إفساد العلاقات ليس فى مصلحة مصر والإمارات الضجة المفتعلة التى أثيرت مؤخرا حول تأزم العلاقات المصرية -الإماراتية فى أعقاب الحرب الكلامية بين كل من محمود غزلان المتحدث الرسمى لجماعة الإخوان المسلمين وضاحى خلفانقائد شرطة دبى لا تعدو عن كونها زوبعة فى فنجان لأن العلاقات بين البلدين أقوى من أى كلام غير مسئول أو تصريحات عنترية هنا أو هناك. الأزمة العارضة كانت قد بدأت منذ أيام بهجوم ضارى من الدكتور يوسف القرضاوى ضد المسئولين فى الإمارات احتجاجا على طرد 100 أسرة سورية تظاهر أبناؤها أمام سفارتهم هناك.. وردخلفان بعنف على الشيخ القرضاوى فأصدر أمرا باعتقاله ثم دخل محمود غزلان على الخط محذراً خلفان من أن اعتقال القرضاوى سيجعل الإخوان والعالم الإسلامى ينتفضون ضد حكامالإمارات الأمر الذى أثار غضب مجلس التعاون الخليجى على لسان أمينه العام الذى أصدر بياناً أكد خلاله أن أى مساس بدولة الإمارات سيكون مساسا بكل دول الخليج كما تقدم وزير الخارجيةالإماراتى بطلب توضيح رسمى من الحكومة المصرية حول تصريحات المتحدث الرسمى لجماعة الإخوان. تصريحات غزلان وتهديدات خلفان زوبعة فى فنجان ولم تكد العاصفة تهدأ بين البلدين الشقيقين حتى استأنف القائد العام لشرطة دبى تصريحاته النارية ضد جماعة الإخوان وثورات الربيع العربى ليكب البنزين على النار.. قالخلفان إن دول وحكومات الخليج لن تسمح لتنظيم الإخوان المسلمين بقلب الطاولة كما قلبها على آخرين فى دول أخرى.. وأضاف أن الأنظمة فى الخليج أكثر رقيا وانضباطا من الجمهوريات..مشيرا الى أن من يتباهون اليوم بالربيع العربى وعمل الإخوان المسلمين سيندمون غداً.. ودعا خلفان الإخوان المسلمين فى دول الخليج لأن يدركوا أن اللعبة تغيرت بالكامل فحينما كان الإخوان فى مصر تنظيما فقط بعيدا عن السلطة لم يكونوا قادرين على السيطرة علىالتنظيمات فى الدول الأخرى، وبعد أن أصبحوا فى مصر بالسلطة فإن أى تدخل منهم فى دول أخرى يعتبر تدخلا فى شئونها الداخلية، وأى منتسب لهم يصبح عميلا، وأن من يرغب فىالسير معنا فعلى العين والراس ومن يريد أن يبايع المرشد المصرى فنقول له «باى باى». وفى اعتقادى ان الحرب الكلامية المتبادلة بين رموز الإخوان وقائد شرطة دبى لا تعبر بأى حال من الأحوال عن مشاعر الإخوة والصداقة بين شعبين شقيقين تربطهما أواصر الدم والدينواللغة والتاريخ المشترك.. فمصر ليست ملكا لغزلان وجماعة الإخوان والإمارات ليست مملكة للأخ خلفان حتى يتحدث باسمها ونيابة عن دول الخليج العربى.. وليس من الحكمة ان يسعىطرف هنا أو طرف هناك إلى نشر بذور الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة وأصحاب المصير المشترك.. ويحضرنى فى هذه الحرب المفتعلة المواقف الحكيمة والقومية للشيخ زايد رحمه الله وجهودهالتى لا تنسى نحو لم شمل الامة العربية التى مزقتها الحروب والخلافات والأزمات فكان أول من دعا إلى إخماد الفتن وإنهاء الأزمات بالطرق السلمية بدلا من اللجوء إلى لغة القوة والتهديدوالوعيد التى توسع من هوة الشقاق.. وللراحل العظيم مواقفه المعروفة لاعادة مصر للصف العربى بعد سنوات من القطيعة العربية وقبلها دوره فى اتحاد الإمارات السبع وتشكيل دولةالإمارات العربية المتحدة التى كانت مصر أول من يعترف بها ويدعمها على الساحتين العربية والدولية.. ثم دعا الى تعاون خليجى كان من أبرز ثماره مجلس التعاون الخليجى.. كما لا ننسىأيضاً دوره فى تفعيل جامعة الدول العربية وحل النزاعات العربية العربية.. مما كان له أكبر الأثر فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.. وإذا كان الشىء بالشىء يذكر فإنه لا يمكنإنكار الدور الذى قام به الشيخ زايد لدعم المشروعات التنموية والاقتصادية فى الكثير من الدول العربية وفى مقدمتها مصر. لماذا لا تتعلموا من حكيم العرب؟ ويسجل التاريخ بكل الفخر والاعتزاز الموقف الرجولى الشجاع لحكيم الأمة العربية عندما خرج على العالم فى حرب أكتوبر 1973 معلنا ان البترول العربى ليس بأغلى ولا أثمن من الدم العربى وسخر إمكانيات وثروات بلاده تحت تصرف مصر فى تلك الحرب ليتحقق النصر ويفرح زايد ومعه شعب الامارات والشعوب العربية بهذا الانتصار العظيم. هذا قليل من كثير من مواقف الزعيم الراحل الذى دشن نموذجا يحتذى به فى العلاقات العربية العربية قوة ومتانة.. علاقات تنطلق من أسس راسخة من التقدير والاحترام المتبادلوالمصالح المشتركة.. ونتطلع الى ان تستمر على الدرب الذى رسمه الراحل العظيم. إنها علاقات أزلية لا يؤثر فيها تصريحات غزلان أو تهديدات خلفان.