في تجربة فريدة من نوعها، يقدم الفنان أشرف إبراهيم 1000 لوحة في قصر الفنون تحت عنوان "خرائط الذاكرة"، عبارة عن خرائط أغلبها نمساوية بجميع لغات العالم، قام بالرسم عليها وعرضها في رؤية تشكيلية محكمة. وأشار الفنان في حديثه ل"محيط" إلى وجود ارتباط غير مرئي بين مصر والنمسا لا يعرفه الناس؛ حيث أن مصر كانت امبراطورية تحكم من تركيا للصومال، وكذلك إمبراطورية النمسا حكمت جنوبهولندا واجزاء من بلجيكا وفرنسا والمانيا وسويسرا والبوسنة والهرسك وغيرها، وتشتت الامبراطوريتان وأصبحت كل دولة منهم منفصلة.
وقد وضع الفنان الموسيقى الشعبية في خلفية الصور، واختار موسيقى متنوعة مصرية من النوبة والساحل وسيوة .
جاء العرض نتيجة لزيارة الفنان إلى النمسا عام 2007 في منحة حصل عليها من وزارة الثقافة، وهو اول شخص يحصل على مثل هذه المنح للإقامة والعمل في "فيينا"، ومن خلالها بدء التفكير في عمل روابط وتبادلات ثقافية بين مصر والنمسا والتي سيتم التوسع فيها بشكل عام فيما بعد.
يقول الفنان: المعرض عن "فيينا" تحديدا، وكيفية تحويل الخريطة الجغرافية لعمل فني، فالخريطة الجغرافية لها ملامح محددة، وتستخدم ألوان محدده لها دلالة ورموز وعلامات، كما أن الخريطة تستخدم كل أدوات الفن التشكيلي من لون وخط ومساحة، ودائما يتعرف رسام الخرائط على استخدام اللون الأخضر للمساعات الخضراء كالحدائق والغابات، واللون الأزرق السماوي للمياة، والأصفر للصحراء، والأسود للمواصلات والسكك الحديدة تحديدا، والأحمر للمدن.
ورغم أن خامات فناني المدرسة المستقبلية الإيطاليين كانت هشة ، لكن التاريخ أثبت أنها تعيش، وهي موجودة في المتاحف الإيطالية حتى الآن وترجع لما قبل عام 1918.
يستخدم الفنان أشرف الخرائط برموزها وأشكالها وألوانها في إيجاد خريطة موازية، باعتبار أن الحياة نص بصري كبير.
وأكد الفنان أن استخدامه 1000 خريطة يرجع إلى فكرة استخدام هذه الخرائط والرسم عليها في تغطية قصر بناه المعماري النمساوي انطونيو نشات في وسط البلد، وهو قصر الأمير "سعيد حليم" والذي يطلق عليه بالخطأ قصر "شمبليون"، ولكن تم تغيير الفكرة لأن صاحب الفثر أراد ترميمه، ومن ثم بحث الفنان عن مكان يتسع لألف لوحة وهو "قصر الفنون" .
وكما أن الذاكرة محلها العقل فالزائر يمكنه الإطلاع على في عقل الفنان برؤية النص الأصلي للخريطة، بالإضافة لنصوص أخرى بصرية رسمها الفنان على الخريطة نفسها.
استخدم الفنان المساحات المعمارية المتاحة والممرات خارج القصر ورسم عليها ووضع بعض من خرائطه؛ وجاء ذلك لفكرة استخدم القصر كالعقل البشري.
كما استخدم الأوراق التي وثقت رحلته من القاهرة لفيينا والعكس، من جواز سفر وخلافه في شكل الفيلم السينمائي.
كما نجد في القصر غرفة لعرض صور من مصر تعبر عنها، كخريطة لمصر القديمة تحكم من تركيا وحتى الصومال، وأيضا خريطة للامبراطورية النمساوية؛ فالمعرض عبارة عن حوار بين شخص مصري عربي شرقي له امتدادات تاريخية كبيرة ومدينة أوروبية مهمة وذات حضارة.
ومن المفردات الموجودة على الخرائط أشكال لطيور وحيوانات جميعها لها دلالات أخذها الفنان من تراثه كمصري وعربي. كما استخدم الفنان في مجموعة من الخرائط الزخرفة المصرية العربية، في محاولة للحوار مع الزخرفة النمساوية ببعدها اليوناني والروماني والأوروبي، وهذا بحسب رؤية الفنان في حوار بين الحضارتين لانتاج نص بصري يحمل سمة الحوار.
وكان الفنان يستخدم الأكاسيد الطبيعية ومذيباتها سواء المعدنية او المائية، لكن في هذه التجربة كان هذا صعبا لطول فترة جفافها، فاستخدم المواد سريعة الجفاف والثبات كالاكريلك والباستيل.
يذكر أن الفنان يحاول نقل العرض من القاهرة لفيينا، كما يحاول نقله إلى محافظات أخرى في مصر.