أثار اتجاه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتية لتقليص أعداد العمالة الوافدة بواقع 100 ألف عامل سنوياً وصولا إلى تخفيض العدد إلى مليون عامل خلال عشر سنوات ، ردود أفعال مختلفة لدى المواطنين والوافدين وبعض السياسيين والاقتصاديين الذين رأوا فيه خيارا مستعجلاً وغير مدروس ولا يفضي إلى نتيجة حتمية لحل مشكلة العمالة الهامشية. ورغم أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي تراجعت عن تصريحاتها بوضع خطة واستراتيجيه لترحيل 100 ألف عامل سنوياً وصولاً إلى المليون خلال عشر سنوات. معتبرة أن ما نسبته إليها وسائل الإعلام في هذا المجال "كلام غير دقيق" ، وقالت إن "الوزارة تعكف حالياً على رسم ملامح إستراتيجية سيتم إعلانها في حينها تهدف إلى تقليص أعداد العمالة الهامشية والسائبة التي طالما شوهت صورة الكويت أمام منظمات العمل الدولية ، ولدى منظمات حقوق الإنسان" ، موضحة أن "الهدف من هذه الإستراتيجية معالجة الخلل الحاصل في التركيبة السكانية وتنظيم سوق العمل" ، لافتة إلى أن "أبواب الكويت مفتوحة على مصراعيها أمام الخبراء والاستشاريين والفنيين وذوي التخصصات النادرة الذين لا غنى عنهم في الارتقاء بالبلاد ودفع عجلة التنمية إلى الأمام". وكانت الرشيدي صرحت في مارس الماضي ، على هامش مشاركتها في اجتماع اللجنة الدائمة لتنظيم أوضاع العمالة الوافدة ، بأن الوزارة تعمل على إبعاد 100 ألف عامل سنوياً وصولاً إلى مليون عامل خلال عشر سنوات ، وهو الأمر الذي قوبل بانتقادات حادة باعتباره لا يعالج بحكمة الخلل الموجود في التركيبة السكانية، فضلاً عن أنه يخالف حقوق الإنسان ومستلزمات التنمية في البلاد. حملات كبرى وقد بدأت وزارتا الداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل حملات كبرى لتنفيذ قرار وزارة الشئون الاجتماعية والعمل ، عن طريق تعديل جداول المهن لديها والتدقيق على مطابقة التخصص العلمي في الشهادة الجامعية للعمل الذي يقوم به الوافد ، مؤكدة أن لا مجال بعد اليوم لتجديد رخصة القيادة أو إذن العمل ما لم يكن المؤهل الدراسي مطابقا للوظيفة التي يشغلها المقيم ، موضحة أن النظام الذي كان معمولا به في السابق لم يكن يدقق على تطابق المهنة التي يعمل بها الوافد مع الشهادة الحاصل عليها ، لافتة إلى أن هناك آلاف الوظائف التي يتم تعيين عمالة وافدة فيها لم تكن تتوافق مع شهادتها ، بل إن هناك آلاف المهن يشغلها أناس لم يحصلوا على مؤهل جامعي من الأساس رغم أن هذه الوظائف بطبيعتها تتطلب شهادة جامعية. وأوضحت المصادر أن وزارة الشؤون تسعى حاليا إلى القضاء على تلك الظاهرة من خلال الربط القائم حاليا مع الإدارة العامة للمرور لتوافق المهنة كذلك مع الشروط المطلوبة لاستخراج رخصة قيادة ، ومن أهمها الحصول على مؤهل جامعي ، لافتة إلى أن القرار بدأ العمل به بالفعل منذ قرابة شهر، إذ لا يتم تجديد الإقامة من دون تطابق المهنة مع الشهادة. كما تنظم الإدارة العامة للمرور حملات موسعة في عدد من مناطق البلاد تنفيذا لتعليمات المدير العام للإدارة العامة للمرور اللواء عبد الفتاح العلي في شأن إبعاد أي وافد من البلاد فورا حال قيادته سيارة من دون رخصة سوق أو ارتكاب أي من المخالفات الجسيمة المحددة في قانون المرور ، وقد تم بالفعل إبعاد حوالي 300 وافد ثبت بحقهم ارتكاب هذه