بعض الصحف العربية عرضت لائحة طويلة تشمل "المعارك الجهادية" للشهيد الزرقاوي، ندرج بعضها لعل ذلك يحرك بعض الضمائر والعقول: عام 2003: مقتل 22 شخصاً من بينهم ممثل الأممالمتحدة ونحو مائة جريح في هجوم انتحاري، مقتل 84 شخصاً بينهم السيد محمد باقر حكيم ومعه 125 جريحاً في هجوم بسيارة مفخخة، تفجير سيارة مفخخة في كربلاء، 19 قتلي و200 جريح. عام 2004: مقتل أكثر من 170 شخصاً وإصابة 550 آخرين في اعتداءات متزامنة علي مساجد ومراكز دينية شيعية في كربلاء وبغداد في ذكري عاشوراء، بث شريط فيديو يظهر قطع رأس أحد الأمريكيين، مقتل رئيس المجلس الانتقالي عزالدين سليم، سلسلة هجمات ضد الشرطة وأعمال عنف، والضحايا 400 شحص ما بين قتيل وجريح في بغداد والموصل والرمادي، قطع رأس مواطن كوري جنوبي وبلغاري وقتل أربعة أتراك، تفجير سيارة أمام مقر الشرطة في بغداد يوقع نحو 180 إصابة بين قتيل وجريح، قتل نحو 50 مجنداً في الجيش العراقي في كمين شمال بغداد، قتل 36 شخصاً بينهم 26 شرطياً عراقياً في سامراء، وفي اليوم التالي قتل 21 شرطياً عراقياً بدم بارد في محافظة الأنبار، هجومان يهزان النجف وكربلاء، 66 قتيلاً وقرابة 200 جريح. عام 2005: مقتل محافظ بغداد، عملية انتحارية كبري في الحلة تقتل 118 وتجرح 147، مجموعة الزرقاوي تختطف القائم بالأعمال المصري إيهاب شريف، ثم تتباهي فيما بعد بقتله علي طريقتها الدموية الوحشية، ثلاثة اعتداءات في شمال بغداد، 99 قتيلاً و124 جريحاً. مقتل 60 شخصاً وجرح أكثر من 60 آخرين في هجومين علي سوق تجاري شمال غرب بغداد، ثلاث عمليات انتحارية أمر الزرقاوي بتنفيذها داخل الأردن في الفنادق، 60 قتيلاً ومئة من الجرحي، مقتل 31 شخصاً في عملية انتحارية ضد رواد أحد المطاعم في وسط العاصمة. وهكذا، وكما قال المفكر د.شاكر النابلسي في تحليله لجلائل الأعمال التي ارتكبها هذا الإرهابي، "لم يكن الزرقاوي عدواً لأمريكا وبريطانيا بقدر ما كان عدواً شرساً ومجرماً للشعب العراقي وحريته. الزرقاوي لم يكن مقاوماً بقدر ما كان مجرماً إرهابياً، فما هي علاقة قتل الشيعة في العراق بهذه الأعداد الهائلة اليومية بمقاومة الاحتلال؟ وما هي علاقة قتل الطلبة والمدرسين والأكاديميين العراقيين بمقاومة الاحتلال؟ وما هي علاقة نسف الأماكن المقدسة ومساجد الشيعة بمقاومة الاحتلال؟ وما هي علاقة تحويل أعراس العطر إلي أعراس دم، ونسف الفنادق في الأردن بمقاومة الاحتلال"؟ ويتساءل الواحد منا من أين تنطلق حركة "حماس" وجماعة "الإخوان المسلمين" الأردنيين؟ ما مصلحة القضية الفلسطينية مثلاً، والشعب الأردني، في إغضاب الشارع العراقي واستعداء الشيعة في دول عديدة، ووضع الفلسطينيين والأردنيين في وضع لا يحسدان عليه بلا داع؟ بأي لغة ستتفاهم حركة "حماس" الآن مع شيعة لبنان و"حزب الله" وتليفزيون "المنار"، وكل الجهاز الإعلامي التابع للحزب، والمكرس لخدمة القضية الفلسطينية بل و"حماس" بالذات؟ ثم إن الولاياتالمتحدة تضع "حماس" علي قائمة الجماعات الإرهابية، وتحذر كل الجهات من التبرع لها أو مساعدتها بأي شكل. وكانت "حماس" ولا تزال، ومعها بقية أجهزة الإعلام العربية، تشتكي مرّ الشكوي من هذا الموقف الأمريكي "المنحاز". وها هي "حماس" تعلن علي الملأ تعاطفها الكبير مع أبرز الإرهابيين العاملين في الشرق الأوسط، ومطارد في أكثر من بلد؟! فأي سذاجة إعلامية هذه وأي غباء سياسي؟ لقد اعتبرت "حماس" الزرقاوي رمزاً من رموز المقاومة، ولا شك أن إعجابهم السري وتقديسهم غير المعلن للزرقاوي أكبر بكثير من هذه الكلمات، و"حماس" هي التي نالت أغلبية الأصوات الفلسطينية. فانظر بنفسك أيها القارئ كم تفرط هذه الحركة بما أؤتمنت عليه من مصالح عندما تندفع في تبني جرائم شخص أغرق العراق بالدماء، وخطط لأبشع الجرائم ونفذها في الأردن، وساهم مساهمة فعالة في تشويه سمعة العرب والإسلام والمسلمين بل و"العمل الإسلامي" برمته. ثم إن "الإخوان المسلمين" في مصر والأردن وفلسطين وسوريا ودول الخليج، يزعمون أنهم "رواد الوسطية والاعتدال"، وأنهم "ضد التطرف الديني والتكفير والطائفية". فكيف نفهم الآن هذا الغرام المفاجئ بالإرهاب والتعاطف مع الزرقاوي، واعتباره من الشهداء الأطهار الذين يشفعون لسبعين مسلما يوم الدين! وإذا كان "الإخوان" قد سحبوا مرتبة الشهادة من ضحايا الزرقاوي "السُنة"، في عمّان، فلا شك أنهم لا يعترفون ربما حتي بإسلام ضحاياه في العراق! ويعيد موقف حركة "حماس" الفلسطينية سؤالاً أعمق حول أخلاقية الحركة السياسية الفلسطينية. فبعد فضيحة عام 1990 بحق الكويت، وما جره موقف "منظمة التحرير" وياسر عرفات وغيرهم علي القضية ومصالح الفلسطينيين من كوارث، وما أثار من أسئلة حول مدي "إنسانية" الحركة الفلسطينية، ونضجها السياسي، وحول حقيقة موقفها المتوقع في معارضة كل عملية احتلال واغتصاب وظلم، ها هي "حماس"، ترتكب بعد 16 سنة، نفس الخطيئة باسم الإسلام وباسم معاداة الولاياتالمتحدة! هذه المعاداة التي تجعل حركة مثل "حماس" وحزباً "إخوانياً" ممتد التاريخ في الأردن، يندفعان في تزكية مجرم ملطخ اليدين بالآثام، وغارق في دماء آلاف الأبرياء، واعتباره شهيداً ومجاهداً وبطلاً ورمزاً للمقاومة، لمجرد أنه قاد عصاباته ضد الأمريكان في العراق، كما كان يزعم! وبهذا أصبح رمزاً للمقاومة، مهما كان برنامجه! هل تجيز الشريعة الإسلامية ارتكاب أي جريمة ضد الأبرياء من مسلمين وغير مسلمين باسم المحاربة والجهاد والمقاومة؟ وإذا كانت غاية الجهاد تبرر الوسيلة وتجُبُّ آثام القتل والتفجير والإرهاب، فلماذا تغضب "حماس" وتستنكر سياسة إسرائيل العسكرية؟ وإذا كانت شكوي الفلسطينيين الدائمة هي تدخل العرب في شئونهم والهيمنة لسنوات طويلة علي قضيتهم، فبأي حق أفتوا في مصير الكويت عام 1990 ويفتون منذ عام 2003 في شئون ومصير العراق؟ هل يأتي يوم يجيز فيه قادة "حماس" نسف آبار ومصافي النفط وقتل عشرات الآلاف من العراقيين إذا تضمن ذلك مقتل مائة من جند الصليبيين الأمريكان، ومن يدري ربما يجيزون حتي استخدام الأسلحة الجرثومية والإشعاعية، فحماس فيما يبدو لا سقف لديها للأعمال "الجهادية"، ولا تتحكم بمواقفها أي قواعد إنسانية! عن الاتحاد