مجهد..منهك..خائر القوى..لكن كل آثار التعذيب لم تنل من قلب الأسد..يمضي في صمت مرفوع الرأس حتى يصلوا إلى نقطة تبادل الأسرى..يقوم الصليب الأحمر بمهمته بعدل قاصرأعرج يتساوى فيه الظالم والمظلوم..يلقي بجسده المنهك في حضن قائده الذي يشد على كتفه بإبتسامة صغيرة لكنها تقول ما لايعيه إلا الرجال..من نظرة يدرك أن تلميذه لم يخذل وطن ينتظر..ولم تستطع كل أختام يهود بني خيبر الملوثة بحبر الخسة والنذالة على جسده أن تنطقه..بل كانت أوسمة شرف ثقيلة على جسد عفي.. حتى الموت لم يكن خيارا فشرف وأسرار الوطن لن تكن أبدا للمقايضة ولا بالحياة ..يعود إلى المنطقة الآمنة ليجد ست الحبايب الصابرة..يقبل يديها وقد تحجرت دمعة خجلت أن تراق من العيون البهية..زغرودة عنيدة تباهي بها الكون..فهذا هو وليدها الصغير رجل..وهي أم الرجال..تتسابق الأحضان والسواعد الفخورة تعانق البطل..ينتهي المشهد..يسجله التاريخ في صدر الصفحة وقد حوطها ببعض ما يليق بها من نور..وذيلها بتاريخ اليوم من عام 73 شمس سيناء الشاهدة القاسية..تلقي ببعض غضبها وربما (قرفها)في يوم حار على مجموعة من الجنود..تحملهم سيارات الجيش..لتلتقط الصور مع سيادة الرئيس..ويعلن نجاح المهمة الغامضة في المؤتمر الصحفي الكبير..بعض الزغاريد بلا طعم..كلمات مؤازرة عديمة القيمة..إحتفال باهت الألوان..يحار التاريخ في أي هامش يسجل تلك الواقعة يشعر بسخرية من الطنطنة التي ينوي حذفها فالأسير متباكي متوسل من أجل حفنة مجرمين..والباغي ليس من بني خيبر..وقد اختلطت النقط لتبدو من بعيد ربما يكون من (بني خيبة) لكنها ثقيلة..يتعجب من إنشغال الناس بكيفية رجوعهم وعن الحكمة في تناول الأمور وحسن إدارة الأزمة ..يتجاهل أو بدقة أكثر (يطنش) على همهمات الخبثاء التي تستسلم لنظرية المؤامرة لأن حيرته كانت كيف خطفوا.. وبتعبير أكثر دقة..كيف تردى بنا الحال أن يصبح جنودنا(ملطشة)..قرر التاريخ أن يتجاهل ذلك المشهد المخجل..فلديه أشياء أهم ليسجلها ..يقلب الصفحة كما طبائع الأمور مع الأشياء عديمة القيمةوقد نسي أن يكتب حتى تاريخ اليوم من عام 2013..