المخالفات . ومن ناحية أخرى ، حسمت دائرة توحيد المبادئ القضائية في محكمة التمييز الكويتية ، الرأي القضائي حيال مطالبة الموظفين غير الكويتيين في الجهات الحكومية بالحصول على ذات الامتيازات والبدلات التي يحصل عليها الموظفون الكويتيون ، معلنةً رفضها المساواة بين الفريقين ، لتنهي بذلك خلافاً قضائياً دام سنوات. وقالت محكمة "التمييز" في حيثيات حكمها إن "الموظف غير الكويتي المتعاقد يكون في مركز تعاقدي لائحي ، ما من شأنه أن يستظل بما عسى أن يرتبه له المركز التنظيمي من حقوق وظيفية ، فضلاً عن التزامه بما تفرضه عليه قوانين التوظيف من واجبات ، ولا يستحق أي بدلات أو مكافآت أو مزايا أخرى في وظيفته إلا إذا توافر في شأنه شروط استحقاقها طبقاً للقانون والعقد المبرم معه" ، معتبرةً أن "الراتب والشروط الواردة بالعقد هي التي تحدد مطالبة الموظف غير الكويتي". وبهذا الحكم تكون "توحيد المبادئ" قد حسمت أمر عدم جواز مطالبة الموظفين غير الكويتيين بالمزايا والبدلات التي يحصل عليها الكويتيون ، استناداً إلى طعن أقامته إدارة الفتوى واعتبرت بنتيجته أن "الحكم بعدم المساواة يوفر على الدولة مبالغ مالية كبيرة كانت ستتكبدها لغير المواطنين لو جاء الحكم لمصلحتهم". تقليص الوافدين وحول مقترح تقليص عدد الوافدين في الكويت أكد النائب أحمد المليفي أنه يجب أن تكون هناك إستراتيجية واضحة وتحديدا في التخصصات التي تنوي الدولة إقصائها ، وما هي البدائل لتلك التخصصات وكيف نخلق بدائل كويتية بدلا عنها. مشيرا إلى أن القرار ليس رقما يقال وإنما الأمر بحاجة إلى إستراتيجية واضحة حول كيفية تحقيق هذا الرقم دون حدوث أضرار جانبية على العجلة الاقتصادية ، منوها بأن مثل هذا القرار من الممكن أن يكون سبباً في تحمل أعباء مالية على المواطن نفسه ، ذاكرا انه سيتقدم بسؤال إلى وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي حول قرارها بترحيل 100 ألف عامل وافد سنويا وهل هناك بدائل تحل محل تلك العمالة وكيفية تحديدها للعدد وما هي الفئات المعنية وكم سيدخل بدلا عنها . وطالب النائب خالد الشطي الحكومة بالا تطغى في الميزان تجاه الوافدين ، داعياً إلى توضيح الأمر بشفافية وإعلان إستراتيجيتها الخاصة بإبعاد 100 ألف وافد سنويا ، وقال "نحن مع معالجة الخلل الموجود في التركيبة السكانية وترحيل العمالة الهامشية ومكافحة الاتجار بالإقامات ، كما أنني أدعم بقوة تطبيق القانون على من يخالف قوانين الدولة ، لكن في المقابل ضد تضييق الخناق على الوافدين بطريقة تعسفية" ، وأكد رفضه المطلق لتعرض الوافد من باب ترحيل العمالة لإهانة كرامته ، اذ يجب تطبيق القانون بما يتوافق مع حقوق الإنسان والمعايير الدولية والإنسانية ، وبطريقة مشروعة وحضارية ، فللعمالة الوافدة دور بارز ومقدر في كافة المجالات بالكويت . وأكد النائب الكويتي سعد البوص أن قرار وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ذكرى الرشيدي بتقليص العمالة الوافدة بواقع مائة ألف شخص سنوياً جانبه الصواب ، مؤكداً أن معالجة قضية العمالة الهامشية لابد أن تكون بطريقة مدروسة وليس بقرار لا يفرق بين الصالح والطالح من الشركات ، وأضاف أن خفض العمالة سيؤدي إلى ارتفاع أجورها إضعافا مضاعفة ، وعلينا جعل الكويت بلداً مفتوحاً أمام العمالة مع أحكام الرقابة وتطبيق القانون على