المستشار عبد العزيز الجندى وزير العدل يمثل حالة فريدة من بين كل وزراء العدل السابقين.. فقد عوضنا بأحاديثه فى الفضائيات والصحف والندوات عن صمت العشرات من وزراء العدل السابقين.. خاصة الوزير السابق الذى لم يتكلم كلمتين على بعض منذ أن بدأ عمله بالوزارة وحتى خروجه منها.. وأنا شخصياً أقلق وعينى الشمال بترف وعينى اليمين بتزغلل إذا مر يوم دون أن أسمع وأرى بعينى رأسى صورة وصوت المستشار الجندى! وللحقيقة فإن كل كلام المستشار الجندى كوم.. وكلامه عن الذين كانوا يقومون بسلق القوانين ووصفه لهم بأنهم «إسكافية القوانين».. كوم تانى..! فالإسكافى، كما يعلم الكثير من الشباب الصغار أمثالى، هو الرجل الذى كان يقوم زمان بإصلاح الأحذية القديمة والصُرَم والبراطيش لامؤاخذة..!! فوصف «إسكافية القوانين».. وصف عبقرى بكل المقاييس.. فعمليات التعديل والترقيع وتركيب «النُص نعل» للقوانين المشبوهة لا يمكن أن يصنف بأى حال من الأحوال إلا فى إطار الجزم والبراطيش.. وقد كانت لى مواجهة ساخنة مع د.فتحى سرور رئيس مجلس الشعب السابق حول هذه الظاهرة، ظاهرة تفصيل أو ترقيع القوانين، لن أتعرض لكل تفاصيلها، حتى لا أدعى البطولة مع رجل فى محنة الآن، لكن المواجهة نشرت على أى الأحوال منذ أكثر من ثلاث سنوات على صفحات المجلة.. وما يهمنى هنا هو أن د.سرور دافع عن ترزية القوانين، وقال إنهم موجودون فى كل برلمان فى العالم، وأن وصفهم بوصف «الترزية» لا يشينهم.. وقد رددت عليه فى المواجهة آنذاك.. وقلت وقتها إنه من غير المعقول أن يتم تفصيل القوانين على مقاس معين خاصة أن معظم القوانين يتم تعديلها حتى قبل أن يجف حبرها.. حدث ذلك مع قانون الاستثمار أكثر من مرة، ومع قانون الضرائب، ومع قانون التمغة، وقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار.. وغيرها وغيرها.. لقد كانت ظاهرة ترزية القوانين مستفزة لنا جميعاً وكانت الحكومة ومعها مجلس الشعب والحزب الوطنى يفعلون ما يشاؤون حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من فساد وتسيب.. لابد من محاسبة ترزية القوانين، لأنهم أفسدوا الحياة كلها وليس الحياة السياسية وحدها، ويجب ألا نسمح لهؤلاء بأن يستمروا فى ارتكاب جرائمهم التشريعية، إن جاز لى التعبير، فى مجلس الشعب القادم، فهؤلاء يجب أن يعزلوا سياسياً، وأن نستبدل صفاتهم وألقابهم كأساتذة فى القانون بصفات وألقاب تؤكد جدارتهم عن حق كأساتذة فى ترقيع الجزم والصُرَم.. والبراطيش.. لامؤاخذة!!