لأنه أول وزير للقوى العاملة يعين بهذا المنصب من أبناء الوزارة، ولأنه بدأ باحثا بمديرية القوى العاملة بالقاهرة وتدرج بين الوظائف والمناصب المتعلقة بالعمال ومشاكلهم، فهو الأقدر فى هذه المرحلة على فهم طبيعة التحديات التى تواجهها القوى العاملة المصرية فى الداخل والخارج، والأقرب إلى حل الكثير من المشكلات العمالية التى تؤدى إلى ظاهرة الإضرابات والاعتصامات التى تشهدها الشركات والمصانع من شمال مصر لجنوبها. «أكتوبر» التقت مع وزير القوى العاملة والهجرة الجديد رفعت حسن، وطرحت عليه التساؤلات التى تشغل بال عمال مصر فى الداخل والخارج، حيث أكد الوزير أن حقوق المصريين فى الخارج «خط أحمر» لا يقبل التهاون أو التفريط فيها، وأنه أصدر قراره بتشكيل لجان نوعية فى جميع محافظات الجمهورية برئاسة المحافظين لحل الأزمات العمالية فورا، وكشف عن سعى الوزارة بالاتفاق مع الجانب الليبى على تعويض العمالة المصرية العائدة من ليبيا.* فى البداية التهنئة واجبة لأول وزير للقوى العاملة يخرج من مطبخ القوى العاملة وأحد أبنائها، على عكس ما كان متبعا فى اختيار وزراء العمل فى السابق؟ * * بالفعل هذه أول مرة يشغل أحد أبناء الوزارة منصب الوزير منذ انشائها عام 1930، فقد جرى العرف منذ أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على أن يتولى الوزارة رئيس اتحاد العمال بشكل دائم وكان أول وزير هو صلاح غريب ثم عبد اللطيف بلطية، وأنور سلامة، وسعد محمد أحمد ود. عاصم عبد الحق وهذا لم يكن رئيسا لاتحاد العمال ثم أحمد العماوى وبعده شغلته الوزيرة عائشة عبد الهادى رغم أنها لم تكن رئيسة لاتحاد العمال بل كانت سكرتيرة للمرأة العاملة ، وبعد ثورة 25 يناير جاء إسماعيل فهمى والذى كان يقوم بأعمال رئيس اتحاد العمال بالإنابة بدلا من حسين مجاور وجاء بعد ذلك وزيران من خارج اتحاد العمال، وهما د. أحمد البرعى ود. فتحى فكرى. الأولويات * هناك العديد من التحديات والملفات التى تواجه وزير القوى العاملة والهجرة فما أهم أولويات المرحلة الراهنة؟ * * أهم أولويات هذه المرحلة التى تمتلئ بالإضرابات والاعتصامات على كافة الأصعدة أننى قمت أولا بعمل لتكوين لجان نوعية تشكل على مستوى كل المحافظات فى جميع أنحاء الجمهورية ففى كل محافظة لجنة برئاسة المحافظة وتضم فى عضويتها عضوين من مجلسى الشعب والشورى ومديرية القوى العاملة لمتابعة حالات الإضراب واحتواء هذه الاضرابات والوصول إلى حلول من أجل إعادة الاستقرار الآمن من أجل احتواء عمليات الإضرابات منذ بدايتها والوصول إلى حلول سريعة حتى لاتتفاقم المشاكل ويصعب حلها. أما الملف الثانى وهو موارد الوزارة والتى تم وأدها منذ أكثر من ستين عاما بسبب استيلاء بعض الجهات الحكومية عليها، وسوف يتم استخدام هذه الموارد فى رفع كفاءة العاملين بالوزارة ومفتشى العمل وقد استعرضنا مع محافظ القاهرة آليات تنفيذ القانون 453 لسنة 1945، 371 لسنة 1956الخاصة بتراخيص المحال الصناعية والتجارية، كذلك القرار الجمهورى 991 لسنة1967 المنظم لها، حيث تقوم أجهزة الوزارة ومديرياتها بمراقبة تنفيذ تلك القوانين وهذا الأمر يستوجب متابعة آليات ومخرجات تلك الجهود على مستوى المحليات على نحو يحقق العدالة الاجتماعية ولا يهدر حقوق من قاموا بكل هذه الجهود. حقوق المصريين بالخارج أما الملف الثالث الذى أعتبره من الأولويات فى العمل هو ملف العاملين بالخارج وحقوقهم، فرعاية العمالة المصرية وحقوقها هى خط أحمر يجب ألا يتجاوز بأى شكل من الأشكال، وقد أعطيت