الجميع وساعتها لن يظل في البلاد سوى العمالة الحقيقية التي نحتاجها. وأكد أن القيود التي تفرضها وزارة الداخلية على تأشيرات دخول الكويت أضرت كثيراً بالبلاد وتعد أحد معوقات تحويل البلاد إلى مركز مالي وتجاري إقليمي ، مضيفا علينا أن نستفيد من تجربة دبي التي تحقق من الحركة التجارية وفتح أبوابها لزوارها ما يوازي دخل النفط في أبو ظبي ، ولم نر أي شكاوى في دبي من كثرة زوارها بل على العكس هذا يصب في صالح اقتصادها ، لذلك علينا أن نعيد النظر في رؤيتنا للقيود المفروضة على تأشيرة الدخول ونفس الأمر بالنسبة للبحرين ، ويكفي أن نعرف أن دولة مثل اسبانيا يدخلها أكثر من ستين أو سبعين مليون سائح سنوياً يمثلون مصدر دخل رئيسي لها ، فلماذا نضع نحن القيود على تأشيرات الدخول بهذا الشكل. عقوبة قاسية ومن ناحيته ، أكد رئيس رابطة علماء الشريعة د.عجيل النشمي في تغريدة له على " تويتر " أن معاقبة من يخالف قوانين المرور بإخراج الوافد من البلاد تعد عقوبة قاسية ، وخصوصا لصاحب الأسرة ومخالفة للشرع ولم يقرها القانون ، وشدد على أن العقوبة لا تكون بقطع الأرزاق بل يجب العدل في العقوبة بين المواطن والمقيم. وقد استنكرت نقابات اتحادات عمالية كويتية "قرارات الترحيل التعسفية بحق الوافدين"، محذرين من تداعيات تلك القرارات على سجل الكويت في حقوق الانسان ، وطالبت بوقف ما أسمته "ترويع الوافدين" وعدم تغطية الفشل في معالجة الخلل في سوق العمل عبر استهداف هؤلاء عبر إجراءات فردية تعسفية ، واستخدام الطرق الأمنية وترويع الوافدين والمغالاة في تطبيق القوانين والقرارات ضدهم ، الأمر الذي بات يشعرهم بالاضطهاد والمطاردة ، بعكس ما عرف عن الكويت حكاماً وشعباً في تميزهم بالإنسانية في تطبيق القوانين ضد أي أحد وضع قدمه على أرض هذا البلد ، وأن تنفيذ قرار ترحيل 100 ألف وافد سنويا بطريقة تعسفية وسحب رخص قيادتهم وترحيلهم بالطرق الأمنية وكأنهم مجرمون سوف يكون نقطة سوداء في سجل حقوق الإنسان بالكويت ، لن تنساه شعوب هؤلاء الوافدين ، موضحين أن العلاج من البداية كان يكمن في مكافحة تجارة الإقامات ، الأمر الذي فشلت فيه إدارة وزارة الشؤون الجديدة لتحمله على أكتاف الوافدين لتهرب من مساءلة المتنفذين من تجار الإقامات في حال التعرض لهم ، والتغاضي عن أن هؤلاء هم الذين جلبوا كل هؤلاء الوافدين مقابل مبالغ مادية مما تسبب في وجود هذا الكم من العمالة الهامشية. وقال المواطن الكويتي محمود العنزى إنه لا يمكن الاستغناء عن العمالة الوافدة نهائيا ، خاصة في الوقت الحالي ، لان هناك الكثير من المجالات التي يعجز أبناء الكويت عن القيام بها ، ويمكن تقليص العمالة وتكويت الأعمال تدريجيا وإحلال العمالة الوطنية محل الوافدة بعد تدريبها لتكون على نفس القدر من الكفاءة والإنتاج ، وهذا لن يحدث بين ليلة وضحاها ، ولكن تحتاج إلى تغيير في مفهوم العمل لدى الكويتيين وتقبلهم فكرة العمل اليدوي أو الحرفي ، خاصة وان الكويت تفتقر إلى التعليم الفني . وعلى المستوى الاقتصادي ، رفض سياسيون واقتصاديون تصريحات وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل حول توجه الوزارة لإبعاد 100 ألف وافد سنويا ، مشيرين إلى أن المتضرر الأكبر من ذلك هو القطاع الخاص الذي يعتمد اعتماداً كليا على هذه العمالة. وأشاروا إلى أن القرار بربط المهنة بالمؤهل