كتاب "ذكرياتي، يوميات تاج السلطنة" الذي ترجمته الشاعرة مريم حيدري إلى العربية يعتبر من بين أشهر وأوفى السِّيَر المتبقية من العهد القاجاري. ميلانو (إيطاليا) - يسرد كتاب “ذكرياتي، يوميات تاج السلطنة” ابنة ناصر الدين شاه القاجاري، ذكريات تاج السلطنة، حيث يعتبر من بين أشهر وأوفى السِّيَر المتبقية من العهد القاجاري. وهي يوميات الصوت النسائي الوحيد المتحدر من ذلك العهد. هذه الشهرة والأهمية تعودان أولاً إلى شخصية مؤلفتها وموقعها الاجتماعي، ككاتبة أنثى تمتعت بحرية أكبر للتعبير كأميرة في الحريم الملكي وابنة ملك؛ ومن جهة أخرى، كون هذه اليوميات بما احتوته من معلومات عن وقائع وأخبار ومواقف ورؤى وخواطر وأفكار عكست نموذجاً بليغا من تمازج الثقافتين الشرقية والغربية، لشخصية نسائية قوية تربت علي أيدي معلمين ينادون بالحداثة، آمنت بأفكارهم وبلورت نظرة وتطلعات خاصة بها، لا سيما أنها خلعت الحجاب في تحد للتقاليد السائدة. وقد عاشت تاج السلطنة فترة من الزمن في أوروبا، على إثر طلاقها من زوجها، وذلك بين القرنين التاسع عشر والعشرين. وهي حقبة تميزت معها إيران بتحولات وتبدّلات في السلطة والمجتمع، وبرزت خلالها الثورة الدستورية وما رافقها من تطلعات للنساء الإيرانيات، أسوة بالتركيات والعربيات، لنيل شيء من حريتهن، وكانت تاج السلطنة نفسها في طليعة المطالبات بإنصاف النساء، وساهمت من موقعها القوي في البلاط في التأسيس لحركة تحرر المرأة، لتتسرّب هذه الأفكار الجديدة، في ما بعد إلى الطبقات الأخرى في المجتمع. تاج السلطنة هي ابنة ناصر الدين شاه القاجاري من زوجته توران السلطنة، ولدت في طهران عام 1883، وتوفيت عام 1936. ذهبت في السابعة من عمرها إلى الكتّاب، لكنها سرعان ما تركت المدرسة. سنة 1896 وكانت في سن العاشرة، وتم عقد قرانها على حسن خان، “شجاع السلطنة” ابن محمد باقر خان، أحد القادة العسكريين لوالدها، لكن زواجها منه لم يدم طويلا. ورغم كرهها الأول للتعلم، مالت نحو دراسة العلوم والمعارف، وتعلق قلبها بتعلم الموسيقى والرسم واللغة الفرنسية، ومطالعة الأدب والتاريخ والفلسفة. وهو ما استثمرته في كتابة يومياتها ورحلتها المدونة في هذا الكتاب. ونذكر أن كتاب “ذكرياتي، يوميات تاج السلطنة” صدر مؤخراً بالاشتراك بين منشورات المتوسط بإيطاليا ودار السويدي بالإمارات العربية المتحدة. ونظرا إلى قيمة العمل وأهمية الاختيار والترجمة التي أنجزتها عن الفارسية الشاعرة والمترجمة مريم حيدري، نال الكتاب جائزة ابن بطوطة لأدب اليوميات المترجم في دورتها الأخيرة.