التشهير إذاعة السوء عن الناس، والأصل أن تشهير الناس بعضهم ببعض بذكر عيوبهم والتنقص منهم حرام، والأدلة الشرعية متضافرة علي حرمة التشهير بالناس، قال الله -عز وجل "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والاخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون" الآية 19 سورة النور، "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا" 58 سورة الأحزاب، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "أيما رجل أشاع علي رجل مسلم كلمة وهو منها بريء، يري أنه يشينه بها في الدنيا، كان حقا علي الله تعالي ان يرميه بها في النار، ثم تلا مصداقه من كتاب الله تعالي "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة." الترغيب والرهيب للمنذري 157/5 "أربي الربا عند الله استحلال عرض امريء مسلم، ثم قرأ "والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات" مسند أحمد 190/1، سنن أبي داوود 193/5 "أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد أغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" صحيح مسلم 2001/4. والاجماع الشرعي قائم علي أن الستر علي المسلم واجب لمن ليس معروفا بالأذي والفساد، قال النبي صلي الله عليه وسلم : "من ستر مسلما ستره الله عز وجل يوم القيامة" فتح الباري 197/5، صحيح مسلم 1996/4. ومما قاله أهل العلم: إذا رأيت إنسانا علي معصية فعظه فيما بينك وبينه، ولا تفضحه الآداب الشرعية 266/1، الزواج 6/2. والتشهير صورة سيئة ووسيلة منكرة للإفساد في الأرض لتسببه في الوقيعة وإفساد ذات البين وإشاعة الكراهية والبغضاء والشحناء وإهدار حرمة الناس، قال الله سبحانه وتعالي "الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون" الآية 27 سورة البقرة ، وفعل أضرار قاصمة لتآلف وتعاطف وتكاتف المجتمع من الغيبة والنميمة وسوء الظن والتباغض والتحاسد وتتبع عورات الناس، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا." فتح الباري 481/10، صحيح مسلم 1983/4. النصوص فيما سوي ذلك كثيرة، والشواهد غزيرة، والوقائع مستفيضة ومما يدعو إلي الغرابة والنكارة انتشار التشهير والاجتراء عليه من جميع أطياف المجتمع ويتأكد الانكار في حق من ينسبون إلي العلم "لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" سورة الصف "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون" الآية 44 من سورة البقرة. إن العجلة في نشر اتهامات لا ترقي إلي درجة اليقين، ما تطفح به وسائل إعلامية مقروءة ومسموعة ومرئية، وامتد أذي التشهير للأسف إلي وسائل إعلامية دينية وتخصصية، بل وأمست مساجد من قبل بعض المنسوبين أو المحسوبين علي الدعوة الحقة في خطب ودروس وعظية تنال من أعراض الناس بما لا يتفق مع رسالتها الحقيقية (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار" 36 سورة النور وتحولت بعض تيارات دعوية من مهام نشر الفضائل إلي ذكر قبائح وفضائح ومعايب للناس ومنهم أبرياء، وهمز ولمز محرمان "ويل لكل همزة لمزة"، "هماز مشاء بنميم"، وانطلقت ألسنة القدح والتنابز بالألقاب دون ضابط ورابط! ولم ينج منها عالم وصالح! وباء التشهير العاصف بكل القيم الحارق لكل الشيم يجب كبح واطفاء نيرانه، والأمل معقود علي مؤسسات المجتمع الدعوية للمسلمين، والرعوية لغير المسلمين، ورموزها ومن ينسب لمهام الدعوة الترفع عن الدنايا والصغائر، وعلي المؤسسات الإعلامية توخي الدقة والحيطة والحذر فيما يقدم عن أناس، فالمصلحة العامة مقدمة علي المصلحة الخاصة. يجب تغليظ العقوبات الزجرية، وتفعيل التدابير الوقائية لصد عوار وباء التشهير.ً