طالب عدد من المثقفين المصريين وزارة الثقافة بإنشاء متحف شامل يحوي المقتنيات الهامة لكتّاب وفناني مصر، جاء ذلك في بيان أطلقه الروائي المصري أشرف العوضي، ووقع عليه العديد من المثقفين والإعلاميين، المؤمنين بأهمية الفكرة، ومن بينهم الشاعر سعيد شحاتة، الباحثة ثريا البدوي، الناقد الفني طارق الشناوي، الفنانة ياسمين الخطيب، الباحث إبراهيم إسماعيل، الروائية نهى محمود، الشاعر عبده الزراع، الناقدة سامية حبيب، الكاتب محمد شمروخ، المخرج مراد منير، الروائي وحيد طويلة، وغيرهم. جاء في البيان “انطلاقا من حرصهم على حفظ الصفحات المهمة والملهمة والمشرقة في تاريخ وطنهم، يدعو المثقفون والمبدعون المصريون الموقعون على هذا البيان باختلاف أجيالهم إلى ضرورة إنشاء متحف شامل لكتّاب وفناني ومثقفي وساسة مصر الذين منحوها حياتهم وأثّروا في وجدان شعبها وتركوا بصماتهم على الحياة المصرية، ومازالوا خالدين في ذاكرتها، ومازالت لديهم قدرة على العطاء على الرغم من رحيلهم، فهم سيكونون القدوة والعِبرة والدرس لكل الأجيال القادمة، وسيكون تاريخهم ومؤلفاتهم ومقتنياتهم مزارا للسائحين والدارسين، كما سيكون المتحف إضافة لمعالم مصر وواجهة لمقتنيات تراثها المعاصر”. وتابع البيان: يقترح الموقعون على البيان استلهام تجارب الدول المتقدمة في المحافظة على تراثها المعاصر بإقامة المتاحف لعظمائها للحفاظ على إرثهم الحضاري والإنساني. هذه الدول يصل بها الأمر إلى ضم بيوت الكتّاب والفنانين إلى المباني الأثرية لرعايتها، وقد يذهب السائح إلى بيت “بوشكين” مثلا ليرى شكل مكتبه الذي جلس إليه وكتب روائعه، أو يذهب إلى بيت “بيتهوفن” ليرى آخر نوتة موسيقية دونها. وأضاف البيان “يرى الموقعون على هذا البيان أن تتبنى وزارة الثقافة فكرة إنشاء المتحف، في ظل وجود وزير هو في الأساس مثقف وكاتب مستنير، وسيتحمس -دون شكّ- لهذه الفكرة، وسيحرص على تنفيذها في إطار خطط وزارة الثقافة المستقبلية، وفي أسرع وقت وبآليات جديدة تتغلب على بيروقراطية الأداء، حفاظا على هوية الوطن، حيث أن الثقافة والكتابة والفن لطالما كانت روافد مهمة وحيوية ورئيسية من روافد هوية مصر”. وفي تصريحات خاصة ل”العرب”، قال الروائي أشرف العوضي، صاحب المبادرة، إنه بدأ التفكير في إطلاق المبادرة عندما رأى الكثير من مقتنيات كبار المفكرين والكتاب في متاحف خارج مصر، بدءا من المقتنيات الأساسية وانتهاء بجوازات السفر، فمقتنيات الأديب توفيق الحكيم كلها خارج مصر في متحف خاص، ومقتنيات أنيس منصور في الكويت، وغير ذلك الكثير، وهو أمر لا بد من التوقف عنده. ولفت العوضي إلى أنه شاهد جوازات السفر الخاصة بكبار المبدعين تباع بسعر من 100 إلى 150 جنيها لكل جواز، وهو أمر محزن، فمثل هذه المقتنيات يجب الحفاظ عليها لأنها وثائق للتاريخ، ولا يجب أن تباع، موضحا أن دور المثقفين هو المبادرة بينما يتوجب على الجهات الرسمية الاستجابة والتنفيذ. أبدى العديد من المثقفين من جانبهم تأييدهم للمبادرة وأهميتها، إذ أكد الكاتب وائل الدسوقي، أن إنشاء متاحف المشاهير فكرة قديمة تم تنفيذها في الكثير من دول العالم، بعضها كان بشكل فردي مثل متحف أمين الريحاني في الفريكة بلبنان، ومتحف ماري باز في دير القمر بجبل لبنان، والذي ضمّ حوالي 100 تمثال لشخصيات أدبية وفنية وسياسية لبنانية، كما أن متاحف المشاهير عرفت في العالم منذ سنوات طويلة وأشهرها متاحف الشموع في الصين وهونغ كونغ والتي ضمت تماثيل وملابس آلاف المشاهير عبر تاريخ بلادهم. وأوضح الدسوقي أن فكرة إنشاء متحف يضم مقتنيات المشاهير في مصر مهمة، فالتراث الثقافي المصري من بداية القرن التاسع عشر وحتى وقتنا الراهن، كله كاف لإنجاز مشروع المتحف للمشاهير، يضمّ مفرداتهم الحضارية والثقافية من صحافة وأدب وفنون. أما الكاتب والروائي حمدي البطران فقال “فكرة إنشاء متحف شامل لمشاهير مصر فكرة رائعة، خصوصا أنها صادرة عن رجل مثقف، في وجود وزير متفتح على كل الأفكار التي تخدم الثقافة، وهذا المتحف ضروري لإحياء سيرة مشاهير مصر في المجال الثقافي، ومن أثروا الحركة الثقافية في مصر ولا يعرف الناس عن حياتهم شيئا”. أيضا أبدى الشاعر المصري محمد عيد إبراهيم تأييده للفكرة قائلا “وجود متحف للكتّاب في مصر ضرورة لازمة، فالأرشيف هو الحضارة، علينا أن نساهم في الترويج للفكرة، ولو كانت فكرة أهلية، حتى تتبناها ذات يوم الحكومة، على أن يقوم كلّ كاتب بالتبرع بشيء أو أكثر من مقتنياته أو كتبه أو أي شيء يخصه، دعما لفكرة المتحف، ففي أوروبا والعالم المتقدم يعدّ هذا أبسط شيء لتخليد ذكرى كلّ من ساهم في تنوير شعبه، وما دامت الدولة غائبة، فعلينا أن نساهم نحن في تحقيق الفكرة إلى أن تفيق الدولة وتعرف ضرورة هذا المتحف الهام”. وأبدت وزارة الثقافة المصرية من جانبها، تأييدا مبدئيا لفكرة المبادرة، إذ طلب وزير الثقافة حلمي النمنم تقديم دراسة شاملة عن المقتنيات المطلوب ضمّها في متحف، والقيام بجرد كامل للمتاحف التي تضم مقتنيات المشاهير، مثل متحف طه حسين وغيره، للوقوف على تفاصيل المشروع كلها، كما لفت رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، محمد أبوسعدة، إلى أن وزارة الثقافة بدأت منذ فترة في الاهتمام بإقامة متاحف خاصة للأدباء والفنانين تضم مقتنياتهم، من بينها متحف أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وأحمد شوقي، وحاليا يجري التجهيز لمتحف نجيب محفوظ. وأوضح أبوسعدة، في تصريحات صحفية، أن فكرة إنشاء متحف شامل لمقتنيات المشاهير تحتاج إلى طرح آليات كيفية جمع مقتنياتهم لوضعها في متحف واحد، والتواصل مع ورثة الأدباء والفنانين والساسة الكبار، لاتخاذ خطوات عملية في تنفيذ المشروع بعد فهم تفاصيله، والبحث عن مكان مناسب.