تعليمات مشددة للمستشارين العماليين بسفارتنا بالخارج بضرورة تقديم أى دعم أو مساندة لأى عامل فى أى تجمع عمالى خاصة بالنسبة لدول الخليج، وأكدت على ضرورة تواجد المستشارين العماليين فى التجمعات العمالية لتعريف العمالة المصرية بقوانين هذه البلاد التى يعملون فيها والعمل على احترام هذه القوانين، فهذا سيقلل العديد من المشاكل التى تواجههم نتيجة عدم معرفتهم بقوانين البلاد التى يعملون فيها ومعرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه هذه البلاد، وطالبت المستشارين العماليين بالمزيد من الرعاية، مع ضرورة إخطار الوزارة بأية شركة من الشركات التى تتعامل مع العمال المصريين وتخل بحقوقهم لأننا سنعتبرها من الشركات التى يحظر التعامل معها لتهاونها فى حقوق العمالة المصرية لديها. احتواء الأزمات * من المعروف فى إطار الاتفاقيات الدولية أنه عندما ينشأ نزاع عمالى بين طرفى العملية الإنتاجية يتم اللجوء إلى المفاوضات والاحتكام ثم إلى الاضرابات، ولكن ما يحدث الآن هو أن العمال يلجأون إلى الحل السحرى وهو الاضرابات والاعتصامات فكيف تواجه هذه الحالات؟ * * من أجل هذا يتم تشكيل اللجان النوعية فى كافة المحافظات لاحتواء هذه الأزمات، ولكن ثقافة العمال الآن تغيرت خاصة بعد ثورة 25 يناير، فمنهم من يقول «اطرق على الحديد وهو ساخن» حتى تتحقق مطالبهم وبالفعل لقد حدث وتم تلبية مطالبهم لكن بكم من الخسائر نتيجة لتوقف حركة الانتاج، وأطالب عمال بلدى الشرفاء بالتعقل وإعمال صوت الحكمة والمنطق مع عدم توقف عجلة الإنتاج، وبعد ذلك يتم الحوار مع اللجان النوعية المشكلة فى كل محافظة لاحتواء الأزمات من أجل إعادة الاستقرار والأمن فى أية منشأة أو مصنع. والعمال هم أكثر الضحايا بسبب الظروف الصعبة التى واجهتنا جميعا أثناء وبعد الثورة حيث فقد الكثير من العمال وظائفهم خاصة فى قطاعى السياحة والتشييد والبناء بسبب توقف بعض مصانع القطاع الخاص بعد خسائر هذه المصانع نتيجة للانفلات الأمنى وعدم الاستقرار وهو ما حدث مؤخرا فقد اضطر أبو العينين لغلق أحد مصانع السيراميك بالسويس فى العين السخنة، والسبب الخسائر نتيجة التكنولوجيا الهائلة واستخدام عمالة كثيفة للنظر إلى هذه الأجهزة مع عدم تدخلهم بالأيدى مباشرة، بالإضافة لقلة التصدير..بل عدمه لسوء الأحوال الأمنية. ولكن ما ذنب العمال الذين يقدرون بالآلاف وقد تم تقديم بلاغ للنائب العام وهناك بالفعل مفاوضات بين الوزارة والمحافظة وصاحب العمل لاحتواء هذه الأزمة لأنه ليس هذا هو التوقيت المناسب لإغلاق أى مصنع من المصانع. إلغاء نظام الكفيل * مع اعتبار أن حقوق العمال بالخارج بمثابة الخط الأحمر الذى لا يمكن أن يتجاوزه فما رأيك فى أن السعودية تتخلى لأول مرة عن نظام الكفيل؟ * * معنى أن تتخلى السعودية عن نظام الكفيل وإعطاء العمال حرية التنقل فهذا يعطى انطباعا بأن ثورات الربيع العربى احدثت بالفعل تغيرا جذريا، فمن المعروف أن العمالة المصرية تمثل 11% من إجمالى العمالة الوافدة للسعودية التى تقدر بنحو 9 ملايين عامل وافد من جميع أنحاء العالم، وهذا معناه أن النسبة الكبرى من العمالة الوافدة هى العمالة المصرية وفى اعتقادى أن هذا القرار تأخر كثيرا لأننا طالبناه مرارا وتكرارا بل طالبنا بإلغائه من كافة دول الخليج لأن نظام الكفيل يجعل العامل لا يستطيع أن ينتقل من مكان إلى مكان إلا بأمر صاحب العمل ولا يترك العمل لدى صاحبه، وان نظام الكفيل سوف يتم تغييره بنظام الخدمات وسوف يقنن بشكل يسهم فى حرية التنقل العملى كما أشارت المواثيق الدولية. * لا شك أن تأمين بيئة العمل والصحة المهنية هى طريق الأمن للعاملين فى الكثير من المنشآت التى بها مواد حارقة أو مشعة أو تهدد صحة العاملين.. فكيف يواجه وزير القوى العاملة هذا التحدى الذى نجد أن كثيرا من المنشآت لا تهتم به كثيرا؟ * * أولا نواجه كافة هذه التحديات عن طريق مفتشى مكاتب العمل لمواجهة الأخطار المصاحبة لأى نشاط إنتاجى أو خدمى، ومن خلال العمل الدائم للتوعية والإرشاد بأهمية تأمين بيئة العمل للعامل وصاحب العمل أيضا، كما أننا نقوم بتفعيل آليات التشريعات والقوانين وفقا للاتفاقيات والتوصيات والمبادرات التى تصدرها المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية، كذلك منظمة الصحة العالمية بشأن صحة وسلامة العاملين فى جميع الأنشطة والمنشآت حتى تتوافر بيئة عمل صحية خالية من المخاطر لتزيد من مهارات العاملين وإنتاجهم. * مازالت مخرجات التعليم لا تفى بالاحتياجات الحقيقية لسوق العمل فما الحل؟ * * الحل ببساطة من خلال مراكز التدريب التابعة لمديريات القوى العاملة بالتعاون مع مجلس إدارة صندوق التدريب والتشغيل بالوزارة، وقد أصدرت قرارات بإجراء مراجعة شاملة لكافة مراكز التدريب لرفع إمكاناتها الفنية لإعداد كوادر مدربة لتلبية الاحتياجات لبعض المهن المطلوب بها العمل لتفى بمتطلبات سوق العمل. زيارات مفاجئة * علمنا أنك قمت بزيارة مفاجئة لمديرية القوى العاملة بالجيزة فهل ستكون كل الزيارات مفاجئة؟ * * الغرض من الزيارة هو الاطمئنان على سير العمل والتأكد من مستوى الخدمات التى تقدم لجماهير المتعاملين مع مكاتب الوزارة، كما أننى طالبت من كافة مديرى المديريات التعامل مع الجمهور بشكل حسن واننى سأضع صياغة استراتيجية موحدة لتقديم الخدمات والتعامل مع الجمهور فى كل المراحل المقبلة. * فى مؤتمر العمل العربى أشار الجانب الليبى إلى أنه ليس لديه مانع من دفع التعويضات للعمالة المصرية التى عادت أو أسر الشهداء المصريين وأشترط أن يصدر من الحكومة المصرية بيان بالمستحقين فهذا يعتبر من الملفات الشائكة أيضا فماذا سيفعل وزير القوى العاملة فى هذا الملف؟ * * أولا العودة المفاجئة التى حدثت للعمالة المصرية بعد ثورة ليبيا ونزوح ما يقرب من نصف مليون عامل مصرى بالإضافة إلى الخسائر سواء المادية او الشخصية وضعتنا أمام تحد جديد وهو كيف سنعوض هذه العمالة العائدة لذلك فإننا طلبنا ملف العمالة العائدة من ليبيا لحصره، وقد تم توقيع بروتوكول بين الوزارة وقطاع الهندسة والتشييد بليبيا لتلبية احتياجات السوق من العمالة المصرية الماهرة وتم اختيار 10 آلاف عامل مصرى من خلال دفعة البيانات المسجلة بالوزارة لأنه يوجد برنامج ربط إلكترونى بين الوزارة ووزارة العمل الليبية لتسهيل إجراءات التعاقد مع العمالة المصرية ومن المتوقع أن تمثل هذه العمالة نحو 70% من سوق العمل الليبى. * وفى ختام شهر مايو وهو شهر أعياد العمال فماذا تقول لهم فى شهرهم المفضل خاصة مع بداية عملكم فى الوزارة؟ * * فى هذا الشهر أقدم تحية لعمال مصر الذين ساهموا فى بناء الوطن من خلال إدارة عجلة الإنتاج فى كافة قطاعات الدولة فى المصانع والمزارع والمدارس والجندى فى الميدان فتحية إلى كل يد تعمل من أجل بناء ورفعة هذا الوطن وأقول لعمال مصر الشرفاء اننا نجتاز مرحلة من أخطر المراحل التى تمر بها البلاد وأطالبهم بأن يقفوا جميعا كتفا إلى كتف فى المصانع وراء عجلة الإنتاج ومعالجة قضاياهم بالتفاوض وليس بالاعتصمات والاضرابات.