بينما كان أربعة متشددين إسلاميين يستعدون لإطلاق صاروخ من سيناء المصرية عبر الحدود إلى إسرائيل يوم الجمعة قتلهم صاروخ. واتهم تنظيم القاعدة إسرائيل بشن الهجوم في سيناء المصرية قرب غزة التي أصبحت مسرحا للقتال بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في الوقت التي نفت فيه تل أبيب مسؤوليتها عن الهجوم وقالت إنها تحترم السيادة المصرية. وقالت القوات المسلحة المصرية إن إسرائيل لم تنفذ الهجوم. ويسعى الجيش إلى فرض النظام بعد إطاحته بالرئيس محمد مرسي في الشهر الماضي لكنه متوجس من إثارة استياء المصريين إذا بدا أنه يتعاون مع إسرائيل. وأشار الجيش إن الهجوم الذي وقع في رفح نفذته هليكوبتر مصرية في إطار حملة على تنظيم القاعدة في سيناء التي يتمركز بها عدد متزايد من المتشددين الذين يمثلون تهديدا للاستقرار في مصر. لكن خبراء عسكريين ومصادر مطلعة على العلاقات الإسرائيلية المصرية قالوا إنه لابد وأنه كان هناك تعاون بين الجانبين. وأوضح مصدر طلب عدم نشر اسمه أو جنسيته لرويترز أن إسرائيل ومصر كانوا ينسقان بشكل وثيق فيما يتعلق برفح هذه المرة، حي أعرب عن شكه كثيرا أن يكون قد تم أي شيء خارج إطار ذلك التنسيق. وأضاف المصدر أنه في الساعات التي سبقت الغارة الجوية تعاونت الأجهزة الأمنية في كلا البلدين لإحباط تهديد يمثله الجهاديين في رفح. ولم يذكر المصدر الكثير من التفاصيل عن هذا التهديد لكنه أشار إلى أن مسلحين إسلاميين قتلوا قبل عام بالضبط 16 من أفراد حرس الحدود المصري في المنطقة ذاتها وخطفوا إحدى المدرعات وعبروا بها الحدود الإسرائيلية، حيث انتهت هذه الواقعة بأن قصفت القوات الجوية الإسرائيلية المدرعة. وذكرت مصادر أخرى أن إسرائيل نفذت الغارة ولا شك في موافقة مصر أو أن تكون القاهرة قد نفذت الهجوم بمساعدة من إسرائيل. وقلل المصدر من دور إسرائيل في الهجوم الصاروخي وأشار إلى أنه في الأسابيع القليلة الماضية أرسلت مصر طائرات هليكوبتر حربية من طراز أباتشي في دوريات فوق رفح. وكانت هذه الطائرات تصل إلى غزة في بعض الأحيان. وقالت مصادر بالجيش المصري أمس الأحد إن طائرات هليكوبتر تابعة للجيش المصري قتلت 15 جهاديا في طلعات ليلية في أماكن أخرى بسيناء. وترسل إسرائيل طائراتها الخاصة من حين لآخر على جانبها من الحدود على بعد سبعة كيلومترات فقط من موقع الغارة الجوية التي وقعت يوم الجمعة. وشدد المصدر "كان ظني في البداية عندما سمعت عن الأمر أنه ربما يكون مصدره طائرة هليكوبتر... ربما كانت طائرة هليكوبتر مصرية أو إسرائيلية"، مضيفا أن من الصعب على صاحب الرؤية العابرة تحديد الفارق. وأعرب مصدران أمنيان مصريان إن طائرة إسرائيلية بلا طيار نفذت الهجوم بعلم وتعاون السلطات المصرية. وقالت جماعة جهادية فقدت أربعة أفراد من أطقم إطلاق الصواريخ إن إسرائيل استخدمت طائرة بلا طيار في الهجوم. ونوه مصدر أمني مصري أن القاهرة عززت التعاون مع إسرائيل منذ الإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو تموز وطلبت منها تجهيز طائرات بلا طيار