أكد وزير الخارجية محمد عمرو التزام مصر الراسخ بدعم قضايا قارتنا الإفريقية مشيرا إلى أن مصر ساندت من قبل تطلعات الشعوب الأفريقية نحو الحرية والاستقلال ، فإنها لن تألو جهداً فى مساندة جهود تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في القارة . جاء ذلك في كلمة وزير الخارجية محمد عمرو اليوم في نيويورك أمام جلسة النقاش رفيع المستوى حول التسوية السلمية للنزاعات في أفريقيا "أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم. وأعرب عن الأمل أن يسهم نقاشنا اليوم في دعم التعاون بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي، وأن يعزز من قدرتهما على العمل معاً لمنع اندلاع النزاعات وتسويتها عبر الوسائل السلمية. وأكد وزير الخارجية محمد عمرو أن مسيرة العمل الأفريقي المشترك التي أرسى دعائمها الآباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الأفريقية ، التي نحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لإنشائها، عكست توقاً للحرية والاستقلال وإصراراً على التغلب على تحديات السلم والأمن، وفى مقدمتها النزاعات المسلحة، لتتمكن أفريقيا من توجيه إمكاناتها نحو مكافحة الفقر، وتحقيق التنمية، والاستجابة لتطلعات شعوبها نحو عيش كريم، ومستقبل أفضل. وأعرب محمد عمرو وزير الخارجية عن التقدير لمبادرة رئيس الجمعية العامة بعقد هذا النقاش رفيع المستوى حول التسوية السلمية للنزاعات في أفريقيا ، امتداداً لعنوان النقاش العام للدورة الحالية للجمعية العامة وهو تسوية النزاعات الدولية عبر الوسائل السلمية. وقال لقد أثبتت التجارب العديدة التي شهدتها قارتنا الأفريقية طوال العقود الماضية إن الحل الأمثل في تسوية النزاعات والخلافات التي مرت بها القارة والتوصل إلى حلول دائمة بشأنها يكمن أساساً في التعامل مع جذور المشكلات ذات الصلة، خاصةً من خلال التسوية السلمية والحوار السياسي، فضلاً عن تحقيق التنمية الاقتصادية، ونشر التعليم، والحد من انتشار الأسلحة بشكل غير مشروع. وتابع قائلا : إذ أن الحلول العسكرية قد أثبتت في غالب الأحيان عدم ملاءمتها، بل وتسببها في تأجيج النزاعات ووقوع الكثير من الضحايا الأبرياء . وأضاف انه لإفريقيا أن تفخر اليوم بما حققته. إذ نجحت خلال العقود الأخيرة في تحقيق تقدم كبير نحو معالجة التحديات التقليدية للسلم والأمن. فوفقاً لتقرير السكرتير العام إلى الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة بشأن أسباب النزاعات في أفريقيا، انخفض عدد الدول الأفريقية المنخرطة في نزاعات مسلحة إلى أربع دول فقط بعد أن كانت أربعة عشر خلال عقد التسعينيات، مما أتاح توجيه الموارد نحو التنمية لتتمكن القارة من تحقيق معدلات نمو اقتصادي تجاوزت 5 % سنوياً خلال العقد الأخير. وتابع قائلا لقد جاء هذا التقدم في تسوية النزاعات المسلحة محصلة لما حققته أفريقيا على صعيد تعزيز الحكم الرشيد ، وتعميق الديمقراطية ، وتحقيق نمو اقتصادي مرتفع ، ودعم الآليات المؤسسية في إطار الاتحاد الأفريقي، والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، سواءً من خلال صياغة الأطر الحاكمة لعملها مثل إحلال مبدأ عدم اللامبالاة محل مبدأ عدم التدخل، ورفض التغيير غير الدستوري لأنظمة الحكم، أو عبر استكمال الهيكل المؤسسي لبنية السلم والأمن الأفريقي من خلال إنشاء مجلس السلم والأمن الأفريقي، والقوة الأفريقية الجاهزة، وفريق الحكماء، وآليات الإنذار المبكر على المستويين القاري والإقليمي، التي عززت من قدرة أفريقيا على تسوية النزاعات ومنع اندلاعها. كذلك فقد مثلت الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء التي ارتفع عدد الدول الأفريقية المنضمة إليها طوعاً إلى 31 دولة إحدى آليات دعم الاستقرار في القارة عبر تعزيز الحكم الرشيد، واحترام حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. وأكد محمد عمرو وزير الخارجية على الدور الأساسي للمجتمع الدولي في مساندة تنفيذ برامج مبادرة النيباد، من خلال وفاء الشركاء الدوليين بتعهداتهم بشأن