جرترود، كليوباترا، جوليت، ديدمونة، ليدي ماكبث وتيتانيا. ست شخصيات نسائية من مسرحيات شكسبير الخالدة "هاملت" و "أنطونيو وكليوباترا" و"روميو وجوليت" و"عطيل" و"ماكبث" و"حلم ليلة صيف" يجتمعن بداخل قلعة خيالية ويعلن العصيان على مؤلفهن، وتنضم إليهن عشيقة شكسبير وملهمته في كثير من أعماله. ترفض تلك النساء ما فعله شكسبير بهن ويلفظن تفسيرات المحللين والنقاد، يتمردن على شخصياتهن وأدوارهن ويتساءلن عن نهايات أفضل لحياتهن، هي محاكمة إذن لإدانة شكسبير والاعتراض على أفكاره ورؤاه حول المرأة في العرض المسرحي "نساء شكسبير" من إخراج محمد الطايع. الفكرة كتبها المؤلف سامح عثمان بجانب الاستعانة ببعض الأجزاء من النصوص الأصلية لشكسبير. هذا العمل الذي سيعرض خلال الأسبوع الحالي هو أحد العروض الفائزة بمنحة مكتبة الإسكندرية للمسرح، التي تحتفي بمرور الذكرى الأربعمائة على وفاة الكاتب العالمي. يتناول المخرج محمد الطايع مسرحيات شكسبير لأول مرة، لكنه يسعى منذ البداية لأن يتمرد على الشكل التقليدي لنصوص شكسبير الكلاسيكية هو وفرقته المسرحية المستقلة "جماعة تمرد للفنون" التي أسست في 2001، والتي تسعى دائما إلى التمرد على القوالب الفنية المعروفة والبحث عن صيغ وأشكال مسرحية جديدة. يقدم الطايع عرضه من خلال لعبة "المسرح داخل المسرح"، حيث يظهر أمامنا وليم شكسبير وعشيقته كشخصيتين رئيستين، ويقومان بزيارة قلعة خيالية يجدان فيها تلك الشخصيات النسائية. تظهر كل شخصية منهن في سياق المسرحيات الأصلية التي كتبها شكسبير وتقدم لنفسها من خلال الحوار لدورها الأصلي. يتحول شكسبير في أجزاء من العرض إلى أحد أبطال مسرحياته، وتكون المواجهة بين عالم شكسبير الحقيقي وعالم شخصياته المؤلفة. تسعى النساء إلى الانتقام من شكسبير ويحتد الصراع بين العالمين، لنكتشف في النهاية أن تلك الزيارة الخيالية ما هي إلا مراجعة شكسبير لعالمه المسرحي قبل الشروع في كتابة نص جديد، وأن الصراع الوهمي لم ولن يحسم. اعتمد الطايع على تكوين صورة مسرحية بسيطة في مفرداتها لكنها تعتمد بالأساس على التشكيل من خلال برنامج جرافيك. حيث نجد الفضاء المسرحي أبيض اللون خاليا من الديكورات المركبة إلا من بعض العناصر الأساسية. ويتم تحت إضاءة محددة، بث تصميمات مختلفة تنقلنا بين أماكن مختلفة لمسرحيات شكسبير، فمثلا من خلال البرنامج نرى تصميم مجسم ثلاثي الأبعاد لشكل القلعة المتواجد بها الشخصيات. كذلك هناك بعض التصميمات والموتيفات التي يتم بثها على أجساد الممثلين أنفسهم وقت العرض؛ فقد اعتمدت السينوغرافيا، التي صممها كل من دنيا عزيز ومحمد المأموني، على التقنية وتكوين مشاهد مسرحية متنوعة ثرية برمزيتها ودلالاتها. هي رحلة افتراضية مجسدة على خشبة المسرح. رحلة يجذبنا إليها نساء شكسبير المتمردات وصورة مسرحية جديدة ومبتكرة.