الجامعي عشوائي وغير واقعي ، خصوصا أن هناك خبرات كثيرة في بعض التخصصات النادرة التي اكتسبها بعض الوافدين دون أن يحصلوا على مؤهلات عليا ، مستنكرين التوجه للاستغناء عن هذه الكفاءات التي تحتاجها البلاد في سعيها إلى إقرار التنمية ، وقالوا إن أصحاب العقارات الاستثمارية سيكونون من ضمن الفئات المتضررة من قرار إبعاد العمالة الوافدة وذلك لان بنايات هؤلاء الاستثمارية ستكون خاوية إذا ما تم إبعاد الوافدين ، وان من يستند إلى ضغط العمالة الوافدة على خدمات وزارة الصحة غير دقيق ، لان الوافدين يدفعون 100 مليون دينار سنويا للتأمين الصحي ، والدولة لم تتجه لاستثمار هذه المداخيل للتوسع في بناء المستشفيات وتحسين عملها وتخصيص بعضها أن دعت الحاجة إلى العمالة الوافدة. وأشار عدد من أصحاب شركات المقاولات أنهم المتضررين بالدرجة الأولى من هذا القرار، الذي أدى إلى ارتفاع أجر العمال ليصل إلى 30 دينارا لليوم الواحد ، وأنه بعد اتخاذ الشؤون كافة الإجراءات لترحيل العمالة الوافدة ستكون أجرة العامل في مجال البناء تفوق الوصف ، وأن ترحيل 100 ألف وافد سنوياً يعني انهيار شركات المقاولات الكويتية لأنها ستتوقف عن البناء في العقارات الاستثمارية التي تشيدها للوافدين ، مشيرين إلى أن معظم العقارات التي بنيت في الكويت خلال السنوات الأخيرة كانت بتمويل من البنوك فإذا خلت هذه العقارات من الوافدين فأن أصحاب هذه العقارات سيكون مصيرهم أما الدفع أو السجن. قرارات ارتجالية من جهته ، أكد أستاذ اقتصاد بجامعة الكويت أن قرارات الوزارة ارتجالية وغير مدروسة لا تتفهم الأوضاع الاقتصادية في البلد ، خصوصاً أن هذه القرارات لم تتخذ بشكل دقيق عن نوعية العمالة الوافدة التي ترغب الوزارة في إبعادهم هل هم الأطباء أم المهندسين أم المعلمين أم الميكانيكيين ، أم العمالة الهامشية. مشيرا إلى أن العمالة الكويتية لا تتركز إلا في القطاع الحكومي في وزارات خدماتية غير إنتاجية ، متسائلاً عمن سيقوم ببناء العقارات للمواطنين ومن سيعمل في المصانع وفي جميع أعمال القطاع الخاص ، موضحا أن ربط المهنة بالمؤهل الدراسي من التخبطات الواضحة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لان هناك مهن تمارسها عمالة وافدة اكتسبوا من خلالها خبرات فائقة فهل يعقل بعد هذا الأمر الاستغناء عن خبراتهم هذه لكونهم لم يحصلوا على مؤهلات جامعية أو مؤهلات حسب تخصصاتهم. ومن ناحية أخرى ، رفض أصحاب المدارس الخاصة قرار الوزارة ووصفوه بأنه ضربة قاتلة لأصحاب المدارس الخاصة التي تعتمد على أبناء الوافدين ، موضحين أن إبعاد أي وافد سيتبعه سحب أبنائه من المدرسة مما سيكبدها خسائر فادحة ، فهل ستقوم الدولة بتعويضهم ، محذرين من أن الكويت ستتحول إلى مدينة عزاب ، بعد رغبة عدد من العمالة الوافدة إلى ترحيل أسرهم خوفا من إبعادهم في أي وقت ولاي سبب. ذكر أن عدد العمالة الوافدة في الكويت حتى ابريل 2012 وصل إلى مليونين و 167 ألف وافد ، وتحتل الهند المرتبة الأولى بنحو 653 الفا و 223 هنديا ، وتأتي الجنسية المصرية في المرتبة الثانية بعدد 456 الفا و 543 ، وجاءت بنغلاديش في المرتبة الثالثة ب 189 الفا و 461 شخصا ، والفلبين في المركز الرابع بنحو 144 الفا و 144 شخصا ، وسوريا في المرتبة الخامسة بنحو 131 الفا و 16 شخصا ، وتضم الكويت عمالة وافدة من 123 دولة.