فيلم «ساعة ونص» الذى كتبه «أحمد عبدالله» وأخرجه «وائل إحسان» هو أفضل فيلم مصرى شاهدته حتى الآن فى موسم 2012، عمل كبير قوى ومؤثر، وسيناريو ناجح ومتماسك مع بعض الملاحظات هنا أو هناك، ومباراة مدهشة فى فن التشخيص، اكتساح متوقع لعدة جوائز تجعلك تستغرب ألّا يشارك هذا الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى، كان سينافس بقوة وبسهولة على جوائز التمثيل والسيناريو والإخراج، وربما جائزة أفضل فيلم ، ثم إن «ساعة ونص» من إنتاج «أحمد السبكى» الذى قدم أحد أسوأ أفلام العام أيضاً وهو فيلم «حصل خير»، وأعتقد أن «ساعة ونص» هو بالتأكيد أفضل أفلام السبكية حتى الآن متجاوزاً «كباريه، والفرح» لأنه أكثر نضجاً واكتمالاً، ولأنه يرسم لوحة إنسانية لا تنسى لمصر المريضة فى سنوات مبارك الأخيرة حيث تنتهى الأوضاع المقلوبة بقطارات مقلوبة، وحيث يهرب المصريون من الفقر والتعاسة والغلب إلى الموت حرقاً أو غرقاً. يمكن اعتبار «ساعة ونص» مُكملاً من حيث الشكل لفيلمى «كباريه» و«الفرح» حيث يتم الاعتماد على البناء الأرسطى التقليدى بوحدة الزمان والمكان والحدث، الموهوب أحمد عبدالله استوحى من حوادث القطارات الشهيرة الإطار العام لمعنى الكارثة، ثم قرر أن يختزل المكان بشكل أساسى فى داخل القطار، ثم بشكل فرعى فى محطة انتظار للقطارات، أمّا الشخصيات فقد فتح عليها نافذة واسعة كلها تُقّدم نوعيات على نغمة البؤس والفقر والأوضاع المقلوبة: ماجد الكدوانى رجل شرطة لا يتردد فى طلب الرشوة ويحلم بالتخلص من شقيقة عانس يبحث لها عن عريس «وأحمد الفيشاوى» مصرى يعيش فى السويد يتم ضبطه وهو يقبل صديقته فى الشارع فى مصر، و«فتحى عبد الوهاب» صعيدى جاهل يتزوج من ابنة عمه الطبيبة يسرا اللوزى ويرفض أن تسافر فى منحة إلى الخارج لمدة 6 شهور، «سمية الخشاب» زوجة شابة يعانى زوجها خفير السكة الحديد «أحمد بدير» من الضعف الجنسى، و «إياد نصار» حاصل على ليسانس الآداب ولكنه يعمل فى بيع الكتب و «كريمة مختار» التى يتركها ابنها بعد أن يعطيها ورقة فى يدها مكتوب فيها برجاء تسليمها إلى أقرب دار مسنين، كريم محمود عبد العزيز ومحمد رمضان الذى سُرق وزعما لأسرتيهما أنهما عائدان من ليبيا بالأموال، «ومحمد عادل إمام» و«أحمد فلوكس» اللذان يسرقان قضبان السكة الحديد، وهالة فاخر التى تحاول الاستعانة بأخيها الثرى لعلاج ابنها المريض نفسياً بسبب فشله فى الثانوية العام، وسائق القطار «محمد فريد» الذى يعانى من انفلات ابنته «ناهد السباعى» و«سوسن بدر» الأم المتصابية التى تطمح ابنتها «آيتن عامر» فى أن تحصل على أموال ستحصل عليها الأم من صندوق الزمالة لزوجها الراحل. لوحة هائلة عن الناس الغلابة قدمت بتعاطف كامل، وبدون أى إدانة أخلاقية، وبحس «تشيكوفى» مؤلم، الجميع كانوا فى أدوارهم مع تميز خاص لماجد الكدوانى وكريمة مختار وإياد نصار وأحمد بدير وكان هناك مزج جيد بين الكوميديا والرجيدى بالرغم من زيادة جرعة المآسى فى النهاية، هناك كذلك عناصر شديدة التميز مثل صوت سامح سليم ومونتاج شريف عابدين وموسيقى ياسر عبد الرحمن وملابس داليا يوسف وديكور على حسام، لاشك أيضاً أنه أفضل أعمال وائل إحسان المخرج حتى الآن.