د. محمد عمارة: عندما حدث الانقلاب التركي كان الاساتذة يعلمون الاطفال أن الطبيعة هي الله د. أحمد عمر هاشم: تجاوز المسلمون خمس سكان العالم ..إلا أنهم متشرزمون مفتى الجمهورية: تنبهوا أيها المسلمون ..فهذه صرخة من القاهرةواسطنبول جامعة الأزهر تعلن استعدادها لفتح فرع لكلياتها الاصولية بتركيا كتبت - آيات عبد الباقي فى ظل هذا الاضطراب الذي تعانيه بلدنا الحبيب، من جميع النواحي السياسية منها والدينية أيضا وغيرها، تطلع الأزهر الشريف إلي توطيد العلاقات بين دول العالم الاسلامي وتحقيق الوحدة الاسلامية الشاملة، انطلاقا من دوره الرائد والعالمي في خدمة الدعوة والدين الحنيف، مدعما ذلك بالتعاون مع الدولة التركية الاسلامية لدراسة ونشر فكر الإمام بديع الزمان سعيد النورسي.
ويعد المؤتمر العالمي المنطلق اليوم برعاية مؤسسة إسطنبول للثقافة والعلوم حول: "فكر الإمام بديع الزمان سعيد النورسي وأثره في وحدة الأمة الإسلامية"، بمشاركة وفود من أربعين دولة إسلامية، وفي رحاب الأزهر الشريف، خطوة عملية تؤكد علي سعي الأزهر الشريف للم شمل المسلمين حول العالم وربط الثقافة الاسلامية وتوحيدها بين دول الاسلام، والتي تزينت اليوم بفكر الامام النورسي. أهم اللقاءات الدولية قدم الدكتور جعفر عبد السلام التحية لمؤسسة اسطنبول للعلوم ، وللفكر النورسي وجميع أتباعه، مؤكدا أن هذا اللقاء من أهم اللقاءات الدولية التي شهدها مصر وخاصة في هذا الوقت الحرج، مثنيا بقوله" نفخر بالأزهر الشريف راعيا لعلوم الدين". وحول الفكر النورسي، أكد "عبد السلام" أن الإمام النورسي أحد المصلحين المجددين في هذا العصر، وأحد رواد مدرسة التجديد الذى تولاها الامام محمد عبده في مصر، واصفا النورسي بقوله" هذا الرجل عاش في عصر اتسم بالاختلاف الفكري وتعثر الاراء لكنه سعى جاهدا لإزالة الرواسب الفاصلة بين المسلمين واهتدى الي الطريقة التي تمحى بها الخلافات بالفقه العلم والدين، فهو أحد من يمكننا أن نهتدى بهم".
الأتراك ما قبل النورسي فيما عبر الدكتور محمد عمارة عن تقديره للامام النورسي واصفا اياه ببحر من بحار العلم ، لافتا إلي حوار دار بينه وبين مفتي مصر الأسبق الدكتور محمد بخيت المطيعي سأله فيه عن رؤيته للمستقبل، فكان جوابه جواب المؤمن الذى يري بنور الله قائلا : تركيا حبلى بأوروبا وأوروبا حبلى بالاسلام. واستكمل عمارة : ظهر الامام في عصر توحشت فيه العلمانية والزندقة والإلحاد، وعندما حدث الانقلاب التركي كان الاساتذة يعلمون الاطفال أن الطبيعة هي الله ، فصعد الامام النورسي إلي شجرة ليثبت بالبرهان أن الطبيعة تشهد لنور الله باعثا للنفس قيمة الايمان من خلال الطبيعة التي أرادوا أن تكون بديلة لله تعالي . وفند عمارة بالأدلة كيف تغير حال الأمة من السيء إلى الأفضل ، فكما كانت فرنسا قد احتفلت بجنازة الاسلام، كان هو احد غزاتها ومستوطنيها، وكما أعدت ألمانيا الاسلام في المستوى الثالث عشر،يزداد عدد المسلمين فيها اليوم، وفي دراسة أفادت أن الاسلام سيغزو روسيا في عام 2050 ليستطيع المسلمون أن يحكوموا موسكو.
افتراءات الظالمين وقال الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر السابق، أن النورسي عاش حياته ليرد علي افتراءات الظالمين ومن حاولوا النيل من كتاب الله وسنة رسوله بأوروبا، وذلك من قبل أن تظهر حالات الاساءة للدين كما نراها اليوم ، وتدنيس للمصحف الشريف، ليقدم للعالم دفاعا عمليا روحيا واقعيا يرد به علي الشبهات، من أجل ذلك بارك الله في رسائله وعلمه.
وحذر هاشم من لأننا اليوم نمر بمرحلة صعبة وتوقيت تعاني فيه الدول من احتقان وتفرق ، ما يستوجب علينا أن يلتقي العلماء والمفكرين علي مأدوبة الكتاب والسنة، ففي الوقت الذي تجاوز فيه المسلمون خمس سكان العالم ،إلا أنهم متفرقون وفتحوا المجال للأفكار التي تريد النيل من وحدتنا.
