ربما لم تتوقع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهى ترشح كريستيان فولف لتولى الرئاسة فى ألمانيا قبل نحو 18 شهرا أن يثير مرشحها كل هذا الجدل والانقسام السياسى فى ألمانيا، وذلك بعد الكشف عن قيام الرئيس الألمانى بالتأثير على عمل الصحافة، حيث كشفت صحيفة بيلد الألمانية أن الرئيس فولف اتصل شخصيا برئيس تحرير الجريدة الشهر الماضى، وهدده باتخاذ إجراء قانونى إذا نشر مقالا عن قرض لمسكن خاص حصل عليه بفائدة مخفضة من سيدة أعمال ألمانية تربطه بها وبزوجها علاقة صداقة عندما كان محافظا لولاية ساكسونيا السفلى عام 2008. وقد تسبب ما فعله الرئيس فى دولة مثل ألمانيا، تتمتع الصحافة فيها بقدر هائل من الحرية فى أزمة سياسية كبيرة، وتزايدت الضغوط على الرئيس للاستقالة، ورغم أن فولف قدم اعتذاره للشعب راجيا منه أن يثق به، فإن هذا لم يمنع الصحف من انتقاده بشكل عنيف، فقالت صحيفة زود دويتشه تسايتونج إن الرجل الذى يتحدث عن حرية الصحافة ولا يحترمها لا يجوز أن يكون رئيسا، فيما كتبت صحيفة فرانكفورته روندشاو أن محاولة فولف عرقلة عمل صحيفة من خلال الضغط على إدارتها خطأ لا يغتفر، فيما تعرض فولف إلى هجوم مماثل من قبل السياسيين والأحزاب المختلفة، كما أظهر استطلاع للرأى أن أغلبية الألمان أبدوا عدم قناعتهم بتصريحات فولف التى اعتذر فيها عما فعله، كما تعدى الأمر عدم الرضا أو الاقتناع، إذ قام حوالى 450 متظاهرا فى العاصمة برلين برفع أحذيتهم أمام قصر فولف، مطالبين باستقالته. ولأن ما فعله الرئيس يعد فضيحة بكل المقاييس، فقد بدأت الصحف الألمانية فى البحث عن تاريخه، حتى تكتشف ما إذا كان هناك أخطاء أخرى ارتكبها، وبالفعل ذكرت صحيفة دير شبيجل أن فولف حاول أيضا الضغط على صحيفة فيليت أم زونتاج فى الصيف الماضى لمنعها من نشر تقرير عن تاريخ أسرة الرئيس فولف، حيث اتصل هاتفيا بإدارة دار النشر المسئولة عن الصحيفة، واحتج لديها على نيتها فى نشر المقال، كما كشفت مجلة فوكس الألمانية أن بتينا فولف زوجة الرئيس الألمانى حصلت على ملابس فاخرة من أفضل الماركات الألمانية، وقد تم شراء بعضها أو استعارتها مقابل رسوم معينة، لكنها أيضا حصلت على بعضها مجانا، وأكدت المجلة الألمانية بأنها حصلت على معلومات تشير إلى أن بتينا حصلت على مبالغ تقدر ب مئات الآلاف من اليورو من شركات الملابس الفاخرة مقابل ارتداء منتجاتها. صحيفة أخرى هى فرانكفورتر روندشاو كشفت عن أن الرئيس الألمانى قام بإخفاء الجهات التى مولته لشراء بيته، وقد استخدم – بحسب خبراء- وسائل غير معروفة فى مجال العقارات، فقد ذكرت الصحيفة أن فولف قدم شيكا بقيمة نصف مليون يورو خال من اسم الجهة التى أصدرته، فيما يبدو أنه رغبة فى إخفائها، ونقلت الصحيفة عن خبير تمويل العقارات ماكس هيربست أن تقديم الشيكات من دون اسم الجهة المصدرة يعد أمرا غير متعارف عليه فى عالم العقارات إلا فى حالات استثنائية، وعلى الرغم من تلك الهجمة الشرسة التى تشنها الصحافة على الرئيس، إلا أن المستشارة الألمانية لاتزال متمسكة به.