تقدم اللغة مساحات فضلى من المناخات المتشبعة بالحيوية التي تفتح المجال للخاص والساخر بتأثير تلك التناغمية التي تمتلكها الكلمات وما تمتلكه من فيض عاطفي في استخدام الشاعر لأغراضه المتنوعة عبر وحداتها المتكاملة وما تملكه من الخاصية المميزة التي تمنح للشاعر إسلوبه الخاص به، أي هويته الشخصية وفيها من قوة التناقض الباطني والتناقض الظاهري – المفارقة ما يجعلها تقدم البدائل المناسبة والسريعة. وهذه البدائل بمثابة الحلول أو بالأحرى متطلبات الانتقال من المثير إلى الأكثر إثارة حينما تهيء للشاعر أكثر من حاسة للوصول إلى متطلبات الوصول إلى المطلق في النزعة الجمالية. وهو احتفاء للشاعر بعبقرية اللغة ومزاجها المفعم تارة بالرضا وتارة بالهستيريا لتقديم صورها عبر قفزاتها الرشيقة بين الأشياء إذ ذاك لا تكتفي بما تعطيه وما تقدمه من تأثيرات في مكان النص وزمانه وما تقدمه في ذاكرتها الجمعية واقتران قاموسها بطبيعتها التحولية كي تتخطى الجمود وتفلت من القولبة. ف مفهوم الحداثة هنا استعداها لقبول خلق لغة من لغتها وإدامة إنفتاحها على الأشياء غير المرئية حين يفيض الخيال بمتحسساتها فيمتزج العادي بغير العادي بقوة الظاهرة التماسكية فيها ذات الدلالات الصوتية. يصف شوبنهور ذلك بقوله: "إن اللغة تشكل ترابط ذات البعض مع البعض" أي أنها لا تكتفي بالإشارة عبر تسمية الأشياء بل ترتبط بقدرات البناء الداخلي للكلمات ليتم بناء مايتم احتياجه من مشاهد ينتظم فيها السحر وإصالة التعبير.