قرب الحدود في حالة احتياج الجيش المصري لها للمساعدة على محاربة المتشددين في سيناء. وربما يكون جزء من تحفظ إسرائيل في واقعة يوم الجمعة نتيجة أنها لم تؤكد قط امتلاكها طائرات مسلحة بلا طيار لكنها تستخدم هذه النوعية من الطائرات علانية في المراقبة. وقال روبرت هيوسن وهو محلل متخصص في القوات الجوية في مؤسسة جينز إن إسرائيل كثيرا ما تنشر طائرات بلا طيار على ارتفاعات كبيرة حيث يصعب رصدها ويمكن أن تستخدم صواريخ لا تنتج قدرا يذكر من الدخان ولا تحدث صوتا قبل الانفجار. وتابع هيوسون "طبيعة الطائرات بلا طيار هي أنها طائرات تلصص. لا يوجد كثيرون يمكن أن يقولوا صراحة أنهم رأوا هجوما لطائرة بلا طيار." ولمح هيوسون إلى أن طائرات إسرائيلية بلا طيار للمراقبة مزودة بكاميرات قوية قادرة على التقاط صور من مصر من داخل إسرائيل ربما تكون قد ساهمت في الغارة الجوية التي تمت يوم الجمعة من خلال نقل موقع الجهاديين إلى السلاح الذي هاجمهم أيا كان مصدره. لكن جيورا ايلاند وهو مستشار سابق للأمن القومي وجنرال متقاعد بالجيش أبدى تشككه تجاه احتمال وجود أي تعاون ميداني فعلي بين الجيشين الإسرائيلي والمصري. وقال ايلاند لراديو الجيش الإسرائيلي خلال مقابلة "ليس هناك تعاون في العمليات من حيث تنسيق الهجمات.. لكن هناك تعاون في مجال المعلومات والذي أعتقد أنه أصبح الآن على مستوى أعلى بسبب الثقة الأكبر والأساس المشترك بين الجانبين." وأوضح إن التصريحات الرسمية المصرية في هجوم الجمعة لها مصداقيتها مضيفا أن مصر "لديها كل القدرات بما في ذلك القدرة على التعامل من الجو وبدون فترة تجهيز طويلة مع مثل هذه الأطقم (لإطلاق الصواريخ)... إنها عملية بسيطة نسبيا." ورغم أن إسرائيل ترى تهديدا متزايدا من القاعدة في سيناء وكذلك في تهريب السلاح عبر سيناء إلى غزة فإنها لن ترغب في انتهاك الأراضي المصرية بالقيام بعمل عسكري من جانب واحد. وتكهن بعض المسئولين الإسرائيليين الذين تحدثوا مع رويترز وطلبوا عدم نشر أسمائهم بأن مثل هذا السيناريو ربما يتحقق فقط في حالة وجود استفزاز شديد مثل إسقاط جهاديين في سيناء لطائرة مدنية إسرائيلية. ولم يكن هناك مؤشر يذكر على أن الصاروخ الذي كان يعتزم الجهاديين في سيناء إطلاقه من منطقة رفح يوم الجمعة كان يمثل أي خطر غير عادي على جنوب إسرائيل الذي يندر به السكان. ووافقت إسرائيل من حين لآخر على طلبات القاهرة بإرسال تعزيزات عسكرية لأجال قصيرة وشجعها على ذلك تشديد الإجراءات الأمنية في سيناء منذ سقوط مرسي. ويتحدث قادة إسرائيليون عن اتصال وثيق ومنتظم مع نظرائهم المصريين عبر خطوط هاتفية ساخنة وفي اجتماعات مباشرة تعقد سرا على جانبي الحدود. ويعارض إسلاميون بشدة العلاقات المصرية مع إسرائيل ولذلك فمن مصلحتهم تصوير تل أبيب على أنها تنتهك السيادة المصرية. وقال ايلاند إنه من خلال تكتم الأمر بخصوص هذه الواقعة تحاول إسرائيل بذلك "عدم العمل لصالح من يتطلعون إلى إحداث فرقة بين إسرائيل ومصر، حيث أن المسألة هنا تتعلق بالسيادة المصرية والكرامة المصرية.