تنبهوا أيها المسلمون أما الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية -سابقا-، فقد ذكر أن أعداء الاسلام نبشوا قبر الامام النورسي بعد اربعة أشهر من دفنه عام 1960، ونقلوا رفاته في مكان لايعلمه أحد ، وذلك لأنهم خافوا منه ميتا كما خافوه حيا. وتناول الدكتور علي جمعة ملف الوحدة بقوله : "جعلونا دولا بعد أن كنا دولة واحدة تحت راية الاسلام، فبعد أن اصبحت في العالم 200 دولة ، فإنهم يخططون لجعلها 400 دولة، يريدون أن يقسموا الدول الاسلامية"، محذرا : "تنبهوا أيها المسلمون فهذه صرخة من القاهرةواسطنبول". ودعا إلي إحياء ما تنبه إليه النورسي من علوم لنستطيع تحقيق الوحدة بين دول الاسلام، مشددا "تزلزل الاسلام والايمان، والعودة إليهما من الاحسان".
علامة فارقة من جانبه أكد الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر الشريف، أن ظهور النورسي يعد علامة فارقة في حقل الدعوة الاسلامية بتركيا وسائر الدول الاسلامية خلال القرن العشرين. واستطرد قائلا: لقد كانت حياته جهادا مستمرا من أجل العقيدة التي لقي في سبيلها العذاب واستطاع أن يحمل شعلة النور وسط الظلام حتي توفته المنية ، تاركا وراءه كليات رسائل النور. واستعرض العبد خطبة الامام النورسي الي ألقاها بالمسجد الأموي بدمشق ، باللغة العربي تحت عنوان "الخطبة الشامية"، برجاء من علماء الشام، التي قال فيها "علينا أن نحي الصدق في حياتنا الاجتماعية وفي نفوسنا ونداوي به أمراضنا المعنوية". وحول الوحدة الاسلامية، أكد العبد أنها حلم مازال يراود المسلمين في شتى بقاع الأرض، تحت راية القرآن والسنة الشريفة ، مؤكدا أن هذا الدين الحنيف يأبى أن يكون مهبا للأهواء.
موسوعة علمية كما أشار الدكتور نصر فريد واصل المتي السابق للديار المصرية، أن الإمام النورسي استطاع أن يغير في الأمة الاسلامية بإيمانه العميق وتمسكه بدينه، معلقا : أحتسبه من الذين قال الله فيهم " يرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ". ووصف واصل الامام النورسي بالموسوعة العلمية الشاملة ، حيث ترك خلفه أكثر من 120 رسالة علمية حول ما يتعلق بشتي أمور الحياة.
سياجا حضاريا ووجه الدكتور صلاح سلطان الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الاسلامية تحية للأتراك الذين اتبعوا منهج الامام النورسي ، معربا عن سعادته بالتعاون التركي الأزهري من أجل تحقيق الوحدة الاسلامية بقوله : بهذا التعاون الذي حضره وفود من أربعين دولة، نشكل سياجا قويا حضاريا في وجه المغرضين ، ونرجو أن نحقق به الوحدة الاسلامية الشاملة. وحول النورسي ، اشاد سلطان بمنهج الامام . مؤكدا أنه وجد بهذا المنهج عشر مبادئ انتقالية فيها النفع والخلاص من مشاكل الامة الاسلامية، فقد شكل المنهج نقلة نوعية تجاه عمارة المساجد والدراسات المنهجية والوحدة والائتلاف ، إلي جانب تحقيق الأخوة المجتمعية وثقافة الاعتدال والتعايش، والانتقال من فكر الفتاوى إلى فكر المجامع الفقهية، ومن احتكار الرجال للدعوة الي الله إلي مشاركة المرأة لذلك وفقا لضوابط شرعية، ومن العزوبية إلي الزوجية الكريمة، ومحاربة حياة الفقر والمسكنة بالغنى، وتحويل ردود الأفعال التلقائية إلي خطط مستقبلية. وفي ختام المؤتمر ، فجر الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر ، استعداد الجامعة لفتح فرع للكليات الأصولية من فقه وشريعة ، على أن تكون مؤسسة "اسطنبول" التركية وسيطة التواصل بين تركيا والازهر الشريف.
النورسي ورسائل النور تجدر الإشارة إلى أنَّ الإمام بديع الزمان سعيد النورسي (وُلِد في قرية (نُوْرس) الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام (1294 ه - 1877م) من أبوين صالحين كانا مضرب المثل في التقوى والورع والصلاح، وهو يُعَدُّ واحدًا من كبار أعلام الأمَّة الإسلامية وأحد مجدِّديها الذين بذلوا جُهودًا كبيرة في سبيل إحياء اليقظة الإسلامية، ونشر مبادئ الإسلام ومواجهة موجات التغريب التي تعرَّض لها العالم الإسلامي خلال النصف الأول من القرن العشرين، وقد اهتمَّ النورسي بحقائق القرآن ودراسة رسائل النور وتحقيق دساتيرها في الحياة. وتعد كليات رسائل النور هي مجموع ما كتبه الإمام الجليل سعيد النورسي -رحمه الله- : الكلمات، والمكتوبات، واللمعات، والشعاعات، وإشارات الإعجاز، والمثنوي العربي النوري، والملاحق، وصقيل الإسلام.