أثار القرض المقدم من السعودية والاتحاد الأوروبي لمصر، بعد إقرار مجلس الشورى، للقرض المقدم من السعودية مؤخرًا، حالة من الجدل بين جماعة الإخوان المسلمين عبر حزبها الحرية والعدالة، وحزب النور، الذراع السياسية للدعوة السلفية . ربا محرم الحزب السلفي، وعلى لسان رئيس كتلته البرلمانية عبدالله بدران، اعتبر أن مثل هذه القروض نوع من أنواع الربا المحرم شرعاً، معلناً لجوء حزبه إلى المحكمة الدستورية العليا لإيقاف تمريرها، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي المقدر بنحو 8 .4 مليار دولار، الذي ستستأنف الحكومة المصرية جولة جديدة من المفاوضات مع الصندوق قبل نهاية الشهر الجاري للحصول عليه بعد تعثر الجولات السابقة جراء تردي الأوضاع السياسية .
غير أن حزب الحرية والعدالة، رأى أن مثل هذه القروض سوف تحقق انتعاشة اقتصادية لمصر، على نحو ما ذهب القيادي في الحزب محمد البلتاجي بأن مثل هذه النوعية ستحقق نقلة نوعية للاقتصاد الذي يعاني تدهوراً واضحاً جراء الميراث المتراكم الذي خلفه النظام السابق لمصر .
ورد على تحريك حزب النور دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية لوقف مثل هذه القروض، بتأكيده أن "هذا حق حزب سياسي كبير مثل حزب النور، وله أن يلجأ إلى القضاء في ما يمكن أن يكون مستشكلاً حوله"، معتبراً أن العبرة ليست في قرض صندوق النقد بحد ذاته،بقدر ما هو شهادة على تعافي الاقتصاد المصري، تمهيداً لجذب الاستثمارات، كما أن القرض الأوروبي لمصر بداية قوية لتعزيز التفاوت الاقتصادي بين الجانبين، الذي يعد الأول من نوعه بعد الاستحقاق الرئاسي .
الاخونة والاستيعاب وانعكس هذا السجال على تجاذب ظهر واضحاً على مدى يومين بين نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية ياسر برهامي، والمتحدث باسم جماعة الإخوان أحمد عارف، فالأول انتقد في تصريحات إعلامية ما وصفه ب"أخونة الدولة" وسيطرة الجماعة على مفاصل الدولة، دون إتاحة الفرصة لأي فصيل سياسي آخر، فضلاً عن انتقاده الجماعة لسعيها إلى تحجيم الدعوة السلفية . إلا أن عارف رد بأن مصر تستوعب الجميع، وأنه ليست هناك مساعٍ من جماعته للسيطرة على مفاصل الدولة المصرية،"فالوطن يستوعب الجميع، المشروع الإسلامي ليس حكراً على جماعة الإخوان وحدها، والجميع مدعوون للمشاركة في الإسهام في تحقيق هذا المشروع" .
وذكرت صحيفة "الخليج" الاماراتية أن هذا التجاذب يأتي بعدما تداول نشطاء فيديو منسوباً إلى برهامي ينتقد فيه جماعة الإخوان أحد الدروس الدينية الموجهة إلى أبناء الدعوة السلفية ، مستعرضاً مواقف الجماعة مع الدعوة السلفية إبان النظام السابق ومنعهم من الوجود بالمساجد التي كانوا يسعون للإشراف عليها في مدينة الإسكندرية .
وقال ياسر برهامى أن الإخوان المسلمين إذا تمكنوا سيقضون على الدعوة السلفية وذلك ليس افتراء عليهم ولكنه عن تجربة عملية معهم ومن طريقتهم التى عانوا منها كثيراً، مضيفا أنهم سبق وألقوه خارج المسجد أثناء الاجتماع معهم فى وقت لاحق على الرغم من مخالفتهم للاتفاق حينها.
وأكد برهامى أنه لن ينسى هذا الموقف لأن كان له تأثيرا شديدا فى نفسه، مضيفا انهم قد لا يتذكروه وإن تذكروه سوف يندمون عليه الأن .
واختتم برهامى تصريحاته والتي كانت رداً على سؤال طرح فى أحد اللقاءات مع مجموعة من أفراد الدعوة السلفية ان الوسيلة الصحيحة لحسن العلاقة مع الأخوان المسلمين هو التواجد القوى ، حينها ستكون العلاقة ممتازة ، مؤكدا ان ذلك انفع لهم وانفع للدعوة السلفية . ولوحظ تعاظم السجال بين الإخوان والسلفيين خلال الأسابيع الأخيرة بعد جولتي حوار حزب النور مع قادة جبهة الإنقاذ الوطني، وفق المبادرة التي طرحها الحزب ورأى مراقبون أنها تصطدم مع ماهو ثابت لدى حزب الحرية والعدالة، والمتمثلة في إقالة النائب العام وإطاحة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني في الوقت الذي يمكن أن تتزايد فيه هوة الخلاف بين الحزبين مع اقتراب التحالفات الانتخابية، ويسعي كل حزب إلى جذب أحزاب إسلامية أخرى لخوض المعركة الانتخابية من خلالها .
والأخطر أن يصدر حكم من المحكمة الدستورية العليا بإبطال القروض، خاصة بعد إقرار مجلس الشورى للقرض السعودي، الأمر الذي لا يضع حزب الحرية والعدالة أمام أزمة فقط بقدر ما سيضع مبدأ القروض من الأساس في أزمة، مما قد يؤدي حينها إلى تعقد التحالف السياسي بين الحزبين فضلاً عن الانتخابي .
زيادة الأزمة من جانبه أكد نادر بكار المتحدث باسم حزب النور وعضو الهيئة العليا للحزب لصحيفة "الأهرام " أن القروض التي تأتي من الخارج يجب ألا تستخدم لسد عجز بالموازنة , فلا يمكن أن يقرضنا أحد لذلك السبب, فسد العجز بالقرض سيزيد من الأزمة وينتج عنه زيادة الدين وتراكم فوائده, فالمقرض يعطي للتنمية الاقتصادية .
وقال بكار "فرفضنا لفكرة القروض لأنها كانت سياسة النظام السابق ولم يتغير ذلك, بالاضافة الي أنه لم توضع لنا بدائل لحل الأزمة, فصانع القرار لابد أن تتوافر له بدائل ويختار منها أقلها تكلفة وأكثرها عائدا, وكل ما يذكره هو الاضطرار وهذا لا يعني أن النظام لا توجد لديه شفافية". يضاف الي ذلك, أن سمعة صندوق النقد الدولي في التعامل مع دول العالم الثالث سيئة جدا, ودائما ما يستغل مشاكل العالم الثالث ليفرض عليه تبعيته, وهذا يخالف المطلب الثوري بالتحرر التام من أي تبعية لأحد, فصندوق النقد الدولي هو أحد الأذرع العالمية التي تفرض تبعية علي الدول التي تتعامل معها.
ونحن لا نرضي أن نكون حقل تجارب لهذا الصندوق, بالإضافة الي أن الحديث عن القرض يعطي انطباعا لدي رجل الشارع أن كل مشكلاته ستحل وبالرغم من أن هذا لم ولن يحدث ولكن ستزيد أزمته وسيتم وضع شروط قاسية جدا عليه.