطبة الجمعة في جامع القائد إبراهيم لأول مرة منذ خمسة عشر عاماً وكان ذلك في جمعة الرحيل في أعقاب ثورة 25 يناير وظل المحلاوي يحفز المتظاهرين بخطبه الحماسية حتى رحيل مبارك عن الحكم يوم الجمعة 11 فبراير 2011.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.