مساعدات التنمية الرسمية ، بما في ذلك ما تعهدت به مجموعة الثمانية خلال قمة جلين إيجلز بمضاعفة مساعداتها لأفريقيا، إضافة إلى التعهدات المتعلقة بتخفيف تداعيات تغير المناخ ، وتعزيز الأمن الغذائي. وأضاف عمرو انه فى هذا الخصوص ، فإنه مما يثير الانزعاج أن مساعدات التنمية الرسمية قد انخفضت اعتبارا من عام 2011 للمرة الأولى خلال عقد كامل في الوقت الذي تحاول فيه الدول النامية، خاصة الدول الأفريقية تحقيق أهداف الألفية للتنمية بحلول عام 2015. وأوضح إن تحقيق أهداف مبادرة النيباد يتطلب كذلك صياغة نظام تجارى أكثر عدلاً إزاء أفريقيا بما يسهم في تعظيم دور التجارة الدولية كمحرك للتنمية، ومساندة قدرة الدول الأفريقية على تحمل أعباء الدين الخارجي عبر إنشاء آلية دولية تضم كافة الدائنين لتحقيق المعالجة الشاملة لمسألة الديون، بما في ذلك ديون الدول متوسطة الدخل، ودعم قدرة الدول الأفريقية على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ومعالجة قضية الأصول المنهوبة، ومكافحة الفساد. وأضاف انه رغم التقدم الذى حققته أفريقيا فى منع اندلاع النزاعات وتسويتها، تواجه قارتنا حالياً تحديات غير تقليدية نابعة من تهديدات أمنية عابرة للحدود الوطنية، أبرزها أنشطة شبكات الإرهاب والمخدرات، والجريمة المنظمة، والقرصنة ، إضافةً إلى التداعيات الأمنية، والإنسانية لتغير المناخ والتصحر. ولاشك أن مواجهة هذه التحديات الناشئة يتطلب تعزيز المشاركة الاستراتيجية بين الاتحاد الأفريقى والأممالمتحدة والمجتمع الدولى بأسره. واشار محمد عمرو وزير الخارجية الى إن التعاون بين الأممالمتحدة والقارة الأفريقية يعود إلى اتفاق التعاون الموقع بين الأممالمتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية عام1965 ، وقد اكتسب هذا التعاون زخماً خلال العقد الأخير، على نحو ما جسدته خبرة العملية المختلطة للاتحاد الأفريقى والأممالمتحدة فى دارفور (صخءحةؤ)، وعملية الاتحاد الأفريقى فى الصومال (ءحةسدح)، وجهود بناء السلام فى الدول الأفريقية الست المدرجة على برنامج عمل لجنة بناء السلام، إضافةً إلى الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو ومنطقة البحيرات العظمى، ومعالجة الأزمة في مالي ومنطقة الساحل، ودعم مساعي السودان وجنوب السودان لتسوية القضايا العالقة بينهما. وتابع قائلا:- ورغم ما تحقق في إطار المشاركة بين المنظمتين، هناك مساحة كبيرة لتعزيز التعاون المشترك لمنع اندلاع النزاعات وتسويتها اتساقاً مع أحكام الفصل الثامن من ميثاق الأممالمتحدة، ومن ذلك تعزيز جهود الأممالمتحدة لدعم بناء قدرات الاتحاد الأفريقي والمنظمات دون الإقليمية في مجال الدبلوماسية الوقائية، بما في ذلك الوساطة، والإنذار المبكر، وإعادة الإعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات. و ولفت محمد عمرو وزير الخارجية إلى أن مصر تدعو إلى إطلاق حوار بين المنظمتين لصياغة إطار جديد للتعاون وبناء القدرات الأفريقية يبنى على ما تحقق من خلال برنامج السنوات العشر لبناء قدرات الاتحاد الأفريقي الذي ينتهي العمل به عام 2016. وأسجل في هذا المجال التزام مصر بدعم هذه المشاركة، خاصةً في إطار عضويتها الحالية فى مجلس السلم والأمن الأفريقي، وكذلك عبر استضافة الملتقى السنوي رفيع المستوى للمبعوثين الخاصين لسكرتير عام الأممالمتحدة، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إلى مناطق النزاع في أفريقيا لتعميق التنسيق بين المنظمتين بشأن جهود تعزيز السلام في القارة، وأيضاً من خلال مبادرتها لتأسيس مركز أفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات. وقال انه ما زالت القارة الأفريقية تُعاني من الظلم التاريخي الواقع عليها بشأن تمثيلها في مجلس الأمن، رغم أن أكثر من 70% من عمل المجلس يتناول الموضوعات الأفريقية. وبالتالي يجب زيادة تمثيل أفريقيا في مجلس الأمن الموسع، وأدعو جميع الدول لدعم المطالب الأفريقية في هذا الشأن المُتمثلة في الموقف الأفريقي الموحد الوارد في توافق إيزولويني وإعلان سرت.