كتبت : داليا كامل ... فى سياق تأكيده على المنافع الاقتصادية والسياسية التى ستعود على صربيا من خلال عضويتها فى الاتحاد الأوروبى، أشار المسئول عن ملف صربيا لدى البرلمان الأوروبى يلكو كاتسين إلى أن حل صربيا لخلافاتها مع كوسوفو سيسهم بشكل كبير فى تسهيل الطريق نحو بروكسل، الأمر الذى يعنى ضرورة قيام صربيا بكل ما هو لازم لتحقيق ذلك، فهل من الممكن أن تضطر صربيا فى نهاية الأمر للاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة فى سبيل الانضمام للاتحاد الأوروبى، وخاصة أن أكثر من ثلثى الدول الأعضاء بالاتحاد، وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والدنمارك والنمسا وهولند، تعترف باستقلال كوسوفو؟ هذا الجدل أثير مجددا مطلع الشهر الحالى بعدما قررت دول الاتحاد منح صربيا صفة مرشح للانضمام إلى التكتل الأوروبى. وكان متوقعا أن يصدر قرار الترشيح فى ديسمبر الماضى بعد أن ساعدت السلطات الصربية فى اعتقال مجرمى الحرب القائد العسكرى السابق لصرب البوسنة الجنرال راتكو ملاديتش والجنرال جوران هاجيتش وتسليمهما إلى محكمة جرائم الحرب الدولية ليوغسلافيا السابقة، لكن ألمانيا فضلت حينها إرجاء الخطوة مطالبة بلجراد بتحقيق مزيد من التقدم فى المصالحة مع إقليم كوسوفو- الذى أعلن استقلاله عنها من جانب واحد فى عام 2008 بعد أن كان يخضع للحكم الذاتى تحت السيادة الصربية منذ عام 1998 وبإدارة الأممالمتحدة- لما فى ذلك من أهمية بالنسبة لاستقرار المنطقة وبالتالى الاتحاد الأوروبى. وجاءت الموافقة على ترشيح صربيا بعد أن تأكد لكل دول الاتحاد الأوروبى أن صربيا أوفت بالشروط التى يفرضها الاتحاد للحصول على وضع مرشح وخصوصا تحسين علاقاتها مع كوسوفو حيث وافق المسئولون الصرب أواخر الشهر الماضى وبعد مفاوضات شاقة استمرت لشهرين على السماح لكوسوفو بالمشاركة فى الاجتماعات الإقليمية لدول البلقان من دون أن تعترف بلجراد باستقلال الإقليم بحيث تتم الإشارة فى اللوحة التى تحمل اسم كوسوفو إلى النزاع الدائر حول وضعه، وتمثل التقدم الآخر فى اتفاق بلجراد وبريشتينا على تطبيق الاتفاقات التى عقدت فى عام 2011 حول حرية المرور والإدارة المنسقة للمراكز الحدودية التى كانت مثار توتر شديد فى الأشهر الأخيرة. كما تخلى الرئيس الرومانى ترايان باسيسكو عن معارضته لترشيح صربيا بعد أن حصلت بلاده على ضمانات بشأن احترام حقوق الأقلية الرومانية فى صربيا. وتمثل هذه الموافقة - التى اعتبرها المراقبون إنجازا كبيرا لدولة كانت قبل 13 عاما هدفا لغارات الأطلسى فى محاولة لوقف العمليات العسكرية ضد ألبان إقليم كوسوفو ذات الأغلبية المسلمة إبان عهد الرئيس الصربى السابق سلوبودان ميلوسوفيتش - مجرد بداية لعملية طويلة من المفاوضات مع حكومة بلجراد لتحقيق المعايير المطلوبة للحصول على العضوية الكاملة، وعلى رأسها تلك المتعلقة بالإصلاحات الاقتصادية والقانونية، والاعتراف بحقوق الأقليات، وتطبيع العلاقات مع كوسوفو. ففى أحسن الأحوال لا يتوقع المراقبون انضمام صربيا إلى الاتحاد قبل نهاية العقد الحالى. وفى هذا السياق، يقول المعلق السياسى الصربى براتيسلاف جروباسيتش لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور»: «على الرغم من هذه الموافقة التى تمثل خطوة أخرى تجاه الانضمام إلى الاتحاد، إلا أن الطريق لا يزال طويلا أمام صربيا لتحقيق ذلك. فإذا كانت كرواتيا التى حصلت على وضع مرشح فى عام 2003 لن تنضم قبل 2013، فإن الأمر بالنسبة لصربيا قد يستغرق وقتا أطول فى ضوء اشتراط الاتحاد تسوية خلافاتها مع إقليمها السابق كوسوفو، وهو ما يمثل قضية شديدة الحساسية داخل صربيا». ويشار فى هذا الصدد إلى أن القوميين الصرب انتقدوا التسويات التى قدمها الرئيس الصربى بوريس تاديتش بشأن قضية كوسوفو، قائلين إنه استبدل تراب الوطن بمجرد وعد بالحصول على عضوية الاتحاد الأوروبى. كما أن صربيا طلبت مؤخرا من سفير غانا مغادرة بلجراد بسبب قيام غانا بالاعتراف باستقلال كوسوفو، الأمر الذى يشكك فى إمكانية إقدام صربيا على الاعتراف بكوسوفو حتى لو اشترط الاتحاد الأوروبى ذلك لمنحها العضوية وهو ما لم يطلبه حتى الآن ومن المستبعد حدوثه حيث إن الاتحاد كان قد قرر عند إعلان إقليم كوسوفو عن استقلاله ترك الحرية لكل دولة من أعضائه للاعتراف بكوسوفو أو رفضه.